لبيك يا ثار الله

بسم الله الرحمن الرحيم
 اللهم صل على محمد وال محمد





لبيك يا ثار الله



مقدمه :
احببت ان اكتب موضوع عن الامام الحسين " عليه السلام " لم يتطرق اليه أحد من قبلي على أن يتضمن معلومات  لم يسبق للاخوه القراءء الاطلاع عليها . فنرجوا منهم القراءه برويه وهضم المعلومات من اجل الاستفاده .

قال الله سبحانه وتعالى في الحديث القدسي : ( كنت كنزاً مخفياً فأحببت أن أعرف فخلقت الخلق لكي أعرف ) .
يتوقف هذا على معرفة  حكمه وهو أن حكم الله تعالى أمره ، أي إيجاد الأشياء بقوله كن : كلمة كن هي الصور المعاني التي تطرأ في الذات الإلهيه وتكون في الاعيان ، والله عين الوجود المحض المطلق الذي هو أظهر الأشياء ونور الأنوار ، فهو يتجلى بذاته لذاته دائماً ، فتسويته لمحل ظهوره في صورة أسم ، وذلك الاسم هو عينه مقيداً بصفه من الصفات القابليه فلا يظهر بكل صفه إلا أنه يظهر في ذلك المحل إلا بصفه واحده من الصفات الفاعليه ، وذلك هو الخلق باليدين فهو روح إلهي ومعنى النفخ فيه هو الظهور فيه بتلك الصفه .
وما يحصل ذلك إلا بوجود الاستعداد من تلك الصوره المسواة لقبول الفيض والتجلي الدائم الذي لم يزل ولا يزال . أي اقتضاء المحل لقبول الروح الإلهي .
وقد فسر الفيض بالتجلي ، هناك تجليان : ذاتي وهو ظهوره في صورة الاعيان الثابته القابله في الحضره العلميه الأسمائيه وهي الحضره الواحديه ، 
ذلك الظهور ينزل عن الحضره الأحديه الى الحضره الواحديه ، وهو فيضه الأقدس ، أي تجلي الذات بدون الأسماء الذي لا كثره فيه أصلاً فهو الاقدس ، أي أقدس من التجلي  الأسمائي الذي هو بحسب استعداد المحل ، لأن الثاني موقوف على المظاهر الأسمائيه التي هي القوابل بخلاف التجلي الذاتي ، لأنه لا يتوقف على شيء فيكون أقدس .
أما كيف نعرف الله سبحانه ؟
شاءت مشيئته تعالى أن يخلق الخلق ، والمشيئه : أقتضاء الذات لما يقتضيه العلم ، فهي لازمه لجميع الأسماء ، لأن كل أسم إلهي هو الذات مع صفته فمقتضى الذات لازم لكل أسم .
لما شاء مشيئه ذاتيه أزليه نافذه في جميع الأسماء بحسب تطلب الكل أي الذات مع جميع الاسماء  بظهورها ، وظهورها اقتضاؤها لوجود العالم مع ما فيه الانسان ، لان اعيانها عينه ،  وهو الانسان الكامل والعالم معه .
علة رؤيته تعالى عينه في الكون الجامع : أي لكون ذلك الكون الجامع متصفاً بالوجود ، وذلك لأن الوجود الاضافي عكس الوجود الحقيقي المطلق ، فأن الحقيقي المطلق الواجب المقوم لكل شيء الذي هو الحق تعالى إذا ظهر في الممكن تقيد به وتخصص بالمحل ، فكان ممكناً من حيث التخصيص والتقييد ، وفي الحديث القدسي : ( مَا وَسِعَنِي سَمَائِي وَلا أَرْضِي ، وَلَكِنِّي وَسِعَنِي قَلْبُ عَبْدِي الْمُؤْمِنِ ) ، وكل مقيد أسم فهو اسمه النور من حيث الظهور وكان كعكس صورة الرائي في المرآة المجلوه  التي يرى الناظر صورته فيها ، أي يحصر الأمر الإلهي كله لكونه متصفاً بالوجود الأسمائيه فإن كل اسم وجه يرى الحق نفسه فيه بوجه ويرى عينه من جميع الوجوه في الانسان الكامل الحاصر للأسماء كلها . عن أمير المؤمنين الامام علي " عليه السلام "   انه قال : ( ما رأيت شيئاً الا ورأيت الله قبله ومعه وفيه وبعده ) .
فإن رؤية الشيء نفسه بنفسه ما هي مثل رؤية نفسه في أمر آخر يكون له كالمرآة ، وهو أن الله تعالى أزلي الذات والصفات ، وهو بصير في الأزل بذاته وغيره كما قال أمير المؤمنين علي " عليه السلام " : ( بصير أزلاً منظور إليه من خلقه )  فلا يحتاج في رؤية عينه الى مظهر كوجود العالم يرى عينه فيه ، وهناك فرقاً بيّناً بين الرؤيتين وليست الرؤيه الاولى مثل الثانيه . 
فإنه يظهر له نفسه في صوره يعطيها المحل المنظور فيه مما لم يكن يظهر له من غير وجود هذا المحل ولا تجليه له ، أي أن الحق يظهر له عينه في صورة المرآة وهي المحل المنظور فيه من وجه لم يظهر له من غير وجود هذا المحل ولا تجليه لنفسه فيه ، فإن الظهور في المحل رؤيه عينيه منضمه الى علميه ، وفي غير المحل رؤيه علميه فقط ، كما أن تخيل الانسان صوره حسنه جميله في نفسه لا يوجب له من الاهتزاز والبهجه ما توجب مشاهدته لها ورؤيته إياها . 
وقد كان الحق أوجد العالم كله وجود شبح مسوى لا روح فيه وكان كمرآة غير مجلوه ، وشاءت مشيئته لرؤية أعيان الاسماء أو عينه في كون جامع ، والاسماء مقتضيه لوجود العالم اقتضاء كل اسم جزءاً منه ، فقد كان العالم موجوداً باقتضائها له قبل وجود الانسان الذي هو الكون الجامع ، لأن كل اسم يطلب بانفراد ظهور ما اشتمل عليه وهو الذات مع صفه ما : أي وجوداً مخصوصاً بصفه ، والاسم الآخر وجوداً مخصوصاً بصفه أخرى ، فلم يكن لشيء من الاسماء اقتضاء وجود اتحد به جميع الصفات أذ ليس لأحد من الاسماء أحدية الجمع بين الصفات ، فلم يكن للعالم مظهريه أحدية جميع الوجود ، ولذلك شبهه قبل وجود الانسان فيه بأمرين شبح مسوى لا روح فيه أو مرآة غير مجلوه ، إذ لم يظهر فيه وجه الله بل وجوه أسمائه ، قال الله تعالى : (  وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ ۚ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ  ) .
ومن شأن الحكم الإلهي أنه ما سواه محلاً إلا ولا بد أن يقبل روحاً إلهياً عبر عنه بالنفخ فيه ، وهو أن حكم الله تعالى أمره ، أي إيجاد الاشياء بقوله كن : والله عين الوجود المحض المطلق الذي هو  أظهر الاشياء ونور الانوار فهو يتجلى بذاته لذاته دائماً ، فتسويته لمحل ظهوره في صورة أسم ، وذلك الاسم هو  مقيداً بصفه من الصفات القابليه ، وذلك الظهور قبوله للروح وهو الموصوف بكل صفه إلا أنه لا يظهر في ذلك المحل إلا بصفه واحده من الصفات  الفاعليه ، وذلك هو الخلق باليدين فهو روح إلهي ومعنى النفخ فيه هو الظهور فيه بتلك الصفه .
وما هو إلا حصول الاستعداد من تلك الصوره المسواة لقبول الفيض التجلي الدائم الذي لم يزل ولا يزال ، أي قبول الفيض الذي هو التجلي الدائم ، والملائكه من بعض قوى تلك الصوره التي هي صورة العالم المعبر عنه في اصطلاح القوم بالانسان الكبير ، فكانت الملائكه له كالقوى الروحانيه والحسيه التي في النشأه الانسانيه ، فكانت القوى الروحانيه والنفسانيه ملائكة وجود الانسان ، لأن قوى العالم اجتمعت فيه بأسرها فالانسان عالم صغير والعالم انسان كبير لوجود الانسان فيه ، قال الامام علي " عليه السلام " في الابيات المنسوبه اليه : 
دواؤك فيك وما تشعـر                وداؤك منك فلا تبصـر
أتزعم أنك جرمٌ صغـير                وفيك انطوى العالم الأكبر
وأنت الكتاب المبين الذي                بأحرفه يظهر المضــمر
إلا أن أحدية جمع الوجود التي ناسب بها العالم الحضره الإلهيه لم توجد في جميع أجزائه إلا في الانسان ، فكان الانسان مختصراً من الحضره الإلهيه ولهذا قال : ( خلق آدم على صورته ) .
فسمى هذا المذكور إنساناً وخليفه ، فأما إنسانيته فلعموم نشأته وحصره الحقائق كلها ، أي لأن نشأته تحوي الحقائق كلها ، وجميع مراتب الوجود العلويه والسفليه بأحدية الجمع التي ناسب لها حقيقة الحقائق ، فلهذا سمي إنساناً ، والمعنى المقصود من خلق العالم لأنه الحامل للسر الإلهي وأمانته ، أي معرفته والمقصود من الكل معرفته ، كما قال تعالى : ( فأحببت أن أعرف فخلقت الخلق ) فلولا محبة المعرفه لم يخلق الخلق فلا يعرفه من العالم إلا الانسان ، فلولا الانسان العارف بالله لم يخلق العالم فالعالم تابع لوجوده.
الهمّه : قوة القصد في طلب كمال يليق بحال العبد ، فعلة من الهم بمعنى القصد ، ولكل طالب استعداد خاص يطلب بهويته لما يليق به ، وتلك الاستعدادات من مقتضيات أسماء الله تعالى ، وكل أسم يقتضي استعداداً خاصاً فهو خزانة كمال يقتضيه ذلك الاستعداد في الحضره الواحديه التي ظهرت فيها الاعيان وفصلت ، فتلك الاسماء خزائن الجود والكرم .
ولما كان محمد الخاتم " صل الله عليه واله " صاحب الاسم الاعظم الشامل لحقائق جميع الاسماء ، كان ممد الكل همّه بما في خزائن الاسم الاعظم للحق تعالى صاحب تلك الهمّه . وكان هو المرآة المجلوه الصافيه لعكس صورة وتجليات رب العالمين .
بعد أن عرفنا ذلك ، عرفنا أن الامام الحسين " عليه السلام " كان هو محل تجلي الاسماء والصفات الإلهيه  ومحل الاسم الاعظم الذي لايزال تحت قبته بدليل  أن الدعاء تحت قبة الامام الحسين " عليه السلام " مستجاب ، 
وهو المرآة المجليه لعكس صورة الإله كما كان رسول الله " صل الله عليه واله " بدليل قوله " صل الله عليه واله " : ( حسين مني وانا من حسين ) تلك خاصيه خصص بها الامام الحسين " عليه السلام " من رب العزه من خلال قول نبيه " صل الله عليه واله " لأنه لا ينطق عن الهوى ، فكان يوم عاشوراء حدث لم يشهد له الكون من مثيل حيث تجلى الله تعالى بكل أسمائه وصفاته في الحسين " عليه السلام " وكان الحسين " عليه السلام " نور يشع منه صورة الإلاه ، وكان المرآة المجلوه التي يرى بها الله ذاته . مما جعل اصحاب البصيره وأن كانوا قله في أمه اسلاميه متعددت الاطراف يروا ما يره الاخرون ، ماذا رأى الحر الرياحي لكي ترتعد فرائصه ويخير نفسه بين الجنه والنار ، هل رأى ذلك النور العاكس ليرى ما لا يره الاخرون ، مابك عابس من الذي جننك ، ماذا رايت يا ايها البطل الصنديد وصاحب البصيره ، ياويلي يا ابا الفضل تربية في احضانه وتقول له سيدي ومولاي ، مابك ايها الموحد ، لماذا لم تنطقها الا بعد ان سقطت صريعا وادميت عياناك وهنا قلت يا اخي ، ماذا كنت ترى في الحسين " عليه السلام " حتى كلمة سيدي ومولاي لم تفارق شفتاك ، أما اصحابك أصحاب  الهمّم  يا سيدي نسوا انفسهم رغم الالوف المحتشده ولا يباولي اوقعوا على الموت او وقع الموت عليهم . 
والاعظم والادهى عندما سقطت سيدي يا ابا الشهداء صريعا تحت انظار رب العالمين وهو يشاهد عكس صورته فيك  ، ولم يكتفوا بقتلك بل مزقوا جسدك بالسيوف والنبال وجعلوا جسدك يتناثر اشلاء بحوافر الخيل ، كيف صبر الله سبحانه عليهم ولم يخسف بهم الارض وهو يرى صورته تتناثر قطع صغيره هنا وهناك ، حتى ارتج ما في السموات والارض وهم ينادون يا ثار الله
يا ثار الله يا ثار الله .  وشاءت مشيئته أن يخرج المؤمن والفاجر كل سنه ليقيموا العزاء في جميع الانحاء ، وليقطعوا ألاف الاميال مشياً تمدهم العنايه الإلهيه ليصرخوا يا ثار الله  وليبقى ثار الله تعالى قائماً الى يوم القيامه .

Post a Comment

التعليق على الموضوع :

أحدث أقدم