الشريعه والطريقه والحقيقه

بسم الله الرحمن الرحيم 
اللهم صل على محمد وال محمد 


الشريعه والطريقه والحقيقه


البحث يدور حول تبيان :
 ماهو المقصود بالشريعه والطريقه والحقيقه ، مصطلحات نقرأها ونسمعها كثيراً أن كان من أهل العرفان والتصوف أو بعض المتكلمين ، في الحقيقه ألتبس على الكثير وخاصه أهل العلم والدراسه الحوزويه ، لدرجه أصبحوا لما يسمعوا من أحد تلك العبارات ينفروا منه ويتهموه بأنواع الاتهامات ، إما جهلاً أو عدم فهم لتلك المصطلحات أو تتعارض مع ميولهم ورغباتهم ، رغم أن فحول العلماء والمراجع سلكوا في ذلك السلك ولهم كتب ومجلدات في هذا المضمار ورغم ذلك نجد بعض الاصوات النشاز تصدر من هنا وهناك معترضه على هذا الطريق .
احاول أن أبسط وأطرح أساس الفكره الاسلاميه النبويه والاقتداء بما سار عليه أئمة الهدى " عليهم السلام " بدون مصطلحات عرفانيه وأقول :
الشريعه :
هو العمل بالفرائض الشرعيه وترك المحرمات ، أي أداء الصلوات الخمسه وصوم شهر رمضان  والحج والزكاة وعدم ارتكاب المحرمات ، وبتلك الاعمال التي يقوم بها المكلف ينال بها الجنه أن شاء الله
ولاجل ذلك اهتمت الحوزات العلميه بالدراسه الشرعيه من أجل استخلاص الحكم الشرعي في كل المسائل الابتلائيه ، وامتثالا لقوله تعالى : "  وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً ۚ فَلَوْلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ " . على أن طالب العلم في الحوزه العلميه تختصر دراسته على الفقه وأستنباط الحكم الشرعي ، وأن المرجع الفقيه لا يصرف سهم الامام إلا لمن أختص بهذه الدراسه وإلا أصبح هناك أشكل شرعي .
الطريقه :
هي التخلق :
هي التخلق بالاخلاق الاسلاميه مع العمل بالمستحبات وترك المكروهات والشبهات مع حفظ الشريعه ، أي من أراد أن يترقى ويظهر الايمان في جوارحه فعليه أن يتخلق باخلاق النبي والائمه الاطهار " عليهم أفضل الصلوات " كما أمرنا تعالى : " ولكم في رسول الله أسوه حسنه " وفي قول الامام الصادق " عليه السلام " : " كونوا لنا دعاة بغير ألسنتكم " " وكونوا لنا دعاة صامتين " .
هناك من يشكل : هناك من يجمع الشباب بحلقات ومحاضرات حول الاخلاق ولكنه في الحقيقه يستخدم الجن أو يستغل الشباب لمأرب حزبيه وسياسيه ؟
في الحقيقه لا نستبعد من وجود مثل هؤلاء الاشخاص لكن هذا لا يضر باصل الفكره أو الموضوع ، الاشكال في هؤلاء وليس في الدعاة الحقيقيين الذين دعوا الى التخلق بالاخلاق الاسلاميه .
الحقيقه :
هي الوصول لحقيقة المعارف الإلهيه ، أي لمسها بتمام الوجود والتخلق بالاسماء الحسنى والصفات العلياء أي التحقق بها ، مع حفظ الشريعه والطريقه .
وتأتي بعد الرياضات من اجل اكتساب النفس وتحليها بالتخلق بالاسماء الحسنى لكي تكشف لها حقيقة الاشياء .
وبعباره أخرى :
العدل شريعه ، والعادل أهل الشريعه .
التقوى طريقه ، والمتقي أهل الطريقه .
اليقين حقيقه ، والموقن أهل الحقيقه .
جعلنا الله وإياكم من أهل العدل والتقوى واليقين .
بتعبير آخر :
الإعتقاد والعمل بالشرع صحيحاً ، وقربه الى الله تعالى شريعه .
والإعتقاد والعمل به باخلاص ، والتوجه والمراقبه طريقه .
أما أذا وصل الانسان بان تمام وجوده في محضر الحق سبحانه ، وغفل عن غيره حتى عن نفسه وعمله حقيقه .
أيضاً :
كون الانسان من أهل التقوى والاستغفار والتوبه شريعه .
وكونه من الصابرين وفي زمرة الابرار طريقه .
وكونه من الشاكرين ومع المقربين أو من المقربين حقيقه .
وأيضاً :
الايمان بالسير في الآفاق ، شريعه .
وبالسير في الانفس ، طريقه .
وب ( أو لم يكف بربك ) حقيقه .
وأيضاً :
الدعاء ب ( اللهم ارزقنا توفيق الطاعه وبعد المعصيه وصدق النيه ) شريعه .
والدعاء ب ( اللهم اجعل النور في بصري والبصرة في ديني واليقين في قلبي والاخلاص في عملي ) طريقه .
والدعاء ب ( اللهم هب لي كمال الانقطاع اليك وأنر أبصار قلوبنا بضياء نظرها اليك حتى تخرق أبصار القلوب حجب النور فتصل الى معدن العظمه وتصير أرواحنا معلقه بعز قدسك ) حقيقه .
قال الشيخ الاكبر ابن عربي في كتابه ( إصطلاح الصوفيه ) :
الشريعه : عباره عن الاخذ بالتزام العبوديه .
والطريقه : عباره عن مراسم الحق تعالى المشروعه التي لا رخصه فيها ، وقال في معنى التصوف : الوقوف مع الآداب الشرعيه ظاهراً وباطناً وهي الخلق الإلهيه .
الحقيقه : سلب آثار أوصافك عنك بأوصافه ، بأنه الفاعل بك فيك منك لا أنت : ( ما من دابه إلا هو آخذ بناصيتها ) .
أعلم : عرفوا الشريعه :
أسم موضوع للسبل الإلهيه مشتمله على أصولها وفروعها ورخصها وعزائمها ، حسنها وأحسنها .
والطريقه :
هي الأخذ بأحوطها وأحسنها وأقومها ، وكل مسلك يسلك الانسان أحسنه وأقومه يسمى طريقه ، قولاً كان أو فعلاً ، صفه كان أو حالاً .
وأما الحقيقه :
فإثبات وجود الشيء كشفاً وعياناً ، أو حاله ووجداناً .
وقيل أيضاً : الشريعه أن تعبده ، والطريقه أن تحضره ، والحقيقه أن تشهده .
قال العارف الكامل السيد حيدر الآملي في كتابه أسرار الشريعه :
الشريعه :
عباره عن تصديق أقوال الأنبياء قلباً والعمل بموجبها .
الطريقه :
عن تحقيق أفعالهم وأخلاقهم والقيام بها وصفاً .
والحقيقيه :
عن مشاهدة أحوالهم ومقاماتهم كشفاً ، لأن الأسوه الحسنه في قوله تعالى : " لقد كان لكم في رسول الله أسوه حسنه " .
تتحقق إلا بهذا أي بالإتصاف بهذه الاوصاف فعلاً وصفه وكشفاً ، لأن الأسوه الحسنه في الحقيقه عباره عن قيام الشخص بأداء حقوق مراتب شرعه على ما ينبغي .
واليه أشار سلطان الأولياء والوصيين أمير المؤمنين " عليه السلام " في قوله : " إني لأنسبن الاسلام نسبه لن ينسبها أحد قبلي : الاسلام هو التسليم ، والتسليم هو التصديق ، والتصديق هو اليقين ، واليقين هو الإقرار ، والإقرار هو الأداء ، والأداء هو العمل الصالح " .
فكل من أراد التأسي بنبيه " صل الله عليه واله " على ما ينبغي ، فينبغي أن يتصف بمجموع هذه الأوصاف أو بعضها إن لم يتمكن من الكل ، ولا ينكر على أحد من المتصفين بها أصلاً ، لأن مرجع الكل وإن اختلف أوضاعها الى حقيقه واحده التي هي الشرع النبوي والوضع الإلهي .
والحمد لله رب العالمين



***********************


***********************

إرسال تعليق

التعليق على الموضوع :

أحدث أقدم