بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد
نبذه عن حياة الموصي :
هو الشيخ زين الدين بن علي بن أحمد الجبعي العاملي وهو من مشاهير العلماء العظام .
المرجعية :
وبعد الاقامة في مدينة بعلبك وبفضل اشتهاره وصيته الذائع تولى المرجعية العامة وكان يأتيه العلماء والفضلاء والمفكرين من دان الارض واقاصيها لينهلوا من ينابيعه الفياضة وينتفعوا بفضائله وسجاياه.
وقد بدأ الشهيد الثانى في هذه المدينة بتدريس شامل للمذاهب الاسلامية وذلك لتضلعه في فقه المذاهب الخمسة، الجعفرية والحنفية والشافعية والمالكية والحنبلية والمامه التام بها، فقد بدأ في الواقع بتدريس الفقه المقارن والعقائد التطبيقية.
وكانت الجماهير الاسلامية تتلقى ردود جميع استفتاء اتها من محضره الكريم
جلالة شخصيته :
يقول المغفورله الخوانسارى صاحب روضات الجنات في الشهيد الثانى : لم أر الى الآن عالما " جليا بارزا" بين علماء الشيعة من حيث الكمال والفضل ورحابة الصدر والنبل والذوق والمهارة والنظم في برامج الدراسة وتعدد الأساتذة وظرافة الطبع ورصانة الكلام ودقة وسلامة الآثار العلمية مثل الشهيد الثانى . وكان هذا الاستاذ الكبير في التخلق بالأخلاق والصفات الألهية وقرب المنزله ، يبدو في مرتبة بعد المعصومين عليهم السلام حيث يليهم مباشرة ودون فاصلة .
الجد والعمل :
وقد نقلوا عن الشهيد الثانى انه مع هذه المنزله المرموقه والشخصية الفذة العلمية والفقهية عند ما كان يخيم ظلام الليل يركب حماره ويخرج من المدينة ويحتطب ليسد حاجة بيتة من الوقود .
الأساتذة :
كان الشهيد يتحول كثيرا " في المدن والبلدان للحصول على أساتذة قديرين لينتقع بهم قدر الممكن ، وقد افاد من دروس الكثيرين الأساتذة البارزين في المذاهب الأسلامية الخمسة ولايسعنا المجال هنا ذكرهم جميعا "
وجمع كثير من الاساتذة الآخرين الذين تزود منهم بمختلف العلوم والفنون حيث كان يضيف الى مخزونه العلمى يوميا بل وفى كل لحظة .
المؤلفات :
لقد جاء في كتاب أمل الآمل أن الشهيد الثانى قد ترك بعد شهادته الفى مجلد من الكتب حيث دون مائتين منها بخطه . بعضاً منها كان من آثاره العلمية والقسم الآخر من مؤلفات الآخرين .
تبدأ مؤلفات الشهيد الثانى من ناحية التأليف بـ " روض الجنان " وينتهى بـ " الروضة البهية " وفى الواقع أن مؤلفاته هى كرياض الفردوس الخلابه ويجلب الباحثين والمتتبعين بنشاط وسرور بالغين ويروى غليل المتعطشين للعلوم والمعارف ويستنشق الأنسان من خلال سطور كتبه نسيم العقيدة وعبير الأيمان .
بشارة الشهادة :
اللهم صل على محمد وال محمد
مزاره في لبنان |
وصية الشهيد الثاني " رحمه الله "
الجزء الثاني
نبذه عن حياة الموصي :
هو الشيخ زين الدين بن علي بن أحمد الجبعي العاملي وهو من مشاهير العلماء العظام .
المرجعية :
وبعد الاقامة في مدينة بعلبك وبفضل اشتهاره وصيته الذائع تولى المرجعية العامة وكان يأتيه العلماء والفضلاء والمفكرين من دان الارض واقاصيها لينهلوا من ينابيعه الفياضة وينتفعوا بفضائله وسجاياه.
وقد بدأ الشهيد الثانى في هذه المدينة بتدريس شامل للمذاهب الاسلامية وذلك لتضلعه في فقه المذاهب الخمسة، الجعفرية والحنفية والشافعية والمالكية والحنبلية والمامه التام بها، فقد بدأ في الواقع بتدريس الفقه المقارن والعقائد التطبيقية.
وكانت الجماهير الاسلامية تتلقى ردود جميع استفتاء اتها من محضره الكريم
جلالة شخصيته :
يقول المغفورله الخوانسارى صاحب روضات الجنات في الشهيد الثانى : لم أر الى الآن عالما " جليا بارزا" بين علماء الشيعة من حيث الكمال والفضل ورحابة الصدر والنبل والذوق والمهارة والنظم في برامج الدراسة وتعدد الأساتذة وظرافة الطبع ورصانة الكلام ودقة وسلامة الآثار العلمية مثل الشهيد الثانى . وكان هذا الاستاذ الكبير في التخلق بالأخلاق والصفات الألهية وقرب المنزله ، يبدو في مرتبة بعد المعصومين عليهم السلام حيث يليهم مباشرة ودون فاصلة .
الجد والعمل :
وقد نقلوا عن الشهيد الثانى انه مع هذه المنزله المرموقه والشخصية الفذة العلمية والفقهية عند ما كان يخيم ظلام الليل يركب حماره ويخرج من المدينة ويحتطب ليسد حاجة بيتة من الوقود .
الأساتذة :
كان الشهيد يتحول كثيرا " في المدن والبلدان للحصول على أساتذة قديرين لينتقع بهم قدر الممكن ، وقد افاد من دروس الكثيرين الأساتذة البارزين في المذاهب الأسلامية الخمسة ولايسعنا المجال هنا ذكرهم جميعا "
وجمع كثير من الاساتذة الآخرين الذين تزود منهم بمختلف العلوم والفنون حيث كان يضيف الى مخزونه العلمى يوميا بل وفى كل لحظة .
المؤلفات :
لقد جاء في كتاب أمل الآمل أن الشهيد الثانى قد ترك بعد شهادته الفى مجلد من الكتب حيث دون مائتين منها بخطه . بعضاً منها كان من آثاره العلمية والقسم الآخر من مؤلفات الآخرين .
تبدأ مؤلفات الشهيد الثانى من ناحية التأليف بـ " روض الجنان " وينتهى بـ " الروضة البهية " وفى الواقع أن مؤلفاته هى كرياض الفردوس الخلابه ويجلب الباحثين والمتتبعين بنشاط وسرور بالغين ويروى غليل المتعطشين للعلوم والمعارف ويستنشق الأنسان من خلال سطور كتبه نسيم العقيدة وعبير الأيمان .
بشارة الشهادة :
يقول الشيخ حسين بن عبدالصمد الحارثى والد الشيخ البهائى : " دخلت يوما " على الشهيد الثانى و وجدته منهمكا في التفكير فسالته عن السبب ؟ فقال يا اخى أظن بأننى سأكون الشهيد الثانى لأنى رأيت في المنام السيد مرتضى علم الهدى حيث اقام حفلة قد اشترك فيها العلماء والفضلاء الامامية والشيعة وعندما دخلت المجلس قام السيد المرتضى وهنأنى وأمرنى أن أجلس بحنب الاستاذ الشهيد الاول .
الجزء الثاني من الوصيه :
واعلم أنّ ضبط العمر في تحصيل السعاده لا يتم إلا بمراعاة النفس كل يوم ، ومحاسبتها ، ثمّ مراقبتها ثمّ معاقبتها على تقدير التقصير أو الفتور كما هو اللازم مع معاملي الدّنيا القليل خطرها ، التي لا يضرّ زوال ما زال منها ولا فوات ما فات منها ، فكما التاجر يستعين بشريكه فيسلم إليه المال حتّى يتجر ثمّ يحاسبه ويراقبه ويعاقبه إن قصّر ، ويعاتبه إن غبن ، فكذلك العقل هو التاجر في طريق الآخره ومطلبه وربحه تزكية النفس بتخلّيها عن الخصال الذميمه وتحلّيها بالخلال الحميده فبذلك فلاحها ،
قال الله تعالى : { قد أفلح من زكّاها * وقد خاب من دسّاها } والعقل يستعين بالنفس في هذه التجاره ويستعملها فيما يزكّيها ، كما يستعين التاجر بشريكه وغلامه الذي يتّجر في ماله ، وكما أنّ الشريك يصير خصماً منازعاً يجاذبه في الربح فيحتاج إلى أن يشارطه أولاً ويراقبه ثانياً ويحاسبه ثالثاً ويعاتبه أو يعاقبه رابعاً ،
فكذلك العقل يحتاج إلى مشارطة النفس أولاً فيوظّف عليها الوظائف ويشترط عليها الشروط ويرشدها الى طريق الفلاح ثمّ لا يغفل عن مراقبتها ، فإنّه من غفل عن مراقبتها لم ير إلا الخيانه وتضييع رأس المال كالعبد الخائن إذا انفرد بالمال .
ثمّ بعد الفراغ ينبغي أن يحاسبها ويطالبها بالوفاء بما شرط عليها ، فإنّ هذه تجاره ربحها الفردوس الأعلى وبلوغ سدرة المنتهى مع الأنبياء والشّهداء ، وخسارتها - والعياذ بالله- عذاب جهنّم مع الفراعنه والأشقياء ،
إذ ليس في تلك الدّار إلا الجنّه والنّار ، والجنّه أعدّت للمتّقين كما أنّ النّار أعدّت للمقصّرين ، فتدقيق الحساب في هذا مع النفس أهم كثيراً من تدقيقه في ارباح الدّنيا لأنّها محتقره بالاضافه إلى نعيم العقبى ، ثمّ كيف ما كانت فمصيرها الى التصرّم والانقضاء ، ولا خير في خير لا يدوم ، بل شرّ لا يدوم خير من خير لا يدوم ، لأنّ الشرّ الذي لا يدوم إذا انقطع بقي الفرح بانقطاعه دائماً ، والخير الذي لا يدوم يبقى الأسف على انقطاعه دائماً وقد انقضى الخير ولذلك قيل :
أشدّ الغمّ عندي في سرور ------------------ تيقّن عنه صاحبه انتقالا
فحتم على كلّ ذي حزم آمن بالله واليوم الآخر أن لا يغفل عن محاسبة نفسه والتضييق عليها في حركاتها وسكناتها وخطراتها ، فإنّ كل نفس من أنفاس العمر جوهره نفيسه لا عوض لها ، يمكن أن يشترى بها كنز من الكنوز لا يتناهى نعيمه أبدا الآباد ، فانقضاء هذه الأنفاس ضائعةً أو مصروفةً إلى ما يجلب الهلاك خسران عظيم هائل لا تسمح به نفس عاقل .
فإذا أصبح العبد وفرغ من فريضة الصبح ينبغي أن يفرّغ قلبه ساعه لمشارطة النفس - كما أنّ التاجر عند تسليم البضاعه الى الشريك العامل يفرّغ المجلس لمشارطته - فيقول : يا نفس ، مالي بضاعه إلا العمر ، ومهما فنى فقد فنى رأس المال ووقع اليأس عن التجاره وطلب الربح ، وهذا اليوم الجديد قد أمهلني الله فيه وأنسأ في أجلي وأنعم به عليّ ولو توفّاني لكنت أتمنّى أن يرجعني ألى الدّنيا يوماً واحداً حتى أعمل فيه صالحاً ، واحسبي أنّك توفيت ثمّ رددت فإياك ثم إياك ! أن تضيعي هذا اليوم ، فإنّ كل نفس من الانفاس هو جوهره لا قيمه لها .
واعلمي يا نفس ! أنّ اليوم والليله أربع وعشرون ساعه ، وقد ورد في الخبر أنّه ( ينشر للعبد بكل يوم أربع وعشرون خزانه مصفوفه فيفتح له منها خزانه فيراها مملوءةً نوراً من حسناته الّتي عملها في تلك الساعه فيناله من الفرح والسرور والاستبشار بمشاهدة تلك الأنوار الّتي هي وسيلته عند الملك الجبّار ما لو وزع على أهل النّار لأدهشهم ذلك الفرح عن الإحساس بألم النّار ، وتفتح له خزانه أخرى سوداء مظلمه يفوح نتنها ويغشى ظلامها وهي الساعه الّتي عصى الله فيها ، فيناله من الهول والفزع ما لو قسّم على أهل الجنّه لنغّص عليهم نعيمها ، وتفتح له خزانه أخرى فارغه ليس فيها ما يسره ولا يسوؤه وهي الساعه التي نام فيها أو غفل أو أشتغل بشيء من مباحات الدّنيا فيتحسّر على خلوّها ويناله من غبن ذلك ما ينال القادر على الربح الكثير إذا أهمله وتساهل فيه حتّى فاته وناهيك به حسرةً وغبناً ، وهكذا تعرض عليه أوقاته طول عمره ) .
فيقول لنفسه : اجتهدي اليوم في أن تعمري خزائنك ولا تدعيها فارغه عن كنوزك الّتي هي أسباب ملكك ولا تميلي الى الكسل والدعه والاستراحه فيفوتك من درجات عليّين ما يدركه غيرك وتبقى عندك حسره لا تفارقك ، وإن دخلت الجنّه فألم الغبن وحسرته لا يطاق وإن كان دون ألم النّار ، وقد قال بعض الكاملين : ( هب أنّ المسيء عفي عنه أليس قد فاته ثواب المحسنين ؟!) أشار بذلك الى الغبن والحسره وقال جلّ جلاله : { يوم يجمعكم ليوم الجمع ذلك يوم التّغابن } فهذا ما جرى مجراه أول مقام المرابطه مع النفس وهي المحاسبه قبل العمل .
أخوان نظراً لطول الوصيه ولأهميتها جعلناه أجزاء الغايه الفائده والاتعاض منها لنا ولكم عسى ان يرحمنا ربنا ونصحح اخطائنا ونصلح انفسنا حتى نفوز يوم التغابن .
والحمد لله رب العالمين
واعلم أنّ ضبط العمر في تحصيل السعاده لا يتم إلا بمراعاة النفس كل يوم ، ومحاسبتها ، ثمّ مراقبتها ثمّ معاقبتها على تقدير التقصير أو الفتور كما هو اللازم مع معاملي الدّنيا القليل خطرها ، التي لا يضرّ زوال ما زال منها ولا فوات ما فات منها ، فكما التاجر يستعين بشريكه فيسلم إليه المال حتّى يتجر ثمّ يحاسبه ويراقبه ويعاقبه إن قصّر ، ويعاتبه إن غبن ، فكذلك العقل هو التاجر في طريق الآخره ومطلبه وربحه تزكية النفس بتخلّيها عن الخصال الذميمه وتحلّيها بالخلال الحميده فبذلك فلاحها ،
قال الله تعالى : { قد أفلح من زكّاها * وقد خاب من دسّاها } والعقل يستعين بالنفس في هذه التجاره ويستعملها فيما يزكّيها ، كما يستعين التاجر بشريكه وغلامه الذي يتّجر في ماله ، وكما أنّ الشريك يصير خصماً منازعاً يجاذبه في الربح فيحتاج إلى أن يشارطه أولاً ويراقبه ثانياً ويحاسبه ثالثاً ويعاتبه أو يعاقبه رابعاً ،
فكذلك العقل يحتاج إلى مشارطة النفس أولاً فيوظّف عليها الوظائف ويشترط عليها الشروط ويرشدها الى طريق الفلاح ثمّ لا يغفل عن مراقبتها ، فإنّه من غفل عن مراقبتها لم ير إلا الخيانه وتضييع رأس المال كالعبد الخائن إذا انفرد بالمال .
ثمّ بعد الفراغ ينبغي أن يحاسبها ويطالبها بالوفاء بما شرط عليها ، فإنّ هذه تجاره ربحها الفردوس الأعلى وبلوغ سدرة المنتهى مع الأنبياء والشّهداء ، وخسارتها - والعياذ بالله- عذاب جهنّم مع الفراعنه والأشقياء ،
إذ ليس في تلك الدّار إلا الجنّه والنّار ، والجنّه أعدّت للمتّقين كما أنّ النّار أعدّت للمقصّرين ، فتدقيق الحساب في هذا مع النفس أهم كثيراً من تدقيقه في ارباح الدّنيا لأنّها محتقره بالاضافه إلى نعيم العقبى ، ثمّ كيف ما كانت فمصيرها الى التصرّم والانقضاء ، ولا خير في خير لا يدوم ، بل شرّ لا يدوم خير من خير لا يدوم ، لأنّ الشرّ الذي لا يدوم إذا انقطع بقي الفرح بانقطاعه دائماً ، والخير الذي لا يدوم يبقى الأسف على انقطاعه دائماً وقد انقضى الخير ولذلك قيل :
أشدّ الغمّ عندي في سرور ------------------ تيقّن عنه صاحبه انتقالا
فحتم على كلّ ذي حزم آمن بالله واليوم الآخر أن لا يغفل عن محاسبة نفسه والتضييق عليها في حركاتها وسكناتها وخطراتها ، فإنّ كل نفس من أنفاس العمر جوهره نفيسه لا عوض لها ، يمكن أن يشترى بها كنز من الكنوز لا يتناهى نعيمه أبدا الآباد ، فانقضاء هذه الأنفاس ضائعةً أو مصروفةً إلى ما يجلب الهلاك خسران عظيم هائل لا تسمح به نفس عاقل .
فإذا أصبح العبد وفرغ من فريضة الصبح ينبغي أن يفرّغ قلبه ساعه لمشارطة النفس - كما أنّ التاجر عند تسليم البضاعه الى الشريك العامل يفرّغ المجلس لمشارطته - فيقول : يا نفس ، مالي بضاعه إلا العمر ، ومهما فنى فقد فنى رأس المال ووقع اليأس عن التجاره وطلب الربح ، وهذا اليوم الجديد قد أمهلني الله فيه وأنسأ في أجلي وأنعم به عليّ ولو توفّاني لكنت أتمنّى أن يرجعني ألى الدّنيا يوماً واحداً حتى أعمل فيه صالحاً ، واحسبي أنّك توفيت ثمّ رددت فإياك ثم إياك ! أن تضيعي هذا اليوم ، فإنّ كل نفس من الانفاس هو جوهره لا قيمه لها .
واعلمي يا نفس ! أنّ اليوم والليله أربع وعشرون ساعه ، وقد ورد في الخبر أنّه ( ينشر للعبد بكل يوم أربع وعشرون خزانه مصفوفه فيفتح له منها خزانه فيراها مملوءةً نوراً من حسناته الّتي عملها في تلك الساعه فيناله من الفرح والسرور والاستبشار بمشاهدة تلك الأنوار الّتي هي وسيلته عند الملك الجبّار ما لو وزع على أهل النّار لأدهشهم ذلك الفرح عن الإحساس بألم النّار ، وتفتح له خزانه أخرى سوداء مظلمه يفوح نتنها ويغشى ظلامها وهي الساعه الّتي عصى الله فيها ، فيناله من الهول والفزع ما لو قسّم على أهل الجنّه لنغّص عليهم نعيمها ، وتفتح له خزانه أخرى فارغه ليس فيها ما يسره ولا يسوؤه وهي الساعه التي نام فيها أو غفل أو أشتغل بشيء من مباحات الدّنيا فيتحسّر على خلوّها ويناله من غبن ذلك ما ينال القادر على الربح الكثير إذا أهمله وتساهل فيه حتّى فاته وناهيك به حسرةً وغبناً ، وهكذا تعرض عليه أوقاته طول عمره ) .
فيقول لنفسه : اجتهدي اليوم في أن تعمري خزائنك ولا تدعيها فارغه عن كنوزك الّتي هي أسباب ملكك ولا تميلي الى الكسل والدعه والاستراحه فيفوتك من درجات عليّين ما يدركه غيرك وتبقى عندك حسره لا تفارقك ، وإن دخلت الجنّه فألم الغبن وحسرته لا يطاق وإن كان دون ألم النّار ، وقد قال بعض الكاملين : ( هب أنّ المسيء عفي عنه أليس قد فاته ثواب المحسنين ؟!) أشار بذلك الى الغبن والحسره وقال جلّ جلاله : { يوم يجمعكم ليوم الجمع ذلك يوم التّغابن } فهذا ما جرى مجراه أول مقام المرابطه مع النفس وهي المحاسبه قبل العمل .
أخوان نظراً لطول الوصيه ولأهميتها جعلناه أجزاء الغايه الفائده والاتعاض منها لنا ولكم عسى ان يرحمنا ربنا ونصحح اخطائنا ونصلح انفسنا حتى نفوز يوم التغابن .
والحمد لله رب العالمين
إرسال تعليق
التعليق على الموضوع :