متفرقات في السير والسلوك العملي /2

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صل على محمد وال محمد 


الجزء الثاني : 

تلك حكما وأقوالا وقصصا منتخبه من مختلف المصادر، وأراها مؤثره ومفيده لمختلف درجات السالكين، وسنذكرها حسب اجزاء متواصله عسى أن يأخذوا بها ويتنور باطنهم وقلبهم منها وبالاستمداد والاستلهام الروحي من هذه المطالب وبادعيتهم الخالصه لي أرتفع ويرتفعون درجه قربا منه سبحانه ومن أنبيائه وأئمته وأوليائه في الحياة وبعد الممات والله من وراء القصد.

علوم القرآن :
قال أبو طالب المكّي المتوفي 368 هجري في كتابه قوت القلوب :
أقل ما قيل في العلوم التي يحويها القرآن من ظواهر المعاني المجموعه فيه أربعة وعشرون ألف علم وثمانمائة علم ، إذ لكل آية علوم أربعة ظاهر وباطن وحدّ ومطلع .
وقد يقال إنّه  يحوي سبعة وسبعين ألف علم ومائتين من علوم ، إذ لكل كلمه  علم ، وكل علم عن وصف ، فكل كلمه تقتضي صفه ، وكل صفه موجبة أفعالاً حسنةً وغيرها على معانيها ، فسبحان الله الفتًاح العليم . 
كيف كان بلاء أيوب عليه السلام :
قال الامام الصادق " عليه السلام : 
إن أيوب ابتلى سبع سنين من غير ذنب ، وأنّ الأنبياء " عليهم السلام " لا يذنبون لأنّهم معصومون مطهرون لا يذنبون ولا يزيغون ولا يرتكبون ذنباً لا صغيراً ولا كبيراً . 
وقال : إن أيوب " عليه السلام " من جميع ما ابتلى به لم تنتن له رائحه ، ولا قبحت له صوره ، ولا خرجت منه مدة من دم ولا قيح ، ولا استقذره أحد رآه ، ولا استوحش منه أحد شاهده ، ولا تدوّد شيء من جسده  ، وهكذا يصنع الله عزّ وجلّ بجميع من يبتليه من أنبيائه وأوليائه المكرمين عليه . 
وإنما اجتنبه النّاس لفقره وضعفه في ظاهر أمره لجهلهم بماله عند ربّه تعالى من التأييد والفرج . 
( كتاب النّبوّه من موسوعة بحار الانوار للعلامه المجلسي نقله العلامه حسن زاده آملي في تعليقاته على كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد وكذّب القصص والروايات الاخرى وقال إنّها افتراء محض ) . 
مثال المرآة للتجلي الإلهي :
في مناظره الإمام الرّضا " عليه السلام " مع أصحاب الأديان والمقالات بمحضر الحاكم العباسي المأمون سأله عمران :
ألا تخبرني يا سيّدي عن الله أهو في الخلق أم الخلق فيه ؟
فقال الامام الرّضا : عليه السلام " :
حلّ يا عمران عن ذلك ، ليس هو في الخلق ولا الخلق فيه  تعالى عن ذلك ، وسأعلمك ما تعرفه به ولا حول ولا قوّه إلأ بالله .
أخبرني عن المرآة أنت فيها أم هي فيك .؟
فأن كان ليس كل واحد منكما في صاحبه فبأيّ شيء استدللت بها على نفسك ؟
قال عمران : بضوء بيني وبينها ،
فقال الإمام الرّضا " عليه السلام " :  هل ترى من ذلك الضوء في المرآة أكثر ممّا تراه في عينك ؟
قال : نعم ، فقال الإمام الرّضا " عليه السلام  : " فأرناه ، فلم يحر جواباً .
قال الإمام الرّضا " عليه السلام " : فلا أرى النّور إلأ وقد دلّك ودلّ المرآة على انفسكما من غير أن يكون في واحد منكما .
وقال الشيخ محي الدّين : المتجلّي له ما رأى سوى صورته في مرآة الحق ، ثم قال : وما رأى الحق ولا يمكن أن يراه مع علمه أنّه ما رأى صورته ألأ فيه ، كالمرآة في الشاهد ، إذا رأيت الصور فيها لا تريها مع علمك أنّك ما رأيت الصور أو صورتك إلأ فيها ، فأبرز الله ذلك مثالاً نصبه لتجليه الذاتي ، ليعلم المتجلي له أنّه ما رآه ، وما ثمة مثال أقرب ولا أشبه بالرؤيه والتجلي من هذا المثال .
ثم قال : واجهد في نفسك عندما ترى الصوره في المرآة أن ترى جرم المرآة لا تراه أبداً البته .
ثم قال : فهو مرآتك في رؤيتك نفسك وانت مرآته في رؤيته أسماؤه وظهور أحكامها .
حبّب إليّ من دنياكم ثلاث : 
قال الشيخ محي الدّين في الفصّ المحمّدي في بيان الحديث النبوي المعروف :
 { حبّب إليّ من دنياكم ثلاث النّساء والطيب وقرة عيني الصلاة } 
إنّما حبّب إليه النّساء فحنّ إليهنّ لأنه من باب حنين الكل إلى جزئه ، فإنّ الله اشتقّ للرجل شخصاً على صورته سمّاه امرأةً فحنّ إليها حنين الشيء إلى نفسه ، وحنّت إليه حنين الشيء إلى وطنه . 
ثم قال : إنّ الله أحبّ من خلقه على صورته وأسجد له ملائكته والصوره أعظم مناسبةً وأجلّها وأكملها ، وقد كان حبّه " صل الله عليه وآله " لمن تكوّن منه ، فلهذا قال في كلامه : حبّب إليّ ولم يقل أحببت من نفسه ، لتعلّق حبّه بربّه الذي هو على صورته حتى في محبته لا مرأته ، فإن أحبّها لحبّ الله إياه تخلقاً إلهيّاً . 
ولما أحبّ الرجل المرأة طلب الوصلة التي في المحبّه فلم يكن في صورة النشأة العنصريه أعظم وصله من النكاح ، ولهذا تعمّ الشهوه أجزاؤه كلّها ، ولذلك أمر بالاغتسال منه ، فعمّت الطهاره كما عمّ الفناء فيها عند حصول الشهوه فإن الحق غيور على عبده أن يعتقد أنّه يلتذّ بغيره فطهره بالغسل ليرجع بالنظر إليه فيمن فنى فيه .
فمن أحبّ النّساء على هذا الحدّ فهو حبّ إلهي ، ومن أحبّهن على جهة الشهوه الطبيعيه خاصّةً نقصه علم هذه الشهوه ، فكان صورةً بلا روح عنده ، وإن كانت تلك الصوره في نفس الأمر ذات روح ولكنّها غير مشهوده حيث كانت لمجرد الالتذاذ ، 
فأحب المحلّ الّذي هو فيه وهو المرأه ، 
ولكن غاب عنه روح المسأله ، فلو علمها لعلم بمن التذّ ومن التذّ وقد كان حبّ النّساء لمحمد " صل الله عليه وآله " عن تحبّب إلهي . 
وأمّا حكمة الطيب وجعله بعد النّساء ، فلما في النّساء من روائح التكوين ، فإنّ أطيب الطيب عناق الحبيب كما ورد في المثل السائر الى آخر كلامه . 
( فصوص الحكم : الفص المحمدي وهو آخر الفصوص ولقد شرح الحديث شرحاً عرفانباً فراجع ، واختصرت جانباً منه مع تصرف موجز )
والحمد لله رب لعالمين 


***********************


***********************

إرسال تعليق

التعليق على الموضوع :

أحدث أقدم