الأخلاق والآداب

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد
الاخلاق والاداب
أنّ الأنسان بفطرته الهاديه  يعرف أمّهات الفضائل والرذائل ويميز بين مبادىء الاخلاق الحميده والذميمه ، ويدرك بالهدايه الربانيه التكوينيه أنّ الوفاء بالعهد وأداء الأمانه والصدق والأستقامه والرجوله وعزّة النفس والأنصاف كلها حسنه ومن الأخلاق الحميده .
كما يدرك يضاً أنّ خلف الوعد وخيانة الأمانه والكذب والتزوير والجبن والضّعه والأعمال البعيده عن الإنصاف كلها من الصفات الذميمه ، يصف القرآن الكريم هذه الهدايه التكوينيه بأنها إلهام رباني بقوله : { فألهما فجورها وتقواها } .
وقال الامام علي " عليه السلام " يصف اهل الاخلاق الذميمه وخاصه أهل المكر والخديعه وأنّهم من أهل النار  بقوله : { لو لا أنّ المكر والخديعه في النار ، لكنت أمكر العرب } .
وهذ ما يعبر عنه بالضمير الأخلاقي .
اعلم أنّ بحث الأخلاق  من الأبحاث العلميّه الفلسفيّه المهمه ، وقد كان موضع دراسة العلماء منذ قرون كثيره وما يزال كذلك حتى الآن  تناولوا فيها مواضيع  مثل : تعريف الأخلاق ، ومعرفة الاخلاق الحسنه والسيئه ، ودور الفضائل والرذائل الأخلاقيه في حياة الإنسان  لقد بحثت هذه المواضيع وغيرها بحثاً  مستفيضاً وألّفت فيها الكتب وبرز فيها الكثير من النظريات المختلفه .
إنّ الإنسان مشتمل على الجسم والنفس ، والفرق بين الجسم والنفس كثيره نشير الى بعضها :
الجسم من عالم الخلق والنفس من عالم الآخره ، والجسم مادي محسوس وله أحكام الماده ، والنفس برىء منه  ومن أحكامه .
وأيضاً يمكن تعريف الجسم ومعرفته بأحكام وتعريفات إيجابيه ثبوتيه ، واما النفس فلا يمكن تعريفها إلأ بأحكام سلبيه .
وبالجمله هذا الجسم من عالم الدنيا وعالم الشهاده ، والنفس من عالم الغيب والآخره .
وكلّ إنسان محتاج في وصوله الى كماله اللائق به الى تربية جسمه ونفسه . والشرائع الإلهيه متصدّيه لإيصاله الى هذا الغرض والمقصد الأسنى ، فمن عكف همّته وقصّر نظره الى صلاح بدنه وجسمه فقد خرج عن حقيقة الإنسانيه .
وكذا من نسي صلاح بدنه وصرف وجهه الى الآخره أيضاً غير واصل الى الكمال ،
بل يلزم أن يكون أحول العينين بأحدهما يرى الدنيا وجسمه فيها ويأخذ نصيبه منها ، وبالآخرى يرى الأخره وصلاح نفسه .
وحيث إنّ كلاً من الجسم والنفس يؤثر على  الآخر فقد ورد : (ليس منا من ترك دنياه لدينه أو ترك دينه لدنياه ) .
ومن هنا ترى أحكام الله تعالى غير منعطفه على النفس فقط بل مفرّقه ومنقسمه على الجسم والنفس ، فيجب لكلّ أحد الاهتمام بالجسم والنفس .
ولأشتمال الإنسان على الجسم والنفس فيحتاج في تربية جسمه الى علم وفي تربية نفسه الى علم آخر ، والاول هو ( الآداب ) والثاني هو ( الاخلاق ) والدين والشرائع الإلهيه جامع لهما .
عرفوا الاخلاق : الخلق عباره عن ملكه للنفس مقتضيه لصدور الأفعال بسهوله من دون احتياج الى فكر ورويّه .
وتلزم أن تكون تلك الحاله راسخه في النفس وغير قابله للزوال بسهوله .
إنّ موضوع الأخلاق هو النفس الإنساني ، وللنفس ثلاث قوى : قوة  الأدراك وقوة الجذب وقوة الدفع .
موضوع  الأخلاق هو للنفس الأنسانيه دون بدنه ، وأن تسمية بعض الأعمال بالفضيله الأخلاقيه أو رذيلتها تكون بأعتبار حكاية الأعمال عن النفس وحالاتها وملكاتها .
ويلزم أن تكون تلك الحاله راسخه في النفس وغير قابله للزوال بسهوله ، وصدور الافعال منه بلا فكر ورويه .
تسمى النفس باعتبارالاولى وهي قوة الدرك أي القوّه الناطقه ( النفس المطمئنه ) وبأعتبار الثانيه وهي  قوة الجذب أي القوه الشهويه
( النفس الأمّاره ) وبأعتبار الثالثه وهي قوة الدفع أي النفس الغضبيه ( النفس اللوّامه ) .
ولكل واحده من هذه القوى حالات ثلاثه : أفراط وأعتدال وتفريط ، والفضيله منها هو الاعتدال ، والرذيله منها هو الافراط والتفريط ، فأصول الرذائل هي : الوسه والحمق والشره والخمول والغضب والجبن والشيطنه المتمثله في الخديعه والمكر والدهاء .
واصول الفضائل ثلاثه : الحكمه والعفه والشجاعه ، والمجموع من هذه الثلاثه يسمّى بالعداله .
أمّا تعريف الآداب :
عن أمير المؤمنين " عليه السلام " : ( الآداب حلل مجدّه ) .
وقال " عليه السلام " : ( الآداب تلقيح الأفهام ونتائج الأذهان ) .
الأدب هو حفظ حدود كل شيء وعدم التعدّي عنها ، فإن اللسان مثلاً مقيّد ومحدود بأن لا يتكلم بما يشينه ويهدم مرّوته مثل السوء من القول ، فمن تكلّم بشيء من الفحش فقد خرج عن أدب اللسان ويقال فيه : إنّه سيّء الأدب ولا يقال : إنّه سيّء الخلق .
وقال العلامه الطباطبائي : الأدب هو الهيئه الحسنه التي ينبغي أن يقع عليها الفعل المشروع ، إمّا في الدين أو عند العقلاء في مجتمعهم ، كآداب الدعاء وآداب ملاقات الأصدقاء ، وأن شئت قلت ظرافة الفعل ، ولا يتحقّق إلأ في الأفعال الاختياريه التي لها هيئات مختلفه فوق الواحد حتى يكون بعضها متلبّساً بالأدب دون بعض ، كأداب الأكل مثلاً في الاسلام وهو أن يبدأ فيه باسم الله ويختم بحمد الله ويؤكل دون الشبع .
الفرق بين الأخلاق والآداب :
1 - الأخلاق تبحث عن المسائل المتعلّقه بالنفس الانسانيه ، والآداب تبحث عن افعال الجوارح .
2 - المسائل الأخلاقيه ثابته في جميع الازمان ولا يعترضها التغيير دون الآداب فأنها تتغيّر في طول الزمان .
3 - المسائل الأخلاقيه ثابته في جميع الأمكنه وبلاد العالم ، وأمّا الآداب فأنها متغيّره ومختصّه بكلّ قوم ، أي وإن لم يكن اختلاف في معنى الادب ولكن تشخيص مصاديقها مختلفه عند كلّ ملّه .
4 - الاخلاق سبب ، والآداب مسبّبه عنها ، أي الآداب من منشآت الاخلاق ، وتحكي عن فضائل الاخلاق ورذائلها ولا عكس .
5 - اهتمام الدين والرويات بالآداب أكثر من أهتمامها بالاخلاق .
والحمد لله رب العالمين


***********************


***********************

إرسال تعليق

التعليق على الموضوع :

أحدث أقدم