بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد
في البحث العرفاني للسيد السبزواري " رحمه الله " في تفسير قوله تعالى " :
{ وسارعوا الى مغفره من ربكم وجنّه عرضها السّموات والأرض أعدت للمتّقين } . حتى الآيه 138
ذكر الامام المفسر ان عالم الدنيا متقوم بالخيالات والأوهام والجهالات . والناس بعيدون من الحقائق والواقعيات . وموجبات الإغراء بالشهوات كثيره ومتعدده .
والآيات الشريفه ترشد الانسان الى أهم الحقائق التي بها يستقيم الفرد . وينتظم نظام المجتمع .
وحقيقة هذه الآيات ترجع الى التغافل عما يصيب الفرد من المكروه والأذى من غيره . وبذل أحب الأشياء لديه وهو المال والجاه وترويض النفس وجعلها تحت إمارة العقل والحكمه . وعدّ الفرد نفسه فرداً من أفراد المجتمع . كمالهم كمال له وما يصيبهم من السوء يصيبه .
وقد أكد عزّ وجلّ إرساء قواعد العفو والمغفره بين الناس . فإن كل فرد أحوج من غيره الى العفو والمغفره . لما يصدر منه من الذنوب والمعاصي . فبالعفو عن إساءة غيره وبذل ما عنده اليه يدخل في زمرة من تخلق بأخلاق الله تعالى ومنها العفو والمغفره . فإن الدنيا مزرعة الآخره فما يزرع فيها يحصد في الآخره . وقد فتح الله عزّ وجلّ باب التوبه والرجوع اليه عزّ وجلّ بأي وجه أمكن . فإن لها جهتين :
جهه تكوينيه : وهي تربية الانسان .
وجهه تشريعيه : وهي تكثير صفوف المتقين . وقد اهتم لذلك الله عزّ وجلّ اهتماماً بليغاً وأعلن في جميع الكتب السماويه وخصوصاً القرآن الكريم . بأنه العفور الرحيم وجهر بقبول التوبه والدعوه للرجوع اليه . وهذا هو عين ما يدعو اليه العقل المجرد . فما ورد في تلك الآيات الشريفه كله من الأحكام العقليه النظاميه صدر عن خالق العقل وموجده .
زمان التوبه :
إنّ من رحمته تعالى على عبده أن فتح لهم باب التوبه بمصراعيه . ومن عظيم لطفه جعله مفتوحاً أمام العاصين حتى تبلغ النفس الى الحلقوم . ويدل على ذلك روايات مستيفضه منها : عن رسول الله " صل الله عليه واله " :
[ من تاب قبل موته بسنه قبل الله توبته . ثم قال : إن السنه لكثير . من تاب قبل موته بشهر قبل الله توبته . ثم قال إن الشهر لكثير . من تاب قبل موته بجمعه قبل الله توبته . ثم قال : إن الجمعه لكثير . من تاب قبل موته بيوم قبل الله توبته . ثم قال : إن يوما لكثير . من تاب قبل أن يعاين . قبل الله توبته ] .
ويدل ذلك أيضاً قوله تعالى : [ وليست التوبه للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إنّي تبت الآن ] أي في ما إذا عاين الموت .
سبل محو الذنوب :
أن الذنوب كلها قابله للتكفير عنها ومحوها والتوبه عنها . ولذلك طرق كثيره وهي إما تكون محدوده ومعينه بالشرع فلا تصح
بغيرها . وإما ان لا تكون كذلك . والجامع بين القسمين هو الندامه والمجاهده على ترك الذنب وأرضاء صاحب الحق خالقاً كان أو مخلوقاً .
وطرق التوبيه على قسمين :
القسم الأول : الطرق التي عينها الشارع وجعل لها حدوداً وشروطاً . لا تصح التوبه بغيرها وهي كثيره منها :
أولاً : الإسلام فإنّه يهدم الشرك والآيات والروايات فيه متواتره . ويكفي في ذلك قوله " صل الله عليه واله " المشهور بين الفريقين : { الإسلام يجب ما قبله } .
ثانياً : قضاء الطاعات الواجبه مثل الصلاة والصوم والحج والزكاة والخمس . فإن التوبه المقرره في الشريعه عن الذنب الحاصل من تركها هي قضاؤها على ما هو المفصل في علم الفقه .
ثالثاً : أداء حقوق الناس إن ضيعها . سواء كان الحق مالياً أو جنايه على النفس أو حقاً أدبياً أخلاقياً . والتوبه عن الذنب الحاصل من تضييعها أداؤها والاسترضاء من صاحب الحق . أو القصاص . أو إخراج الديه كما هو مفصل في كتب الفقه .
رابعاً : إظهار الخلاف وإعلام الناس ببطلان ما أظهره . كما لو استحدث ديناً جديداً . فطريق التوبه عنه أظهار خلافه وإعلام الناس ببطلانه والإصلاح بعد الفساد . قال تعالى : { إلأ الذين تابوا وأصلحوا وبيّنوا فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم } .
وأما ما ورد عن رسول الله " صل الله عليه واله " أنه قال : { إن الله غافر كل ذنب إلأ من أحدث ديناً . ومن اغتصب أجيراً أجره . أو رجل باع حراً } فإنه محمول على عدم تحقق شرائط التوبه منه . بقرينة غيره من الروايات المتقدمه .
القسم الثاني : الطرق العامه التي جعلها الله تعالى وسيله للتوبه والتكفير عن الذنوب والخطايا وهي أيضاً كثيره منها :
أولاً : اجتناب الكبائر فإنه موجب لمحو الصغائر قال تعالى : { إنّ تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم ونددخلكم مدخلاً كريماً } وقال تعالى : { ومن يتق الله يكفر عنه سيئاته ويعظم له أجره } وقال تعالى : { يا أيّها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقاناً ويكفر عنكم سيئاتكم ويغفر لكم والله ذو الفضل العظيم } .
وروي عن الامام الصادق " عليه السيلام " " { من اجتنب الكبائر . كفر الله عنه جميع ذنوبه . وذلك قول الله عزّ وجلّ :
( إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم ) .
ثانياً : إتيان الحسنات والأعمال الصالحه . فانه كفاره للذنوب قال تعالى : ( إنّ الحسنات يذهبّن السّيئات ) .
وقال " صل الله عليه واله " : ( اتبع السيئه الحسنه تمحها ) وفي وصية النبي لأبي ذر : ( اتق الله حيثما كنت . وخالق الناس بخلق حسن . وإذا عملت سيئه فاعمل حسنه تمحوها ) .
ثالثاً : الاستغفار فإنه الممحاة وأنه دواء الذنوب قال تعالى : { ومن يعمل سوءاً أو يظلم نفسه ثم يستعغر الله يجد الله غفوراً رحيماً }
وقال تعالى : { واستغفورا ربّكم ثمّ توبوا اليه } وقال تعالى : { والذين إذا فعلوا فاحشه أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلأ الله } وفي الحديث : كان رسول الله " صل الله عليه واله " يستغفر الله في كل يوم سبعين مره يقول : استغفر الله ربي وأتوب اليه . وكذلك أهل بيته وصالح أصحابه يقول الله تعالى : ( واستغفروا ربّكم ثمّ توبوا إليه ) .
وقال رجل : يا رسول الله إني أذنب فما أقول إذا تبت ؟
قال " صل الله عليه واله : استغفر الله . فقال : إني أتوب ثم أعود . فقال : كلما أذنبت استغفر الله . فقال : إذن تكثر ذنوبي .
فقال " صل الله عليه واله " : عفو الله أكثر . فلا تزال تتوب حتى يكون الشيطان هو المدحور .
وعن أبي عبد الله " عليه السلام " : من قال : استغفر الله مئة مره في يوم . غفر الله له سبعمائة ذنب ، ولا خير من عبد يذنب في يوم سبمعئة ذنباً . وعنه " عليه السلام : إن المؤمن ليذكر ذنبه بعد عشرين سنه حتى يستغفر ريه فيغفر له . وإن الكافر لينساه من ساعته .
رابعاً : الاستعانه بالله بالصلاة . والصيام في غفران الذنوب . ففي الخبر عنهم " عليهم السلام " ما من عبد أذنب ذنباً . فقام وتطهر وصلى ركعتين . واستغفر الله إلأ غفر له . وكان حقاً على الله أن يقبله لأنه سبحانه قال : { ومن يعمل سوءاً أو يظلم نفسه ثمّ يستغفر الله يجد الله غفوراً رحيماً } .
وعن أمير المؤمنين " عليه السلام " أنه قال : ( ما أهمني ذنب أمهلت بعده حتى أصلي ركعتين } .
وقد وردت روايات كثيره على أن صوم أيام أيام من الأسبوع أو أيام من السنه يوجب محو الذنوب .
والحمد لله رب العالمين
اللهم صل على محمد وال محمد
العفو والتوبه
في البحث العرفاني للسيد السبزواري " رحمه الله " في تفسير قوله تعالى " :
{ وسارعوا الى مغفره من ربكم وجنّه عرضها السّموات والأرض أعدت للمتّقين } . حتى الآيه 138
ذكر الامام المفسر ان عالم الدنيا متقوم بالخيالات والأوهام والجهالات . والناس بعيدون من الحقائق والواقعيات . وموجبات الإغراء بالشهوات كثيره ومتعدده .
والآيات الشريفه ترشد الانسان الى أهم الحقائق التي بها يستقيم الفرد . وينتظم نظام المجتمع .
وحقيقة هذه الآيات ترجع الى التغافل عما يصيب الفرد من المكروه والأذى من غيره . وبذل أحب الأشياء لديه وهو المال والجاه وترويض النفس وجعلها تحت إمارة العقل والحكمه . وعدّ الفرد نفسه فرداً من أفراد المجتمع . كمالهم كمال له وما يصيبهم من السوء يصيبه .
وقد أكد عزّ وجلّ إرساء قواعد العفو والمغفره بين الناس . فإن كل فرد أحوج من غيره الى العفو والمغفره . لما يصدر منه من الذنوب والمعاصي . فبالعفو عن إساءة غيره وبذل ما عنده اليه يدخل في زمرة من تخلق بأخلاق الله تعالى ومنها العفو والمغفره . فإن الدنيا مزرعة الآخره فما يزرع فيها يحصد في الآخره . وقد فتح الله عزّ وجلّ باب التوبه والرجوع اليه عزّ وجلّ بأي وجه أمكن . فإن لها جهتين :
جهه تكوينيه : وهي تربية الانسان .
وجهه تشريعيه : وهي تكثير صفوف المتقين . وقد اهتم لذلك الله عزّ وجلّ اهتماماً بليغاً وأعلن في جميع الكتب السماويه وخصوصاً القرآن الكريم . بأنه العفور الرحيم وجهر بقبول التوبه والدعوه للرجوع اليه . وهذا هو عين ما يدعو اليه العقل المجرد . فما ورد في تلك الآيات الشريفه كله من الأحكام العقليه النظاميه صدر عن خالق العقل وموجده .
زمان التوبه :
إنّ من رحمته تعالى على عبده أن فتح لهم باب التوبه بمصراعيه . ومن عظيم لطفه جعله مفتوحاً أمام العاصين حتى تبلغ النفس الى الحلقوم . ويدل على ذلك روايات مستيفضه منها : عن رسول الله " صل الله عليه واله " :
[ من تاب قبل موته بسنه قبل الله توبته . ثم قال : إن السنه لكثير . من تاب قبل موته بشهر قبل الله توبته . ثم قال إن الشهر لكثير . من تاب قبل موته بجمعه قبل الله توبته . ثم قال : إن الجمعه لكثير . من تاب قبل موته بيوم قبل الله توبته . ثم قال : إن يوما لكثير . من تاب قبل أن يعاين . قبل الله توبته ] .
ويدل ذلك أيضاً قوله تعالى : [ وليست التوبه للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إنّي تبت الآن ] أي في ما إذا عاين الموت .
سبل محو الذنوب :
أن الذنوب كلها قابله للتكفير عنها ومحوها والتوبه عنها . ولذلك طرق كثيره وهي إما تكون محدوده ومعينه بالشرع فلا تصح
بغيرها . وإما ان لا تكون كذلك . والجامع بين القسمين هو الندامه والمجاهده على ترك الذنب وأرضاء صاحب الحق خالقاً كان أو مخلوقاً .
وطرق التوبيه على قسمين :
القسم الأول : الطرق التي عينها الشارع وجعل لها حدوداً وشروطاً . لا تصح التوبه بغيرها وهي كثيره منها :
أولاً : الإسلام فإنّه يهدم الشرك والآيات والروايات فيه متواتره . ويكفي في ذلك قوله " صل الله عليه واله " المشهور بين الفريقين : { الإسلام يجب ما قبله } .
ثانياً : قضاء الطاعات الواجبه مثل الصلاة والصوم والحج والزكاة والخمس . فإن التوبه المقرره في الشريعه عن الذنب الحاصل من تركها هي قضاؤها على ما هو المفصل في علم الفقه .
ثالثاً : أداء حقوق الناس إن ضيعها . سواء كان الحق مالياً أو جنايه على النفس أو حقاً أدبياً أخلاقياً . والتوبه عن الذنب الحاصل من تضييعها أداؤها والاسترضاء من صاحب الحق . أو القصاص . أو إخراج الديه كما هو مفصل في كتب الفقه .
رابعاً : إظهار الخلاف وإعلام الناس ببطلان ما أظهره . كما لو استحدث ديناً جديداً . فطريق التوبه عنه أظهار خلافه وإعلام الناس ببطلانه والإصلاح بعد الفساد . قال تعالى : { إلأ الذين تابوا وأصلحوا وبيّنوا فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم } .
وأما ما ورد عن رسول الله " صل الله عليه واله " أنه قال : { إن الله غافر كل ذنب إلأ من أحدث ديناً . ومن اغتصب أجيراً أجره . أو رجل باع حراً } فإنه محمول على عدم تحقق شرائط التوبه منه . بقرينة غيره من الروايات المتقدمه .
القسم الثاني : الطرق العامه التي جعلها الله تعالى وسيله للتوبه والتكفير عن الذنوب والخطايا وهي أيضاً كثيره منها :
أولاً : اجتناب الكبائر فإنه موجب لمحو الصغائر قال تعالى : { إنّ تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم ونددخلكم مدخلاً كريماً } وقال تعالى : { ومن يتق الله يكفر عنه سيئاته ويعظم له أجره } وقال تعالى : { يا أيّها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقاناً ويكفر عنكم سيئاتكم ويغفر لكم والله ذو الفضل العظيم } .
وروي عن الامام الصادق " عليه السيلام " " { من اجتنب الكبائر . كفر الله عنه جميع ذنوبه . وذلك قول الله عزّ وجلّ :
( إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم ) .
ثانياً : إتيان الحسنات والأعمال الصالحه . فانه كفاره للذنوب قال تعالى : ( إنّ الحسنات يذهبّن السّيئات ) .
وقال " صل الله عليه واله " : ( اتبع السيئه الحسنه تمحها ) وفي وصية النبي لأبي ذر : ( اتق الله حيثما كنت . وخالق الناس بخلق حسن . وإذا عملت سيئه فاعمل حسنه تمحوها ) .
ثالثاً : الاستغفار فإنه الممحاة وأنه دواء الذنوب قال تعالى : { ومن يعمل سوءاً أو يظلم نفسه ثم يستعغر الله يجد الله غفوراً رحيماً }
وقال تعالى : { واستغفورا ربّكم ثمّ توبوا اليه } وقال تعالى : { والذين إذا فعلوا فاحشه أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلأ الله } وفي الحديث : كان رسول الله " صل الله عليه واله " يستغفر الله في كل يوم سبعين مره يقول : استغفر الله ربي وأتوب اليه . وكذلك أهل بيته وصالح أصحابه يقول الله تعالى : ( واستغفروا ربّكم ثمّ توبوا إليه ) .
وقال رجل : يا رسول الله إني أذنب فما أقول إذا تبت ؟
قال " صل الله عليه واله : استغفر الله . فقال : إني أتوب ثم أعود . فقال : كلما أذنبت استغفر الله . فقال : إذن تكثر ذنوبي .
فقال " صل الله عليه واله " : عفو الله أكثر . فلا تزال تتوب حتى يكون الشيطان هو المدحور .
وعن أبي عبد الله " عليه السلام " : من قال : استغفر الله مئة مره في يوم . غفر الله له سبعمائة ذنب ، ولا خير من عبد يذنب في يوم سبمعئة ذنباً . وعنه " عليه السلام : إن المؤمن ليذكر ذنبه بعد عشرين سنه حتى يستغفر ريه فيغفر له . وإن الكافر لينساه من ساعته .
رابعاً : الاستعانه بالله بالصلاة . والصيام في غفران الذنوب . ففي الخبر عنهم " عليهم السلام " ما من عبد أذنب ذنباً . فقام وتطهر وصلى ركعتين . واستغفر الله إلأ غفر له . وكان حقاً على الله أن يقبله لأنه سبحانه قال : { ومن يعمل سوءاً أو يظلم نفسه ثمّ يستغفر الله يجد الله غفوراً رحيماً } .
وعن أمير المؤمنين " عليه السلام " أنه قال : ( ما أهمني ذنب أمهلت بعده حتى أصلي ركعتين } .
وقد وردت روايات كثيره على أن صوم أيام أيام من الأسبوع أو أيام من السنه يوجب محو الذنوب .
والحمد لله رب العالمين
***********************
***********************
Tags:
تهذيب النفس