بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد
هل يمتاز الامام الحسين (ع)
على سائر الائمه (ع)
في الصفات التي اشتهر بها ؟؟
يعرف الامام الحسين - عليه السلام - لدى الرأي العام بصفة الثوريه والصلابه والشجاعه وأباء الضيم فهل هذا يعني ان الحسين - عليه السلام - كان متفوقآ على سائر الائمه - عليهم السلام - في هذه الصفات و ان غيره من الائمه - عليهم السلام - او بعضهم على الاقل كان محرومآ من هذه الصفات ؟
الجواب : كلا .
الواقع هو ان الائمه الاثني عشر الذين اولهم علي بن ابي طالب - عليه السلام - وآخرهم المهدي المنتظر - عجل الله فرجه - كلهم في مستوى واحد من حيث جميع الفضائل الكماليه والصفات الانسانيه ومكارم الاخلاق . وهم بمجموعهم يفوقون كافة الناس في التحلي بالفضائل والكمالات . اي ليس في العالم مثلهم بعد رسول الله - صل الله عليه واله - ولا نظير لهم في اي فضيله او كمال نفسي . لان ذلك شرط العصمه ولازمها . وقد ثبت بدليل العقل والنقل انهم معصومون . ولا يكفي في تحقيق العصمه لشخص ما ان يكون مؤمنآ صالح العمل والسيره والاخلاق فحسب بل يجب ان يكون ايضآ فوق مستوى الناس في العلم والايمان والعمل الصالح ومكارم الاخلاق . ومن ثم يستحق منصب الامامه على الناس . ومن شواهد ذلك قول الخليل بن احمد العالم النحوي عندما سئل ما الدليل على امامة علي - عليه السلام - بعد رسول الله - صل الله عليه واله - دون سائر الصحابه .
فقال : { الدليل استغناؤه عن الكل , واحتياج الكل اليه } وهذا الدليل يجري بالنسبه الى باقي الائمه الاحد عشر من ابنائه ايضآ .
فالله سبحانه وتعالى انما اختار عليآ - عليه السلام - وابنائه الاحد عشر المعروفين للخلافه عن الرسول الاكرم - صل الله عليه واله - لقيادة الامه بعده علمآ منه تعالى بان هؤلاء هم اكمل الناس وافضلهم جميعآ ايمانآ وعلمآ وعملآ . واشار الله تعالى في كتابه العزيز الى ان ملاك الامامه والاماره انما هي في الافضليه لا غير فقال تعالى : { هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون } وقال تعالى :
{ افمن يهدي الى الحق احق ان يتبع ام من لا يهدي الا ان يهدى فما لكم كيف تحكمون } وقال تعالى : { يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين اوتوا العلم درجات } وقال تعالى : { لا ينال عهدي الظالمين } .
وقد نص الامام علي امير المؤمنين - عليه السلام - على هذا الملاك للسياده والامامه والامره في كلماته القصار فقال : { احسن الى ما شئت تكن اميره , واحتج الى من شئت تكن اسيره , واستغن عمن شئت تكن نظيره } .
وقد كشف رسول الله - صل الله عليه واله - النقاب عن ان هذا الملاك متوفر ومتحقق في اهل بيته الطاهرين فقال في وصيته العامه قبيل وفاته { ايها الناس لا تتقدموهم فتهلكوا ولا تتاخروا عنهم فتضلوا ولا تعلموهم فانهم اعلم منكم } .
وفي بعض خطب الامام امير المؤمنين - عليه السلام - من نهج البلاغه قوله : { لا يقاس بآل محمد من هذه الامه احد , ولا يسوى بهم من جرت نعمتهم عليه ابدآ , هم اساس الدين وعماد اليقين بهم يلحق التال واليهم يفيء الغالي ولهم خصائص حق الولايه وفيهم النبوه والوراثه } وقال عليه السلام في مقام آخر : { نحن صنايع ربنا والخلق بعد صنايع لنا } .
اي ان كمالهم من كمال الله سبحانه وكل كمال وصلاح وفضل يوجد في الناس فهو من طهرهم وفضلهم وصلاحهم - عليهم السلام - وبعباره اخرى انهم تربية الله تعالى والصالحون من الناس تربيتهم هم صلوات الله عليهم .
فالغرض ان اهل البيت - عليهم السلام - افضل الخلق واكملهم بعد جدهم رسول الله - صل الله عليه واله - واما هم وفيما بينهم فلا تفاضل ولا امتياز لاحدهم على الاخر في هذا الاصل اي اصل الكمال والعصمه . نعم قد يوجد تفاضل بينهم ولكن باعتبارات ثانويه كالابوه والبنوه مثلآ .
ولعلك تقول :
اذا كان الامر كذلك فلماذا عرف واشتهر بعضهم في بعض الصفات الكماليه دون الاخرين . كالامام علي - عليه السلام - مثلآ الذي عرف بالبطوله والشجاعه والامام الحسن - عليه السلام - الذي عرف بالحلم والصبر وكظم الغيط والامام الحسين - عليه السلام - الذي عرف باباء الضيم والثوريه والشده مع العدو والامام زين العابدين - عليه السلام - الذي عرف بالعباده والامامين الباقر والصادق - عليهم السلام - عرفا بالعلم .... وهكذا ؟
ان السبب في اشتهار هؤلاء بتلك الصفات لا يعود الى تفوق ذاتي والى ان هؤلاء توفرت فيهم هذه الصفات دون الاخرين او اكثر من الاخرين . كلا
فالشجاعه التي كانت في الامام علي - عليه السلام - مثلآ مثلها تمامآ كانت في الحسن والحسين والسجاد والباقر والصادق - عليهم السلام - وغيرهم وكذلك الحلم الذي كان في الحسن واباء الضيم والثوريه اللذان كانا في الحسين وهكذا وعلى هذا القياس .
انما السبب في ذلك اي اشتهار بعضهم ببعض الصفات الكماليه دون البعض الاخر يعود بصوره رئيسيه الى الظروف الخاصه والمقتضيات الزمنيه التي عاشها كل منهم .
ولنستشهد بايات قرانيه لتقريب الفكره . مثلا قال الله تعالى في كتابه العزيز :
{ إن إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين * شاكرا لأنعمه اجتباه وهداه إلى صراط مستقيم * وآتيناه في الدنيا حسنة وإنه في الآخرة لمن الصالحين * ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين }
الله سبحانه وتعالى يخاطب نبيه بان النبي ابراهيم في زمانه كان امه لوحده في التوحيد والطاعه لله تعالى . مقابل امة فرعون الذين كانوا يعبدون الاصنام .
اقول : ان الامام الحسين - عليه السلام - كان امه لوحده في زمانه . مقابل الانحراف في تعاليم الدين وسيطرة الظالمين والفسقه والظالين زمام امور الدين وخلافة المسلمين . اضافه الى كونه امامه زمانه وهو اعرف بالدين وتعاليمه من غيره . وان الله سبحانه وتعالى اوحى لنبيه - صل الله عليه واله - باتباع ملة ابراهيم الذي كان حنيفآ . ولكون الامام الحسين - عليه السلام - خليفة الرسول - صل الله عليه واله - بعد وفاته . فهو مشمول بالامر الالهي . فكان عليه القيام بالامر .
قوله تعالى :
{ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَابُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَاأَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ * فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَاإِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ* إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ * وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ * وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ } .
انها رؤيه لكن بالنسبه الى نبي الله ابراهيم - عليه السلام - كانت امر ألآهي عليه العمل به , وفعلآ اطاعه ابنه اسماعيل . ولكون العمليه مجرد اختبار من اجل التسليم لله تعالى وانها تعليميه لنا من الناحيه الاخلاقيه والعرفانيه . والا بالله عليك لنقل ان نبي الله ابراهيم قد ذبح ابنه اسماعيل في ذلك الموقف ما تاثير ذلك على الامه الكافره في زمانه . انها كانت بينه وبين الله سبحانه وتعالى ولما راى الله عز وجل ان ابراهيم عزم وبنيه صادقه على ذبح ابنه تنفيذآ للامر ألآهي قال له قف انا فديناه بكبش .
اما الامام الحسين - عليه السلام - بعد السنه الستون من المبعث النبوي وانحراف الامه الاسلاميه عن الدين الحنيف وتفشي الفساد والظلم ولم يبقى من الدين الا رسمه . , واستلام يزيد مقاليد الخلافه الذي عثى في الارض الفساد .
من هو يزيد :
لنبدأ بكلمة الامام الحسين - عليه السلام - عن يزيد التي القاها بمحضر واليه على المدينه فقال - عليه السلام -{ ويزيد رجل فاسق فاجر شارب للخمر قاتل للنفس المحرمه معلن بالفسق والفجور ومثلي لا يبايع مثله }. وقال ايضآ لمروان بن الحكم لما اشار عليه بان يبايع يزيد قال : { انا لله وانا اليه راجعون وعلى الاسلام السلام ان قد بليت الامه براع مثل يزيد بن معاويه } .
وهذا عبد الله بن حنظله غسيل الملائكه الصحابي الجليل ورئيس وفد اهل المدينه الى الشام بعد قتل الحسين - عليه السلام- فلما عاد الى المدينه جمع الناس في مسجد الرسول - صل الله عليه واله وقال ايها الناس قد جئناكم من عند رجل يترك الصلاه ويشرب المسكرات وينكح الامهات والاخوات ويلعب بالقرود والكلاب واذا لم تخلع بيعته اخشى ان نقذف بالحجاره من السماء .
وهذا الحسن البصري العالم والنابغه المعروف بزهده وعلمه قال في معرض بيان جرائم معاويه العظيمه الموبقه التي لخصها في اربعه وهي : اغتصابه الخلافه ثم استلحاقه زياد بن سميه بابيه ابي سفيان ثم قتله لحجر بن عدي الكندي واصحابه . واخيرآ فرضه لابنه يزيد السكير خليفه على المسلمين بعده . وهذا ايضآ العالم والفيلسوف الشهير ابن خلدون يدعي الاجماع على فسق يزيد وفجوره من قبل كافة علماء المسلمين ثم هذا الفيلسوف الاخر المعروف بالتفتازاني يحكم بجواز لعن يزيد ولعن اتباعه فيقول بالنص في كتابه شرح العقائد : الحق ان رضا يزيد بقتل الحسين - عليه السلام - واستبشاره به واهانته اهل بيت النبي - صل الله عليه واله - مما تواتر معناه ونحن لا نتوقف في شأنه بل في ايمانه لعنة الله عليه وعلى انصاره واعوانه .
وقال ابن حزم العالم المعروف قال في رسائله ما نصه : قيام يزيد بن معاويه كان لغرض الدنيا فقط فلا تأويل له فهو بغي مجرد .
وقال الجاحظ بالحرف : المنكرات التي اقترفها يزيد من قتل الحسين وحمله بنات رسول الله سبايا وقرعه ثنايا الحسين واخافته اهل المدينه وهدمه للكعبه المشرفه , تدل على القسوه والغلظه والنصب والحقد والبغضاء والنفاق والخروج عن الايمان فالفاسق ملعون ومن نهى عن شتم الملعون ملعون .
لهذا جاء الامر ألآهي الى امام زمانه ووصي رسوله وخليفة الله بالارض ان هاجر بالدين الى ارض العراق ولكن ثمن ذلك هو رقبتك وقتلك على ايدي الظالمين . فما كان من الامام - عليه السلام - الا الطاعه وخرج باهل بيته الى كربلاء وهو يعلم بما يجري عليهم . لقد ذكر مؤرخو الفريقين أنه عليه السلام لما عزم على الخروج إلى العراق قام خطيبا فقال:
" الحمد لله و ما شاء الله و لا حول و لا قوة إلا بالله و صلى الله على رسوله و سلم خط الموت على ولد آدم مخط القلادة على جيد الفتاة و ما أولهني إلى أسلافي اشتياق يعقوب إلى يوسف و خير لي مصرع أنا لاقيه كأني بأوصالي يتقطعها عسلان الفلوات بين النواويس و كربلاء فيملأن مني أكراشا جوفا و أجربة سغبا لا محيص عن يوم خط بالقلم رضي الله رضانا أهل البيت نصبر على بلائه و يوفينا أجور الصابرين لن تشذ عن رسول الله لحمته و هي مجموعة له في حظيرة القدس تقر بهم عينه و تنجز لهم وعده من كان فينا باذلا مهجته موطنا على لقاء الله نفسه فليرحل معنا فإني راحل مصبحا إن شاء الله تعالى ".
من ذلك ان الامام الحسين - عليه السلام - يعرف ما تأول اليه اموره وفي طريقه إلى كربلاء، لما وصل إليه خبر مقتل سفيره مسلم بن عقيل أعلن الخبر في أصحابه ولم يكتمه عنهم، بل وقف يخطب فيهم وينبئهم قائلا: " بسم الله الرحمن الرحيم، أما بعد، فإنه قد أتاني خبر فظيع، قتل مسلم بن عقيل وهانئ بن عروة وعبد الله بن يقطر، وقد خذلنا شيعتنا، فمن أحب منكم الانصراف فلينصرف من غير حرج ليس عليه ذمام ".
واي امام آخر لو كان بمكان الحسين وفي عصره وظروفه لما كان يعمل الا ما عمله الامام الحسين - عليه السلام - وما قام به من الثوره والتضحيه .
الحقيقه هي ان كل ما قام به الامام الحسين - عليه السلام - وغيره من ائمة اهل البيت - عليهم السلام - انما هو ناشيء ونابع عن ارادة الله وامره وايعاز من النبي - صل الله عليه واله - من قبل. خدمه لمصلحة الاسلام العليا وتمشيآ مع متطلبات الظروف والاحوال.
ان اهواء النفس والعواطف والغرائز والحالات الفطريه العضويه لا تاثير لها مطلقآ على تصرفات اهل بيت العصمه - عليهم السلام -والحمد لله رب العالمين
واي امام آخر لو كان بمكان الحسين وفي عصره وظروفه لما كان يعمل الا ما عمله الامام الحسين - عليه السلام - وما قام به من الثوره والتضحيه .
الحقيقه هي ان كل ما قام به الامام الحسين - عليه السلام - وغيره من ائمة اهل البيت - عليهم السلام - انما هو ناشيء ونابع عن ارادة الله وامره وايعاز من النبي - صل الله عليه واله - من قبل. خدمه لمصلحة الاسلام العليا وتمشيآ مع متطلبات الظروف والاحوال.
ان اهواء النفس والعواطف والغرائز والحالات الفطريه العضويه لا تاثير لها مطلقآ على تصرفات اهل بيت العصمه - عليهم السلام -والحمد لله رب العالمين
***********************
***********************
إرسال تعليق
التعليق على الموضوع :