بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد
الحياء :
ـــــــــــــ
هو انقباض النفس عن القبيح الشرعي والعقلي والعادي ومخالفة الذنب الأخروي والذم الدنيوي .
وهو اعم من التقوى لأنّ التقوى : هي إنقباض النفس عن القبيح الشرعي .
والحياء عند المقربين هو ضابطة مقام القرب ، فعلى مقدار الحياء يكون القرب فمن كان أكثر حياءاً كان أكثر قرباً ومن لا حياء له لا قرب له .
قال سهل بن عبد الله : ( أدنى مقام من مقامات القرب الحياء ) .
والحياء على نوعين : عام وخاص .
والحياء العام : هو صفة أهل المراقبه الذين تستحي قلوبهم من هيبة إطلاع الرقيب وفي هذا المجال قال ذو النون : ( الحياء : وجود الهيبه في القلب مع حشمة ماسبق منك الى ربك ) .
والحياء الخاص : هو صفة أهل المشاهده وهم الذين تكون روحهم منطويه من عظمة شهود الحق .
إنّ الحياء أصل في ذات الانسان الذي به الآدمي يصير آدمياً ، الحياء والعقل والإيمان معاً لا ينفصل أحدهم عن الآخر للحظه ، قال رسول الله " صل الله عليه واله " : ( إستحيوا من الله حق الحياء وتمامه ، قالوا نستحي يا نبيّ الله والحمد لله ، قال " صل الله عليه واله " : ليس كذلك ، ولكن من استحيا من الله حق الحياء فليحفظ الرأس وما وعى ، وليحفظ البطن وما حوى ، وليذكر الموت والبلا ، ومن أراد الآخره ترك زينة الدنيا ، ومن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء ) .
وقد تسأل : لماذا نورد نصوص المعصومين " عليهم السلام " وكلمات العرفان في البدايه مع أنّ المنهجيه العامه هي تأخر ذكر الرويات ؟ .
وجوابه : إنّنا قد تعمدنا ذلك لأجل توضيح معنى الحياء ولأجل الترغيب فيه لأنّ البعض قد يتعامل بالحياء مع الناس فقط ومنه مايكون صحيحاً نابع من نفس مستحيه ومنه مايكون بتكلّف ، وعلى كلا التقديرين لايعدو كونه حياءً من الناس ، والمهم في الحياء أن يكون من الله عزّ وجلّ ومراقبته وأستشعار سبحات قدس ساحته تعالى .
نقل أبن الحديد المعتزلي في شرح النهج قائلاً : ( وفي بعض الكتب القديمه : ما أنصفني عبدي يدعوني فأستحي من أن أردّه ، ويعصيني وأنا أراه فلا يستحي مني ) .
هذا وليعلم أنّ الحياء لوحده لا يكفي لأن يفعل في نفس الانسان إستشعار وجود الحق تعالى ، بل لابدّ معه من الأنس لكي يأخذ دوره كما هو ، فالحياء والأنس طارئتان على النفس يخلّفان فيها أستشعار الحق ، وموضوع النفس لابدّ أن يتصف بصفتين لكي تكتمل المعادله وهما : الزهد والورع ، فإذا إكتملت هذه المقومات تحققت النتيجه .
قال السري السقطي : ( الحياء والأنس يطرقان القلب فإن وجدا فيه الزهد والورع حطّا وإلا رحلا ) .
والكلام في الحياء يقع ضمن قوله تعالى : { ألم يعلم بأنّ الله يرى } .
وهذه الآيه الكريمه تبيّن مطلباً مهماً وقاعده أساسيه في الأخلاق والأعمال وهي سبق العلم للخلق الحسن والحياء ينشأ من العلم والإيمان بأنً الله عزّ وجلّ يرى عبده .
يقول الخواجه عبد الله الأنصاري : ( الحياء من أوائل مدارج أهل الخصوص يتولّد من تعظيم منوط بودّ ) وشرح القاساني هذه العباره بقوله : ( فإنّه مالم يترقّ الإيمان الى حد الإحسان لم يحصل الودّ الذي هو من أوائل المحبه ، ولا التعظيم الذي هو من طرق أهل الخصوص ،وإنّما يتولّد التعظيم المتصل بالودّ لأنّ ملاحظة التعظيم وتحقق حضور الجميل وكونه رقيباً للعبد يقتضي الأمرين ، أعني التعظيم والودّ ، فتنشأ منهما الحياء ، إذ لولاهما لم يبال بما يفعل عند من لا يحتشمه ولايودّه فكأنّه قال ألم تعلم بأنّ الله يرى فتستحي منه ) .
أقول : إنّ الحياء المنوط بالودّ هو الذي عبّرنا عنه بالحياء مع الأنس في عبارة السري السقطي المتقدمه .
هذا وقد يقال : بأنّ الحياء يمكن أن لا يقترن بالودّ ، فأغلب الحياء لا يكون مقترناً بالودّ .
وجوابه : نحن نسلّم وجود بعض الحياء بلا ودّ ، ولكن هذا الحياء غير مثمر وغير ثابت ، وهو وإن كان موجوداً ولكنّه متزلزل ، بخلاف الحياء المقترن مع الودّ فإنّه يثبت ويستمر ويمكن أن يترقّى أكثر فأكثر ليحقق القرب الأقرب وقد يصل الى مقام : { قاب قوسين أو أدنى } .
ومن هذا كلّه عرفت إنّ روح الحياء هو مراقبة الحق تعالى وإدراك أنّه تعالى مطّلع على الحال وأنّ وجوده في كل مكان وأنّه :
{ لا يعزب عنه مثقال ذرّة في السّماوات ولا في الأرض } .
فإذا تحقق هذا عفّ الانسان وترك كل ما لا يريده منه خالقه وبارئه ، والحادي به بالهدايه التكوينيه الى تحقق الوصل على الصراط المستقيم .
إنّ للحياء مراتب تختلف حسب درجة السالك ، وبالمقابل تترتب العفه على مقدار هذه المراتب ، وقد ذكر تلك المراتب في منازل السائرين فراجع ،
لم نذكر تسميه خاصه تقابل الحياء تقابل الضد ، وذلك لأنّ مايقابل الحياء هو الأمر العدمي ، وهو عدم الحياء وهو من الصفات الذميمه مع الخلق فضلاً عن كونه مع الخالق فهو باعث على فعل جميع الرذائل والذنوب ، لأنّ الذي لا يستحي يخرج من ذهنه رعايه وجود الحق تعالى فيعمل ما تأمره به نفسه ، قال النبي الأكرم " صل الله عليه واله " : ( إن لم تستح فاصنع ماشئت ) .
وهناك نزر من الاحاديث تبيّن عدم الحياء آثار الحياء نذكر بعضها :
1 - عن الإمام العسكري " عليه السلام " : ( من لم يتق وجوه الناس لم يتق الله ) .
2 - عن الإمام أمير المؤمنين " عليه السلام " : ( من لم يستح من الناس لم يستح من الله سبحانه ) .
3 - عن الإمام الصادق " عليه السلام " : ( من لم يستح من العيب ويرعوي عند الشيب ويخشى الله في ظهر الغيب فلا خير فيه ) .
4 - عن النبي الأكرم " صل الله عليه واله " : ( من لم يستح من الله في العلانيه لم يستح من الله في السر ) .
بالإضافه الى ما تقدم من أن الحياء يولد استشعار وجوده تعالى وبالتالي الكون في ساحة القدس الإلهيه فإنّ عدة آثار وفوائد تترتب على الحياء ذكرت في كلام المعصومين " عليهم السلام " :
1 - ما ورد عن النبي الأكرم " صل الله عليه واله " : ( إستح من الله أستحياءك من صالحي جيرانك فإنّ فيها زيادة اليقين ) .
2 - ما ورد عن أمير المؤمنين " عليه السلام " : ( الحياء من الله يمحو كثيراً من الخطايا ) .
3 - عن أمير المؤمنين " عليه السلام " : ( حياء الرجل من نفسه ثمرة الإيمان ) .
4 - وعنه " عليه السلام " : ( الحياء يصدّ عن الفعل القبيح ) .
الى غير ذلك من الرويات .
لا ريب ولا إشكال بأنّ الخلق الرفيع كما أنّه يبني العلاقه مع الله عزّ وجلّ كذلك يقوّم حياة المجتمعات ويجعلها تعيش بسلام في الدنيا وتفوز بالجنه في الآخره ، والحياء واحد من أهم تلك الأخلاق التي تحيي المجتمعات من خلال ما يترتب عليه من تثبيت لدعم الحياة الانسانيه وقد ورد في توحيد المفضل مثل هذا المعنى برواية الامام الصادق " عليه السلام " في باب إختصاص الانسان بالحياء دون باقي الحيوانات أنّه " عليه السلام " قال : ( أنظر يا مفضل الى ما خصّ به الانسان دون جميع الحيوانات من هذا الخلق الجليل قدره العظيم غناؤه اعني الحياء فلولاه لم يقر ضيف ولم يوف بالعداة ولم تقض الحوائج ولم يتحر الجميل ولم يتنكب القبيح في شي من الاشياء حتى أنّ كثيراً من الامور المفترضه أيضاً يفعل الحياء فإنّ من الناس لولا الحياء لم يرع حق والديه ولم يصل دارهم ولم يؤد أمانه ولم يعفّ عن فاحشه / أفلا ترى كيف وفي الانسان جميع الخصال التي فيها صلاحه وتمام أمره ) .
والحمد لله رب العالمين
اللهم صل على محمد وال محمد
الحياء
الحياء :
ـــــــــــــ
هو انقباض النفس عن القبيح الشرعي والعقلي والعادي ومخالفة الذنب الأخروي والذم الدنيوي .
وهو اعم من التقوى لأنّ التقوى : هي إنقباض النفس عن القبيح الشرعي .
والحياء عند المقربين هو ضابطة مقام القرب ، فعلى مقدار الحياء يكون القرب فمن كان أكثر حياءاً كان أكثر قرباً ومن لا حياء له لا قرب له .
قال سهل بن عبد الله : ( أدنى مقام من مقامات القرب الحياء ) .
والحياء على نوعين : عام وخاص .
والحياء العام : هو صفة أهل المراقبه الذين تستحي قلوبهم من هيبة إطلاع الرقيب وفي هذا المجال قال ذو النون : ( الحياء : وجود الهيبه في القلب مع حشمة ماسبق منك الى ربك ) .
والحياء الخاص : هو صفة أهل المشاهده وهم الذين تكون روحهم منطويه من عظمة شهود الحق .
إنّ الحياء أصل في ذات الانسان الذي به الآدمي يصير آدمياً ، الحياء والعقل والإيمان معاً لا ينفصل أحدهم عن الآخر للحظه ، قال رسول الله " صل الله عليه واله " : ( إستحيوا من الله حق الحياء وتمامه ، قالوا نستحي يا نبيّ الله والحمد لله ، قال " صل الله عليه واله " : ليس كذلك ، ولكن من استحيا من الله حق الحياء فليحفظ الرأس وما وعى ، وليحفظ البطن وما حوى ، وليذكر الموت والبلا ، ومن أراد الآخره ترك زينة الدنيا ، ومن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء ) .
وقد تسأل : لماذا نورد نصوص المعصومين " عليهم السلام " وكلمات العرفان في البدايه مع أنّ المنهجيه العامه هي تأخر ذكر الرويات ؟ .
وجوابه : إنّنا قد تعمدنا ذلك لأجل توضيح معنى الحياء ولأجل الترغيب فيه لأنّ البعض قد يتعامل بالحياء مع الناس فقط ومنه مايكون صحيحاً نابع من نفس مستحيه ومنه مايكون بتكلّف ، وعلى كلا التقديرين لايعدو كونه حياءً من الناس ، والمهم في الحياء أن يكون من الله عزّ وجلّ ومراقبته وأستشعار سبحات قدس ساحته تعالى .
نقل أبن الحديد المعتزلي في شرح النهج قائلاً : ( وفي بعض الكتب القديمه : ما أنصفني عبدي يدعوني فأستحي من أن أردّه ، ويعصيني وأنا أراه فلا يستحي مني ) .
هذا وليعلم أنّ الحياء لوحده لا يكفي لأن يفعل في نفس الانسان إستشعار وجود الحق تعالى ، بل لابدّ معه من الأنس لكي يأخذ دوره كما هو ، فالحياء والأنس طارئتان على النفس يخلّفان فيها أستشعار الحق ، وموضوع النفس لابدّ أن يتصف بصفتين لكي تكتمل المعادله وهما : الزهد والورع ، فإذا إكتملت هذه المقومات تحققت النتيجه .
قال السري السقطي : ( الحياء والأنس يطرقان القلب فإن وجدا فيه الزهد والورع حطّا وإلا رحلا ) .
والكلام في الحياء يقع ضمن قوله تعالى : { ألم يعلم بأنّ الله يرى } .
وهذه الآيه الكريمه تبيّن مطلباً مهماً وقاعده أساسيه في الأخلاق والأعمال وهي سبق العلم للخلق الحسن والحياء ينشأ من العلم والإيمان بأنً الله عزّ وجلّ يرى عبده .
يقول الخواجه عبد الله الأنصاري : ( الحياء من أوائل مدارج أهل الخصوص يتولّد من تعظيم منوط بودّ ) وشرح القاساني هذه العباره بقوله : ( فإنّه مالم يترقّ الإيمان الى حد الإحسان لم يحصل الودّ الذي هو من أوائل المحبه ، ولا التعظيم الذي هو من طرق أهل الخصوص ،وإنّما يتولّد التعظيم المتصل بالودّ لأنّ ملاحظة التعظيم وتحقق حضور الجميل وكونه رقيباً للعبد يقتضي الأمرين ، أعني التعظيم والودّ ، فتنشأ منهما الحياء ، إذ لولاهما لم يبال بما يفعل عند من لا يحتشمه ولايودّه فكأنّه قال ألم تعلم بأنّ الله يرى فتستحي منه ) .
أقول : إنّ الحياء المنوط بالودّ هو الذي عبّرنا عنه بالحياء مع الأنس في عبارة السري السقطي المتقدمه .
هذا وقد يقال : بأنّ الحياء يمكن أن لا يقترن بالودّ ، فأغلب الحياء لا يكون مقترناً بالودّ .
وجوابه : نحن نسلّم وجود بعض الحياء بلا ودّ ، ولكن هذا الحياء غير مثمر وغير ثابت ، وهو وإن كان موجوداً ولكنّه متزلزل ، بخلاف الحياء المقترن مع الودّ فإنّه يثبت ويستمر ويمكن أن يترقّى أكثر فأكثر ليحقق القرب الأقرب وقد يصل الى مقام : { قاب قوسين أو أدنى } .
ومن هذا كلّه عرفت إنّ روح الحياء هو مراقبة الحق تعالى وإدراك أنّه تعالى مطّلع على الحال وأنّ وجوده في كل مكان وأنّه :
{ لا يعزب عنه مثقال ذرّة في السّماوات ولا في الأرض } .
فإذا تحقق هذا عفّ الانسان وترك كل ما لا يريده منه خالقه وبارئه ، والحادي به بالهدايه التكوينيه الى تحقق الوصل على الصراط المستقيم .
إنّ للحياء مراتب تختلف حسب درجة السالك ، وبالمقابل تترتب العفه على مقدار هذه المراتب ، وقد ذكر تلك المراتب في منازل السائرين فراجع ،
لم نذكر تسميه خاصه تقابل الحياء تقابل الضد ، وذلك لأنّ مايقابل الحياء هو الأمر العدمي ، وهو عدم الحياء وهو من الصفات الذميمه مع الخلق فضلاً عن كونه مع الخالق فهو باعث على فعل جميع الرذائل والذنوب ، لأنّ الذي لا يستحي يخرج من ذهنه رعايه وجود الحق تعالى فيعمل ما تأمره به نفسه ، قال النبي الأكرم " صل الله عليه واله " : ( إن لم تستح فاصنع ماشئت ) .
وهناك نزر من الاحاديث تبيّن عدم الحياء آثار الحياء نذكر بعضها :
1 - عن الإمام العسكري " عليه السلام " : ( من لم يتق وجوه الناس لم يتق الله ) .
2 - عن الإمام أمير المؤمنين " عليه السلام " : ( من لم يستح من الناس لم يستح من الله سبحانه ) .
3 - عن الإمام الصادق " عليه السلام " : ( من لم يستح من العيب ويرعوي عند الشيب ويخشى الله في ظهر الغيب فلا خير فيه ) .
4 - عن النبي الأكرم " صل الله عليه واله " : ( من لم يستح من الله في العلانيه لم يستح من الله في السر ) .
بالإضافه الى ما تقدم من أن الحياء يولد استشعار وجوده تعالى وبالتالي الكون في ساحة القدس الإلهيه فإنّ عدة آثار وفوائد تترتب على الحياء ذكرت في كلام المعصومين " عليهم السلام " :
1 - ما ورد عن النبي الأكرم " صل الله عليه واله " : ( إستح من الله أستحياءك من صالحي جيرانك فإنّ فيها زيادة اليقين ) .
2 - ما ورد عن أمير المؤمنين " عليه السلام " : ( الحياء من الله يمحو كثيراً من الخطايا ) .
3 - عن أمير المؤمنين " عليه السلام " : ( حياء الرجل من نفسه ثمرة الإيمان ) .
4 - وعنه " عليه السلام " : ( الحياء يصدّ عن الفعل القبيح ) .
الى غير ذلك من الرويات .

والحمد لله رب العالمين
***********************
***********************
إرسال تعليق
التعليق على الموضوع :