رسالة زاد السالك \ 2

بسم الله الرحمن الرحيم
 اللهم صل على محمد وال محمد



 رسالة (  زاد السالك ) مع الشرح
للمحدث المعروف العالم الرباني محسن الفيض الكاشاني ( قدس سره ) .


تكملت الرساله : 
ومسيرة هذا  السفر السعي التام ، والجهد البليغ ، والهمه العاليه في قطع هذه المنازل بالمجاهده ورياضة النفس بحمل أعباء التكاليف الشرعيه من الفرائض والسنن والآداب ، ومراقبة  ومحاسبة النفس آناً فآناً ولحظه بلحظه ، وتوحيد الهموم والانقطاع الى الحق سبحانه وتعالى :       {وتبتل إليه تبتيلاً } { والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا } .                                                                                                     
وزاد هذا السفر التقوى : { وتزودوا فإنّ خير الزاد التقوى } .    
والتقوى عباره عن القيام بما أمر الشارع به ، والابتعاد عمّا نهى عنه ،   عن بصيره لكي يستعدّ القلب   لفيض المعرفه بنور الشرع ، وصقل التكاليف { واتقوا الله ويعلمكم الله } .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
{ - " الخواجه نصير الدين الطوسي يقول : التقوى الابتعاد عن المعاصي خوفاً من غضب الله تعالى والابتعاد عنه ، وبالحقيقيه التقوى مركبه من ثلاث أشياء : الاول الخوف ، والثاني اجتناب المعاصي ، والثالث طلب القربه  " - }
ـــــــــــــــــــــــــــــ
كما أن المسافر الصوري ما لم يحصّل قوة البدن من الزاد لا يستطيع أن يقطع الطريق ، كذلك المسافر المعنوي ما لم يقم بتطهير ظاهره وباطنه بالتقوى والطهاره الشرعيه ، ويقوّي الروح بها ، فلن تفيض عليه العلوم والمعارف والأخلاق الحميده المترتبه على التقوى ، والتقوى تحصل منها - لا على سبيل الدور - . 
ومثل هذا الشخص مثل من يحمل مصباحاً في ليل مظلم ويرى الطريق بنوره ، كلما خطا خطوه يضيء قسماً من الطريق ويسير عليه وهكذا ، وإذا لم يتقدم خطوه فلن يضيء الطريق ، وما لم يضيء فلن يستطيع السير ، فالرؤيه هي بمنزلة المعرفه ، والسير بمنزلة العمل والتقوى ( من يعمل بما علم أورثه الله ما لم يعلم ، العلم يهتف بالعمل فإن أجابه وإلا ارتحل ، لا يقبل الله عملاً إلاّ بمعرفه ولا معرفه إلاّ بعمل ، فمن    عرف دلته المعرفه على العمل ، ومن لم يعمل فلا معرفه له ، ألا إن الإيمان بعضه من بعض ) . كما أن من لا يعرف الطريق في السفر الصوري ، فلن يصل الى المقصد .
( العامل على غير بصيره كالسائر على غير الطريق ، لا يزيده كثرة السير إلاّ بعداً ) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
توضيح :
" في ( بحار الانوار ) ضمن البيان والاستدلال المنقول عن المفيد - رحمه الله - هذه العباره : ومثل هذا قول النبي " صل الله عليه واله " :
{ من عمل بما يعلم ورّثه الله علم ما لم يعلم }
ونقل في ( بحار الانوار أيضاً عن كتاب ( أعلام الدين ) أن الامام محمد الباقر " عليه السلام " قال : { من عمل بما يعمل علمه الله ما لم يعلم } ونقل في ( البحار ) عن ثواب الاعمال مسنداً الى الامام الصادق " عليه السلام " قال : { من عمل بما يعلم علمه الله ما لم يعلم } قال المجلسي رحمه الله في بيان ذلك ( أي كفي ما لم يعلم ) ( أي علمه الله بلا تعب ) .
وذكر في ( البحار ) عن خاتم الانبياء " صل الله عليه واله " ضمن حديث : { ومن يرغب في الدنيا فطال فيها أمله ، اعمى الله قلبه على قدر رغبته فيها ، ومن زهد فيها فقصر فيها  أمله  ، اعطاه الله علماً بغير تعلم ، وهداه بغير هدايه ، واذهب عنه العمى وجعله بصيراً } .
وروي في هذا الكتاب أيضاً عن أمير المؤمنين " عليه السلام " أنه قال : { من زهد في الدنيا ولم يجزع من ذلها ولم ينافس في عزّها هداه الله بغير هدايه من مخلوقه ، وعلّمه بغير تعليم ، وأثبت الحكمه في صدره وأجراها على لسانه } .
ونقل المجلسي رحمه الله في ( البحار ) عن ( عوالي اللئالي ) لأبن أبي جمهور رحمه الله أنّ النبي " صل الله عليه واله " قال : { إنّ العلم يهتف بالعمل فإن أجابه وإلاّ فارتحل } وفي نفس هذا الكتاب أيضاً عن نفس المصدر نقلاً عن (  نهج  البلاغه ) أنّ أمير المؤمنين " عليه السلام " قال : { العلم مقرون الى العمل فمن علم عمل ، والعلم يهتف بالعمل فإن أجابه وإلاّ ارتحل }  ،
{  لا يقبل الله عملاً إلاّ بمعرفه ، ولا معرفه إلاّ بعمل ، فمن عرف دلّته المعرفه على العمل ، ومن لم يعمل فلا معرفه  له ، إلا أن الايمان بعضه من بعض } .
بيان : الظاهر أنّ المراد بالمعرفه أصول العقائد ، ويحتمل الأعم قوله ( أنّ الايمان بعضه من بعض ، أي اجزاء الايمان والعقائد والاعمال بعضها مشروطه ببعض ، كأن العقائد أجزاء الاعمال وبالعكس ، أو المراد أنّ أجزاء الايمان ينشأ بعضها من بعض .
وقد روي هذا المضمون أيضاً عن الامام الباقر " عليه السلام " ونقله في ( البحار ) في مضمون كلماته المأثوره بهذه العباره : { لا يقبل عمل إّلا بمعرفه ، ولا معرفه إلاّ بعمل ، ومن عرف دلّته معرفته على العمل ، ومن لم يعرف فلا عمل له } .
وقوله : كما أن من لا يعرف الطريق الصوري لا يصل الى مقصده ، فكذلك من لم تكن له بصيره في عمله في السفر المعنوي لا يصل الى مقصده ( العامل على غير بصيره كالسائر على غير الطريق ، لا يزيده كثرة السير إلا بعداً ) .
  نقل الكليني رحمه الله في ( اصول الكافي )  عن الامام الصادق " عليه السلام " قوله : { العامل على غير بصيره كالسائر على غير الطريق لا تزيده سرعة السير إلا بعداً } ونقله المجلسي رحمه الله في ( بحار الانوار ) أيضاً ونقله في ( جامع الاخبار ) وقد رواه مؤلفه عن الامام الصادق " عليه السلام " .
ونقل في ( نهج  البلاغه ) أيضاً أن أمير المؤمنين " عليه السلام " قال في ضمن خطبه له : { فأنّ العامل بغير علم كالسائر على غير الطريق فلا يزيده بعده عن الطريق إلا بعداً عن حاجته ، والعامل بالعلم كالسائر على الطريق الواضح ، فلينظر ناظر أسائر هو أم راجع } ونقل في (تفسير علي بن ابراهيم ) أيضاً أن الامام السجاد " عليه السلام " قال : { مكتوب في الانجيل ، لا تطلبوا علم ما لا تعلمون ، ولما عمتلم بما علمتم ،  وأّلا العلم إذا لم يعمل به لم يزدد من الله إلاّ بعداً } .  "
والحمد لله رب العالمين                                                                 

***********************


***********************

إرسال تعليق

التعليق على الموضوع :

أحدث أقدم