بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد
العرفان العملي / منازل التوب
اعلم : اخي السالك هناك عشرة منازل للتوبه على السالك اجتيازهن بصدق وتطبيق فعلي حتى ينال زينة التوبة وينال مكافأة التوبه ويصبح من التوابين ومن اللذين يحبهم الله لكي يستقبل الفيوضات الالهيه كلاً حسب توجهه ومراقبته لنفسه ، ويضع قدمه على اول خطوه للسلوك الحق ، ونذكر لك تلك العشرة منازل عسى الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا وأياكم للانتباه والرجوع للحق تعالى عسى أن يمن علينا بفيوضاته .ى
المنزل الاول : الصحوه
اخي العزيز : هل حدث أن تفكر بالخلاص قبل الوقوع في المطبات وأن تنقذ ثروتك قبل الافلاس ؟ فهذه الثروه ، هي ثروة عمرك ، وهذا الخلاص هو صحوتك ، تذكر كم لك من العمر ؟ .
اطبق جفنيك وحلق في أجواء ماضيك ، تراه مر مرور السحاب وصار حلماً وخيالاً ، تصور أن لك ن تحيا مثل هذا من العمر فسوف يكون هذا الآخر حلماً وخيالاً ليس إلا .
( قال كم لبثتم في الارض عدد سنين ، قالوا لبثنا يوماً أو بعض يوم ) .
فلما كان العمر والحياة هكذا حلماً وخيالاً ، حري بك أن تصحوا من نوم الغفله ، من هنا نجد رسول الله " صل الله عليه واله " ينصح أبا ذر قائلا :
( يا أبا ذر! إنكم في ممر الليل والنهار في آجال منقوصه وأعمال محفوظه والموت يأتي بغته ، ومن يزرع خيراً يوشك ان يحصد خيراً ، ومن يزرع شراً يوشك أن يحصد ندامه ، ولكل زارع مثل ما زرع ) .
عسى أن يكون لكل ما انساق من كلام وقع في قلبك وضميرك ليثمر صحوتك ، فهذه هي الخطوه الاولى فليس للنائم سير وسلوك وإن سار فإنه لا يميز درب الهناء من درب الشقاء .
سمعت او قرأة حكاية الشاب نابش القبور ، تذكر مبعث تهافته على التوبه والتجائه أربعين يوماً الى الجبل لم يكن ذلك إلا صحوته ، ولم يردع فضيلة السلاب من السلب إلا صحوه نال حظه منها بسماعه الآيه : ( ألم يأن للذين آمنوات أن تخشع قلوبهم لذكر الله )
فهل لم يأن أوانك أنت ؟ فإن كنت تشعر به قد آن تشبث به ، فاللحظه لحظه ميمومنه ، اصح وفكر فالزمان ماض سريعاً ، انصت الى صوت ساعتك ؟ إنه وقع أقدام العمر يمضي فما أسرع خطاه !!
فإن ظفرت بمثل هذه الصحوه ، فاعلم أنها البارقه الاولى التي تظهر في قلب السالك ، فإن أهملتها انكفأت وإن جهدت أن تنميها ، أحجب في قلبك غلياناًثم ثوره .
كن بانتظار هذه البارقه فكر بها ، احسب أولاً نعم الحق تعالى عليك ولا تعتبر الدنيا كما نوهنا لك لعباً ولهواً ، كن واثقاً أن لخلق الانسان غايه وهدفاً ، ولما تنتبه لهذه الحقيقه عد للتفكير بما صدر عنك فيما مضى من قصور وتهاون ، فكم أهدرت من عمرك سدى ثم اعقد العزم على تدارك ما فاتك ، فإن اندلعت في قلبك نيران هذا الحب ، فاعلم انك تجاوزت المنزل الاول ووةقفت على أعتاب المنزل الثاني .
المنزل الثاني : القيام
يقول الله تعالى : ( قل إنما أعظكم بواحده أن تقوموا لله ) .
الأساس في المنزل الاول هو التفكير وتفعيل الاراده ، وفي المنزل الثاني السير والحركه ، ولتعلمن أن المحرك هو الله ، والحركه إليه ، فمنطلقك ومبدأ حركتك منه ولكنك ألجمت نفسك وكبلت ارادتك ، فالنفس والذات هي نقطة الانطلاق ، ما كان منك حتى الآن إلا حب الذات والتفاني في الذات والانصياع لأمر الذاات ، فدعها وانتهج منذ اللحظه حب الله والتفاني في الله والانصياع لأمر الله ، فأنت لا تظفر بلقاء الله إلا بتنكرك للذات ولا تبلغ مشارف البحر ما دمت قانعاً بقطرة ماء ، تخل عن ذرات الارض لتعانق شموس السماء .
احسب ما انهدر من عمرك حتى الآن تبياناً وسجل تاريخ اليوم تذكاراً ، اجعله يوماًً تاريخياً تحتفل به سنوياً فلا سرور وبهجه أعظم من سرورك اليوم ، فما انقضى من أيامك راح سدى ، ولكن اليوم ستكون له ذكرى ساره ، ذكرى إقبالك عليه .
صرت مهاجرا سالكاً إليه منذ اليوم ، تركت منزل نفسك ونهضت تطلبه ، ( ومن يخرج من بيته مهاجراً الى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله ) .
الآن وقد عرفت حقيقة نفسك وحددت وجهتك فلا تتساءل الى أين المسير ؟
اعلم ان هذا الطريق هو طريقك الى ديار الحبيب ، تستهدي السبيل بأنوار وجهه ، لا يضيع سالكه دربه أبداً ، وكيف يكون ذلك وهذا الطريق هو الصراط المستقيم ، صراط تتضرع الى الله على الاقل عشرات المرات يومياً فيمات تؤدي صلاة أن يهديك إليه
أن : ( إهدنا الصراط المستقيم ) .
ولكن لي معك حديث وحديث حول هذا الطريق ، تعلم انك لبلوغ أيه نهايه لابد أن تسلك أحد طريقين لا غير ، أولهما وهو أقصرهما : الطريق المستقيم ، والخط المستقيم هو أقصر مسافه بين أيه نقطتين .
وسالكو الطريق المستقيم هم الذين يظفرون بنعمة وصال ربهم ، من هنا يقول تعالى بشأن هؤلاء السالكين : ( الذين أنعمت عليهم ) .
إلهي إهدنا السبيل الى صراطك المستقيم ، إلا أنه هنالك من يولي هذا الطريق ظهره تهرباًمن الحق ، فيسلك طريقاً يسميه الحق تعالى ( طريق المغضوب عليهم ) ، وأما الطريق الثالث فإنه طريق يسلكه التؤاقون للقاء الله ولكنهم لم يهتدوا الى الطريق المستقيم ، فما دونه السبل كثرة ، لكل سالك أن يسلكها ، ولكنها مسافه أطول وقد يضل سالكها فتنتهي فرصة االعمر وما زال الهدف بعيد المنال ، من هنا أسماهم الله الضالين ، فلتقرأ منذ اليوم الآيه التاليه في صلواتك من صميم قلبك .. أكرر : من صميم قلبك : ( إهدنا الصراط المستقيم ، صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين ) .
واتلآن اعلم ان السبل جميعاً لله تعالى ولكنلا يهتدي الى صراطه المستقيم والسبيل الى دياره إلا من يحب من عباده .
( ولله المشرق والمغرب يهدي من يشاء الى صراط مستقيمة ) .
تتساءل : ماذا أصنع لأهتدي الى هذا الصراط ؟
تشبث بنهجه واعتصم به به فإنه بشرك بوعده : ( ومن يعتصم بالله فقد هدي الى صراط مستقيم ) .
ذكرنا خصائص لهذا الطريق ، أولها أنه الأقصر من بين جميع السبل ، وثانيها أنه لا ضلال لسالكها ، وثالثها أنه سبيلك للقاء ربك . ففي هذا السبيل لك أن تلتقي جميع الأنبياء وذرياتهم وهم الائمه الطاهرين " عليهم السلام " ومنهم الأنبياء زكريا واسحاق ويعقوب ونوح وسليمان وأيوب ويوسف ويحيى وعيسى والياس واسماعيل واليسع ويونس ولوط وهم من فضلهم الله على العالمين وأسماهم الصالحين ، هذا ما تحدثنا به الآيه : ( ومن آبائهم وذرياتهم وإخوانهم ، وجتبيناهم وهديناهم الى صراط مستقيم ) .
تسألني بالتاكيد : عن علامات هذا السبيل ، سوف أحدثك عنها لتعرف ما إذا كنت تسلك هذا السبيل ، أولاً : فأولى العلامات هي أن تتبع رسول الله محمد " صل الله عليه واله " وتخطو مثل خطاه وتلتزم بنهج العبوديه ، فهذا هو الصراط المستقيم : ( أن الله ربي وربكم فاعبدوه ، هذا صراط مستقيم ) ، وقد قال سبحانه وتعالى : ( وان صاعبدوني هذا صراط مستقيم ) وقال أيضاً : ( إنك لمن المرسلين على صراط مستقيم ) .
مرحى لمن اختار هذا السبيل نهجاً في حياته وتفانى فيه إخلاصاًلربه فنال رضاه ، لايهم إن كان مضيهم فيه متوئداً أم سريعاً ولها أم كرهاً ، فقد التحقوا بربهم ولم يعدلوا عن دربهم ، فهل لهؤلاء شبه مع المغضوب عليهم ، الذين اختاروا طريقاً معاكساً لطريقهم ؟
استمع الى القرآن يرد عليك : ( أفمن يمشي مكباً على وجهه أهدىي أمّن يمشي سوّياً على صراط مستقيم ) .
الآن وأنت تعتزم السفر وشددت رحالك بإذن الله .. أمهلني أنوه لك بإشاره أخرى ، سوف يظهر لك الشيطان منذ اللحظه على هيئة الانسان سواء في باطنك أو في العالم الخارجسي ، محاولاً سد الطريق في وجك والحيلوله دون مضيك فيه ، كن منتبهاً وخاصمه على امتداد مسيرك : ( قال فبما أغويتني لأقعدنه لهم صراطك المستقيم ) .
فكل من صدك عن سلوك هذا السبيل أو عرقل عباداتك واستمالك الى الخطيئه كلهم شياطين ، تنبه لهم واحذرهم .قال تعالى : ( الذي يوسوس في صدور الناس ، من الجنّه والناس ) ، وأنت صممت على ترك الشهوات واللذات الدنيويه المنحطه .
أيها العزيز :
انك لما تترك الجفاء تفنى في ذات الله ولكن السبيل إليه ضيق محرج والشيطان يتربص بك ، إجهد أن لا تنحرف عن المسير ،
"" ترك الهوى هو العروه الوثقى ، فبه تعرج نفسك الجامح الى السماء العلى ""
فالانطلاق فيه لا يعاب عليه بل العوده والفشل في المضي فيه ، فكل من يقبل على طريقلا ما يكون قد ولى ظهره الى طريق آخر ، فأنت أن لم تحد عن الطريق الذي كنت تسلكه حتى الآن لا يكون لك المضي في غيره ، ومن متطلباته تغيير الأصحاب والمعارف ، التصورات والافعال ، طريقة النوم والاكل والكلام والكتابه ، فالاتجاه اتجاه جديد والمطلوب مطلوب آخر ، لقد تركت الجدب وأتيت البستان ، هربت من حقل الأشواك والتجأت الى روضة الأزهار رائحة أخرى تداعب شامتك وتذوق نفسك طعماً آخر : ( فإذا عزمت فتوكل على الله ) .
تخل عن عاداتك وعن الاغيار وتوجه إليه وحده ، فلا خوف عليك ولا ضرر من هذا القرار ، فضررك يكمن في إدبارك عما صممت عليه وأنت لا تعرف أن الفرصه سوف تفسخ لك ثانيه أم لا :
تزود من الدنيا فإنك راحل ........... وبادر فإن الموت لا شك نازل
والحمد لله رب العالمين
Kommentare: (0) إضافة تعليق
التعليق على الموضوع :