زيغ القلوب .. الدرس الثالث عشر

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد
زيغ القلوب


معنى الزيغ :
عن الامام الكاظم _ عليه السلام _ مع هشام بن الحكم { ان الله حكى عن قوم صالحين , انهم قالوا : ربنا لا تزغ قلوبنا بعد اذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمه انك انت الوهاب , علموا ان القلوب تزيغ وتعود الى عماها ورداها , انه لم يخف الله من لم يعقل عن الله , ومن لم يعقل عن الله لم يعقل قلبه على معرفة ثابته ويجد حقيقتها في قلبه , ولا يكون كذلك الا من كان قوله لفعله مصدقآ وسره لعلانيته موافقآ , لان الله تعالى اسمه .. لم يدل على الباطن الخفي من العقل الا بظاهر منه وناطق عنه ..} 
الزيغ : الميل عن الحق ومنه قوله تعالى ( فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم ) .. اي فلما مالوا عن الحق والطاعه أمال الله قلوبهم عن الايمان والخير .. وفي الدعاء _ لا تزغ قلبي بعد اذ هديتني _ اي لا تمله عن الايمان , والمراد لا تسلبني التوفيق بل ثبتني على الاهتداء الذي منحتني به ..
والزيغ : الشك والحول والعدول عن الحق ..
بعد ان عرفنا معنى الزيغ ,, علينا ان نعرف ان صلاح الانسان واستقامته ليس كافيآ من عدم الزيغ والانقلاب ,, الا اذا كان ذلك الصلاح مبنيآ على ثوابت واسس شرحنا قسم كثير منها في دروسنا السابقه ,, 
حديث الامام الكاظم _ عليه السلام _ يشير الى هذه الاسس الاخرى والذي يظهر من الحديث الشريف ان الانسان لكي لا ينحرف عن خط الهدايه ولا ينقلب ,, ولا يزيغ , فعليه ان يستعين بالله تبارك وتعالى وان يطلب منه ثلاثة نفحات وهي : 
1 _ الهدايه ..
2 _ الامان من الزيغ ..

3 _ الرحمه الالهيه اللدنيه ..


لذلك سنشير في هذا المقصد الى المحاور التي لها دور في الحصول على هذه المفاهيم الثلاثه :
المحور الاول : دور العلم : للعلم دور كبير في هداية الانسان , فبالعلم يستطيع الانسان ان يحدد مواقع الخطر , وبالعلم يستطيع ان يعمر قلبه بعبادة الله تبارك وتعالى , فعن امير المؤمنين - عليه السلام - (( العلم نعم الدليل )) .. ولذلك نجد الامام الكاظم - عليه السلام يذكر - في الحديث المذكور في الدرس السابق - ان بداية التوجه الى الله سبحانه والطلب منه تعالى بعدم الزيغ يبدأ بالعلم فقال (( علموا )) ..
المحور الثاني : دور الدعاء : كما للعلم دورآ في هداية الانسان , فان للدعاء دورآ كبيرآ في نجاته ايضآ وهذا واضحآ جليآ في النصوص الشريفه الوارده في القران الكريم وروايات المعصومين - صلوات الله عليهم - قال الله سبحانه { قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم } وقال تبارك وتعالى { واذا سالك عبادي عني فاني قريب اجيب دعوة الداع اذا دعان } وقال رسول الله - صل الله عليه واله - (( الدعاء سلاح المؤمن )) وعن امير المؤمنين - عليه السلام - (( الدعاء مفتاح الرحمه ))
وتتجلى اهمية الدعاء في ان الانسان يتعرض لاخطار عديده في حياته فهناك اخطار في الدنيا واخرى تنتظره في الاخره ان لم يعد لها العده , غير ان اعظم الاخطار التي تواجه الانسان هو ضعف النفس لانها مقدمة الهلاك في الدنيا والاخره , ولذلك افضل علاج لهذا الضعف هو طلب الرحمه الالهيه ... ولو طالعت في الادعيه القرآنيه او ادعية المعصومين تجد انها تدور حول مواضيع شتى غير ان اهم دعاء يسبب نجاح الانسان وسعادته ان يطلب كمال القلب والذي يتجسد في حصوله على الرحمه الالهيه اللدنيه { وهب لنا من لدنك رحمه } ..
وهذه الرحمه هي ولاية الحبيب المصطفى محمد وآل محمد - صلوات الله عليهم اجمعين - قال الله تعالى { وما ارسلناك الا رحمه للعالمين } .. عن الامام زين العابدين - عليه السلام - (( اللهم انك ايدت دينك في كل أوان بامام , جعلته علمآ لعبادك ومنارآ في بلادك بعد ان وصلت حبله بحبلك وجعلته الذريعه الى رضوانك , وافترضت طاعته وحذرت من معصيته , وأمرت بامتثال أوامره , والانتهاء عن نواهيه , وكهف المؤمنين , وعروة المتمسكين , وبهاء العاملين )) .
فالولايه تؤمن الزيغ ولكن بشرط العمل , والامتثال , والتسليم لهم - صلوات الله عليهم -
والحمد لله رب العالمين

***********************


***********************

Post a Comment

التعليق على الموضوع :

أحدث أقدم