آية المباهله

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد

اهل البيت "عليهم السلام" 

مقامهم - منهجهم - مسارهم

                                                           الجزء الثالث
مقدمه :  
طلب من الاخوه والخوات المؤمنين  الدعاء لان دعاء المسلم للمسلم على ظهر الغيب مجاب .
لاني اعاني من مرض خطير في الحنجره  ، عافاكم الله من كل سوء . واحتاج داعائكم . 
وان شاء الله سنستمر معك  حتى  يحين امر الله . والحمد لله على كل حال .
نعود الان الى موضوعنا : 
اخوان  من المشاكل الاساسيه التي نعاني منها في هذا الزمن ، ومنذ سنوات عديده ، نسيان الروح والحياة الروحيه والمعنويه ، ظنآ من كثير من الناس ان الاهتمام بهذا الجانب من الحياة الذي هو الاهم يحرم الانسان من العيش في دنياه سعيدآ ، ومن ان يتنعم بما رزقه الله أياه من متاع الدنيا ، وهذا خطأ كبير أدى الى كثير من المفاسد والمآسي التي نزلت بالانسانيه جمعاء .
ان الاهتمام بالجانب الروحي الانساني يفتح للانسان آفاقآ واسعه رحبه لا حدود لها ، الا كنه الذات الالهيه ، فان الانسان هو خليفة الله على الارض الذي أعطاه الله كل ما يستحق معه ان يكون خليفته ليحيط بكل العوالم النازله من المقام الالهي ( لولاك لما خلقت الافلاك ) .
باحياء عالم الروح وعلومها يستطيع الانسان ان ينال من المراتب والمنازل ما يحصل معه سعادة الدنيا والآخره وسعادة المجتمع الانساني كله ، انما يحتاج الانسان الى سلوك هذا السبيل ، وخوض هذه التجربه قبل الحكم عليها ، وتذوق هذا الرحيق قبل رفضه .
ولانا في الحقيقه لم نفهم هذا الجانب من ائمة اهل البيت "عليهم السلام" فقط اتخذنا الجانب العاطفي وتمسكنا به .
سنذكر اليوم آية المباهله :
[ فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع ابنائنا وابناءكم ونساءنا ونسائكم وانفسنا وانفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين ] .
وقعت حادثه تاريخيه خالده رواها المؤرخون والمفسرون ، كشفت لهذه الامه حرمة أهل بيت النبي "صل الله عليه واله" : 
{ علي وفاطمه والحسن والحسين } على الله سبحانه ، ومكانتهم في هذه الامه ودلت على عظمة قدرهم ومقامهم الفريد عند الله سبحانه .
وحادثة المباهله كما رواها المؤرخون والمفسرون والرواة هي : ان وفدآ من نصارى نجران جاء ليحاجج رسول الله ويحاوره ، فأمر الله سبحانه بهذه الايه المباركه ان يدعوا { عليآ وفاطمه والحسن والحسين } ويخرج بهم الى الوادي ، وان يدعواابنائهم ونسائهم ويخرجون معهم ، ثم يدعوا الله بان ينزل العذاب على الكاذبين ,
قال الزمخشري في الكشاف :
(انهم لما دعاهم الى المباهله قالوا : حتى نرجع وننظر ، فلما تخالوا قالوا للعاقب - وكان هذا رأيهم -: يا عبد المسيح ما ترى .
فقال : والله لقد عرفتم يا معشر النصارى  ن محمدآ نبي مرسل وقدد جاءكم بالفصل من امر صاحبكم ، والله ما باهل قوم نبيآ قط فعاش كبيرهم ولا نبت صغيرهم ، ولان فعلتم لنهلكن ، وانابيتم الا الف دينكم والاقامه على ما انتم عليه ، فوادعوا الرجل وانصرفوا الى بلادكم .
فأتى رسول الله "صل الله عليه واله" وقد غدا محتضنآ الحسين آخذآ بيد الحسن وفاطمه تمشي خلفه وعلي خلفها وهو يقول : { اذا انا دعوت فأمّنوا } . 
فقال اسقف نجران يا معشر النصارى اني لارى وجوهآ لو شاء الله ان يزيل جبلآ من مكانه لازاله بها ، فلا تباهلوا فتهكلوا ولا يبقى على وجه الارض نصراني الى يوم القيامه . 
فقالوا يا ابا القاسم رأينا ان لا نباهلك وان نقرّك على دينك ونثبت على ديننا .
قال : { فاذا ابيتم المباهله فاسلموا يكن لكم ما للمسلمين وعليكم ما عليهم } فابوا فقال : { فاني اناجزكم } .
فقالوا ما لنا في حرب العرب طاقه ولكن نصالحكم على ان لا تغزونا ولا تخيفنا ولا تردنا عن ديننا ، على ان نؤدّي  اليك كل عام الفي حلّه ، الف في صفر والف في رجب ، وثلاثين درعآ عاديه من حديد ، فصالحهم على ذلك . 
وقال "صل الله عليه واله" : [ والذي نفسي يده ، ان الهلاك قد تدلى على اهل نجران ، ولو لاعنوا لمسخوا قرده وخنازير ، 
ولاضطرم عليهم الوادي نارآ ، ولاستأصل الله نجران وأهلها حتى الطير على رؤوس الشجر ، ولما حال الحول على النصارى كلّهم حتى يهلكوا ] .
ثمّ استطرد الزمخشري حديثه عن تفسير آية المباهله ومقام أهل البيت "عليهم السلام" بعد ان استشهد على عظيم مكانتهم بحديث عائشه استطرد قائلآ : ( وقدمهم في الذّكر على الانفس لينبّه على لطف مكانتهم وقرب منزلتهم ، ولؤذن بانهم مقدّمون على الانفس ، مفدون بها وفيه دليل لاشيء اقوى منه على فضل اصحاب الكساء "عليهم السلام" .  وفيه برهان واضح على صحة نبوّة النبي "صل الله عليه واله" لانه لم يرو احد من موافق ولا مخالف انهم اجابوا الى ذلك ) .
أن المقام كان يوحي ببروز معسكر الايمان مقابل معسكر الشرك ، وأن الذين برزوا هم طليعة الهدى ومقدمة الامّه وأقدس ما فيها من نفوس أذهب الله عنها الرجس فطهرها تطهيرآ ، فلا ترد لهم دعوه ، ولا تكذب لهم كلمه ، 
من هنا نفهم ان ما وردنا عن اهل البيت "عليهم السلام" من فكر وتشريع وروايه وتفسير وهدايه وتوجيه هم جار مجرى هذا الموقف فهم الصادقون في لهجتهم وسيرتهم ومنهجهم .
والقرآن تحدى بهم أعداء الاسلام وجعل خصومهم الكاذبين المعرضين للعنه والعذاب : { فنجعل لعنة الله على القوم الكاذبين } .
ودون الفخر الرازي في تفسيره الكبير نفس الروايه التي رواها الزمخشري كامله ، فكان تفسيرهما متطابقآ تمام التطابق في هذا المحور ، ثم ّ علق بقوله : [ وأعلم ان هذه الروايه كالمتفق على صحتها بين اهل التفسير والحديث ] .
وقد ذكر العلّامه الطباطبائي في حديثه أنّ المعنيّ بهذه الآيه وان الذين باهل بهم اعداءهم { هم رسول الله "صل الله عليه واله" وعلي وفاطمه والحسن والحسين "عليهم السلام" } ما نصه : 
[ أطبق على نقلها وتلقيها بالقبول أهل الحديث وأثبتها أرباب الجوامع في جوامعهم ومنهم مسلم في صحيحه ، وأيدها اهل التاريخ . ثم اطبق المفسرون على ايرادها وايداعها في تفاسيرهم من غير اعتراض او ارتياب ، وفيهم جمع من اهل الحديث والتاريخ كالطبري وابي الفداء وابن كثير والسيوطي وغيرهم ] .
وفي هذه الآيه الكريمه يباهل الله ورسوله بهم اعداءه فيعرّف بمقامهم العظيم ومكانتهم المقدسه ، ولولا ما لهم من حرمه خاصّه على الله سبحانه ، وقدسيه متميزه لديه ، لما دعا رسول الله "صل الله عليه واله" لأن يخرج بهذه الكوكبه الطاهره يتحدى اعدأء الله بنزول العذاب وضمان استجابة الدعاء .
وفي الآيه دقائق لغويه لا بد من الوقوف عندها وهي : 
أضافة هذه الكوكبه { الحسن والحسين وفاطمه وعلي } الى رسول الله [ أبناءنا ] و[ نساءنا ] و [ انفسنا ] .
فولا تجسيد الحادثه وخروج رسول الله "صل الله عليه واله" ومعه هذه الكوكبه لانصرف الذهن من اطلاق كلمة [ نساءنا ] الى ازواج النبي "صل الله عليه واله" و [ ابناءنا ] الى فاطمه وبناته الأخريات ، ومن [ وانفسنا ] الى ذاته المقدسه وحدها .
الا ان رسول الله "صل الله عليه واله" باخراجه لهؤلاء الاربعه معه دون غيرهم فسّر لنا أن صفوة الامّه وقدوتها : فاطمه وأن صفوة ابناء المسلمين الحسن والحسين ، ونسبهم القرآن الى رسول الله "صل الله عليه واله" فكانوا وفق منطوق الآيه أبناءه ، واعتبر القرآن عليّآ كنفس رسول الله "صل الله  عليه واله" .
والحمد لله رب العالمين 

Post a Comment

التعليق على الموضوع :

أحدث أقدم