بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد
الله نور السماوات والأرض
بعد الاحساس بدنو الاجل :
احببت ان أطرح بعض الاسرار التي الهمنا بها والتي لم بتطرق اليها احد من قبل على ان يستفاد منها الاخوان المؤمنين وتصبح لديهم فكره عن نور الله عز وجل وكيف يدار هذا الكون وعن الروح والنفس والارتقاء في منازل السائرين والقرب الالهي والبعد وتفنيد بعض المعارف التي ورثناها ورددناها على علم ام جهل الله اعلم .
نور الله :
_____
أخبر الله " عز وجل " عن ولايته للذين آمنوا فقال : " الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات الى النور "
والنور من أسمائه سبحانه , فما مفهوم النور ؟
في البحث العرفاني للسيد السبزواري في كتابه " مواهب الرحمن في تفسير القران " في تفسير قوله تعالى " يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيراً مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفو عن كثير قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين "
لفظة النور في الكتب السماويه كثيره , ولا سيما في القرآن الكريم على النحو الآتي :
الأولى : مضاف الى نفسه الأقدس قال جل شأنه : " الله نور السموات والارض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح " وقوله تعالى : " يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره " وقوله تعالى : " ومن لم يجعل الله له نوراً فما له من نور " وفي الدعاء المأثور : " أنت نور السموات والارض " .
الثانيه : مضاف الى خلقه , مثل قوله تعالى واصفاً أحوال المؤمنين في يوم الحساب : " نورهم يسعى بين أيديهم " .
الثالثه : مضاف الى الكتب النازله من عنده " عز وجل " على رسله الكرام كما قال جل شأنه : " إنا أنزلنا التورات فيها هدى ونور " وقال تعالى : " وآتينا الانجيل فيه هدى ونور " وقال تعالى : " فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا " وهو القرآن الكريم .
الرابعه : مضاف الى الرسل والانبياء , قال تعالى في وصف نبينا الأعظم " صل الله عليه واله " : " يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً * وداعياً الى الله بإذنه وسراجاً منيراً "
الخامسه : مضاف الى الدين النازل من السماء , قال تعالى : " هو الذي يصلى عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات الى النور وكان بالمؤمنين رحيماً "
والجامع بين هذه الاقسام هو الحق فيدور مداره .
السادسه : اختص النور بغير هذا العالم ؛ أي : عالم البرزخ , والقيامه , قال تعالى : " وأشرقت الارض بنور ربها ووضع الكتاب وجىء بالنبيين والشهداء وقضى بينهم بالحق وهم لا يظلمون " وقال تعالى : " يوم لا يخزى الله النبي والذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم يقولون ربنا أتتم لنا نورنا وغفر لنا إنك على كل شيء قدير " .
ويمكن أن يقال : إن جميع تلك الاقسام يرجع اليه سبحانه وتعالى لما اختص به من إشراق الجلال , وسبحات المعظم , التي يضمحل دونها كل شيء , وإن سائر الأنوار بارقه , ورشحه من ذلك النور العظيم كما جاء في بعض الدعوات الأثوره , ولولاه لكانت الظلمات فاشيه ومستقره , نعم للاضافه أثر خاص يحصل من الاستعداد والأهليه لذا يقع فيه الاختلاف .
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
أقول : من خلال تلك الآيات وغيرها جاء تعبير النور في مواقع مختلفه , نستدل منها على أن النور ليس ذلك النور الذي نتصوره بأنه مجرد ضوء صادر من الله " جل جلاله " بل هو مجموعة من القوانين والتشريعات والانظمه التي من خلالها نظم ذلك الكون الواسع " بأدق الانظمه حتى اصبح يسير بنظام دقيق كلاً لما سخر له , ومنها ما يخص الانسان بأرتقاءه الى درجات عليا أو نزوله الى أسفل الدرجات , كلها موجوده وثابته في عالم الملك , وكل المخلوقات لها قابيلة الاستلام من ذلك النور فقط لما سخرت له , ألا الانسان لديه قابيلة أستلام درجات عاليه أو واطئه من ذلك النور للارتقاء أو الهبوط .
ان نور الله من ذات الله تعالى لايمكن ادراكه ومعرفة كنهه , وما المقصود بالنور هل هو كنور الشمس ونور المصباح ؟ .
نور الله ذلك السر الخفي والصادر من الذات الالهيه وانه غير مخلوق , ولا تستطيع حواسنه المحدوده معرفة ذلك النور ومعرفة طبيعته كما استطاع الانسان بتحليل نور الشمس ومعرفة الوانه واطيافه ,
نور الله هو السر الذي يدير ويدبر به الله " جل جلاله " عالم الملك . ومن خلال ذلك النور يسمع الله ويرى أعمالنا وما نخفي في أنفسنا .
وكل ما نستطيع معرفته هو صفات ذلك النور من خلال الآثار في عالم الملك
ولكي نعرف النور الالهي علينا الاجابه عن الاسئله التاليه ؟
1 - أين الله ؟؟
2 - هل آدم أول المخلوقات ولماذا سجدت الملاكه لآدم ؟
3 - الروح مخلوقه أم لا ؟
4 - مقامات النفس ؟
الجواب :
1 - أين الله :
أين الله سؤال طالما طرح من أزمان مختلفه والحقيقه لم يكن هناك جواب شافي أو مقنع لدرجة تصور الكثير أن الله " جل جلاله " فيهم كما قال المتصوف ابو يزيد البسطامي في شطحاته ويعتبر عندهم " سلطان العارفين " : قال " لا إله الا أنا فاعبدوني " , وقال أيضاً " سبحاني ما اعظم شأني " . وشطحات الحلاج عندما قال " انا الله " .
ومنهم من تسأله " أين الله " فقط يقول في كل مكان , ولكن كيف لا يعرف هو نفسه أن يرد عليك , كل ما عليه الا أن يقول لك ألم يقول الله " جل جلاله " : " وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ ۖ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ " .
صدقت ولكن قولي كيف ؟ لأن ذلك يجعلنا نتوهم بالحلول , وهل يقبل العقل أو المفهوم القرآني ذلك , بأن ذات الله في كل مخلوقاته ؟
عندما تسأل قال الله " سبحانه في كتابه الكريم : " الرَّحْمَٰنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَىٰ "لم اجد في التفاسير ولا في أقوال العلماء أو العارفين والمتصوفه جواب مقنع , هناك تأويلات وأن كانت مقنعه لاكنها لم نجد فيها ضالتنا وهي أين الله .
في تفسير الميزان للسيد الطباطبائي في تفسي قوله الرحمن على العرش أستوى : "
" هذا ما تيسر لنا من توجيه الرواية فيكون بابه باب التسمي بمثل تأبط شرا ومن قبيل قوله:
أنا ابن جلا وطلاع الثنايا * إذا أضع العمامة تعرفوني يريد أنا ابن من كثر فيه قول الناس: جلا جلا حتى سمي جلا.
وفي احتجاج الطبرسي عن الحسن بن راشد قال: سئل أبو الحسن موسى عليه السلام عن قول الله: " الرحمن على العرش استوى " فقال: استولى على ما دق وجل.
وفي التوحيد بإسناده إلى محمد بن مازن أن أبا عبد الله عليه السلام سئل عن قول الله عز وجل: " الرحمن على العرش استوى " فقال: استوى من كل شئ فليس شئ أقرب إليه من شئ. أقول: ورواه القمي أيضا في تفسيره عنه عليه السلام ورواه أيضا في التوحيد بإسناده عن مقاتل بن سليمان عنه عليه السلام ورواه أيضا في الكافي والتوحيد بالاسناد عن عبد الرحمن بن الحجاج عنه عليه السلام وزادا " لم يبعد منه بعيد ولم يقرب منه قريب أستوى من كل شئ ".
وفي الاحتجاج عن علي عليه السلام في حديث " الرحمن على العرش استوى " يعني أستوى تدبيره وعلا أمره.
أقول: ما ورد من التفسير في هذه الروايات الثلاث تفسير لمجموع الآية لا لقوله " استوى " وإلا عاد قوله: الرحمن على العرش " جملة تامة مركبة من مبتدء وخبر ولا يساعد عليه سياق سائر آيات الاستواء كما تقدمت الإشارة إليه.
ويؤيد ذلك ما في الرواية الأخيرة من قوله: وعلا أمره " بعد قوله: " استوى تدبيره " فإنه ظاهر في أن الكون على العرش مقصود في التفسير فالروايات مبنية على كون الآية كناية عن الاستيلاء وانبساط السلطان.
وفي التوحيد بإسناده عن المفضل بن عمر عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من زعم أن الله من شئ أو في شئ أو على شئ فقد أشرك. ثم قال: من زعم أن الله من شئ فقد جعله محدثا، ومن زعم أنه في شئ فقد زعم أنه محصور، ومن زعم أنه على شئ فقد جعله محمولا"
أقول : سيدنا فقط أكتفيت بنقل قول المعصومين " عليهم السلام " ولكن لم تشرح لنا كلامهم وما وراء قولهم , لكن السؤال هل فهمت ما قاله المعصومين " عليهم السلام " وهل لديك معرفه بالمفهوم القرآني لترشدنا الى ضالتنا ؟
أعلم أخي : لم نجد أحد يوصلنا الى تلك الحقيقه ولو بشيء بسيط وأن كان علمها عند الله " سبحانه وتعالى " لكن نطرح ما لدينا عسى أن نصيب الحقيقه أو تقربنا اليها لكي نصحح أفكارنا ونخرج من وهم الحلول .
ولكي أوضح لك الصوره علينا أولاً شرح الآيه الكريمه : " وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا " .
أعلم : أن النهار هو تجلي من تجليات الشمس , وأن وجود النهار من وجود نور الشمس , بمعنى لا وجود للنهار بل كل ما يوجد هو نور الشمس وانا نطلق عليه النهار مجازاً بدلالة اذا حجب نور الشمس فلا وجود للنهار , فالارض نفس الارض بما فيها , الذي يحدث ان وجد ذلك النور اطلقنا عليه نهار واذا اختفى فاطلقنا عليه ليل فقط للتميز بين وجود نور الشمس وعدمه , كما ان نور الشمس فيما نسميه نهار يكون في كل مكان حتى في الظل .
السؤال : هل ذلك النور هو ذات الشمس ؟
الجواب : طبعاً كلا , لأن ذات الشمس هي مجرد براكين ونار بدرجات لا تستطيع المخلوقات تحملها .
سؤال : هل ذلك النور جزء من الشمس ؟
الجواب كلا , لأن طبيعة ذلك النور يختلف عن طبيعة الشمس , الشمس كتله من النار . رغم انا نقول ( من ) هنا ( من ) بمعنى صادر منها نتيجة طبيعتها الناريه التي يصدر من نارها النور " الضوء " .
سؤال : هل يمكن للشمس ان تنزل للارض ؟
الجواب طبعا كلا والف كلا , لان طبيعة نارية الشمس وقوة حرارتها فانها سوف تحرق كل شيء , اضافه الى طبيعتها الناريه التي لا تستطيع المخلوقات تحملها , لذلك شاء الله ان تكون في ذلك البعد من كل شيء حتى تؤدي ما سخرت اليه ويستفاد من نورها جميع المخلوقات .
ان نور الشمس ليس هو ذات الشمس وليس جزء منها بل هو صادر منها . وان وجود ضوء الشمس قي كل مكان ليس يعني وجود ذات الشمس في كل مكان . فافهم ذلك ؟
الغايه من شرح الايه الكريمه ولو بشيء مبسط هو نريد أن نوضح وجود الله في كل مكان .
" الله نور السموات والارض " نور الله في كل مكان وبه يدير ويدبر عالم الامكان من نظم وحياة وارزاق واستجابت الدعاء , هو ليس نور المقصود منه ( الضوء ) بل هو كل النظم والقواني والتدابير من حركة الافلاك وحياة الانسان والزرع والمياه في البحار والانهر وكل ما يسير عالم الامكان .
وذلك النور ليس هو ذات الله " جل جلاله " وليس جزء منه , بل هو صادر منه .
عالم الامكان اذا صح التشبيه هو كحبة خردل في كف احدكم ويطبق عليها , وان يدك تحيط بتلك الحبه من جميع الاتجاهات , فكذلك عالم الوجود هو في كنف الله يحيط به من كل جانب . " وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ ۚ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ " . وفي اي اتجاه يكون في الاعلى لكونه محيط بعالم الامكان , " تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ " , والنزول لا يأتي الا من الارتفاع والعلو , وفي أي اتجاه نظرت فان الله في العلو لأنه محيط بكل شيء , هذا حسب المفهوم القراني .
ومن خلال ذلك النور الذي وهبك الحياه هو اقرب اليك من حبل الوريد ويعلم ما توسوس به نفسك , الم يقل اني: " اسمع وارى " فانه سبحانه وتعالى يسمع ويرى بذلك النور في نفسك بل في كل مكان من عالم الامكان بل يرى النمله السوداء في الليله الظلماء .
لأن عالم الامكان لا يستطيع ان يتحمل ذات الله من ناحيه الذات المقدسه غير محدوده ولا يستطيع المحدود ان يحتوي الغير محدود , كذلك عالم الامكان لمحدودية خلقه ليس لديه القدره لتحمل ذات جلاله التي لا يعرفها الا هو .
" وَلَمَّا جَاءَ مُوسَىٰ لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ ۚ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَٰكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي ۚ فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَىٰ صَعِقًا ۚ فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ " , ذلك الجبل لم يتحمل تجلي الله سبحانه فما بالك بذاته المقدسه , وهذه الايه الكريمه وغيرها اضافه الى العقل والمنطق , يدل على استحالت وجود ذاته المقدسه في عالم الامكان , بل الموجود هو نوره كما ضرب لنا مثلاً في الايه الكريمه " والنهار اذا جلاها " وايضاً " وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ " .
اعلم عزيزي : ما اردت ايصاله اليك أن الله محيط عالم الامكان وان نوره هو الذي يدير به عالم الامكان , وان هذا النور ليس ذات الله وليس جزء منه كما حكينا عن الشمس بل هو صادر منه .
وما طرحناه في هذا البحث لا يخالف قول المعصوم : " من زعم أن الله من شئ أو في شئ أو على شئ فقد أشرك. ثم قال: من زعم أن الله من شئ فقد جعله محدثا، ومن زعم أنه في شئ فقد زعم أنه محصور، ومن زعم أنه على شئ فقد جعله محمولا ".
قد نكون بهذا البحث قد اصبنا ولو شيء بسيط من تلك الحقيقه القرانيه , والله العالم .
وان شاء نستمر في شرح واجابه الاسئله التي طرحناها . من خلال المفهوم القراني لنور الله .
والحمد لله رب العالمين
Comments: (0) إضافة تعليق
التعليق على الموضوع :