بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على ممد وال محمد
ـــــــــــــــ
قال الله تعالى :
{ شهد الله أنّه لا إله هو والملائكه وأولو العلم قائماً بالقسط لا إله إلأ هو العزيز الحكيم } .
العدل صفه من صفات الله سبحانه ، نشاهد آثارها في كل مجال من مجالات الوجود ، نشاهد العدل في عالم الخلق والتكوين ، في عالم الطبيعه وخلق الانسان والحيوان والنبات ، كما نشاهد العدل في الشريعه والقانون الإلهي { إنّ الله يأمر بالعدل والاحسان }. كما يتجسّد عدل الله فيما يقضي ويقدّر على خلقه من قضاء وقدر ، وفيما شرع من شرائع ورسالات ،
ويتجسّد هذا العدل الإلهي في عالم الآخره ، يوم الحساب والجزاء فيجازي المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته .
{ ولا يظلم ربّك أحداّ }
{ ثمّ توفّى كلّ نفس ما كسبت }
{ لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت } .
وقال الرسول " صل الله عليه وآله " :
{ المهدي منا أهل البيت . . . يملأ الأرض قسطاً وعدلاً، بعد ما ملئت ظلماً وجوراً } .
السنّه النبويه تتطابق مع القرآن على أن اساس الدين هو تطبيق العدل في حياة الناس ، وحث المسلمين على العمل لتطبيق العدل كل بموقعه ، لكن مع الاسف حدثت ظاهره غريبه لا اقول على المسلمين كافه لان التاريخ يذكر لنا كثير من الاحداث والشواهد التي ففد فيها العدل من قبل حكام المخالفين لأهل البيت " عليهم السلام " ، نقصد هنا لمن تصدى للمسوؤليه من الذين يدعون انتمائهم لأهل البيت " عليهم السلام " فأنهم فاقوا هؤلاء باضعاف مضاعفه من الفساد والنهب والظلم لخيرات البلاد والعباد ،
الحقيقه أنّ الشعب يريد العدل ولا يريد الرفاهيه وتحت ظل حكم هؤلاء فقد الاثنان واصبح يعاني الامرين الا المنتفعين والاذلاء واصحاب النفوس الضعيفه الذين لا يعرفوا ان يعيشوا الا عبيد اذلاء تحت هذا وذاك ، ويظنوا انهم اذكياء عرفوا كيف يستغلوا الظرف من اجل الكسب الحرام . والادهى انضمام رجال يحملون العمائم ان كانت سوداء او بيضاء في ركبهم ، واصبحوا يدعون الى فلان او فلان من رجال السياسه ويدعموهم وجعلوا لهم انصار واعوان ونسوا الدين وقيمه .
في العهد السابق كانوا يقولون عند ظهور الامام سوف يقطع راس 700 الف او 7000 الف معم لانهم على نهج غير الاسلام وانهم ظالين مضلين باسم الدين . أمّا الان لم يذكروا ذلك لانهم يعرفوا عندما يذكروها سوف ينتبه الناس ويحاولوا ان يقيموهم وبذلك يفقدوا السيطره عليهم ولا يستطيعوا اضلالهم باسم الدين .
اصحبنا لا نعرف من الدين الا البكاء على الحسين " عليه السلام " والاحتفال بولادة المهدي " عجل الله فرجه " .
وتناسينا واقعة كربلاء ولماذا خلدها الله سبحانه وتعالى حيث لم تخلد واقعه او موقف في التاريخ بهذا الشكل . ولماذا قال الرسول " صل الله عليه واله " { حسين مني وانا من حسين } . كلنا نبكي على الحسين " عليه السلام " في الظاهر وفي الباطن نقف مع يزيد . وكلنا نحتفل بمولد الامام المهدي " عجل الله فرجه " وندعوه للعجل في الظهور في الظاهر ، وفي الباطن نحن اول من يقاتله لاننا نتبع وننتخب اعدائه ، ننتخب اهل الظلم والفساد والنهب ، ومن وقف مع قوم حشر معهم .
واقع مؤلم ان نؤيد فلان وفلان وننتفرق ، في الوقت الذي كان علينا ان نتحد تحت راية وكيل الامام " عجل الله فرجه " .
عبدنا رغباتنا واطماعنا وشهواتنا وابتعدنا عن ديننا رغم اننا نصلي ونصوم وندعي اننا من اتباع الامام علي " عليه السلام " لكننا في الحياة نتبع سياسة واطماع معاويه .
من لديه وجاهه في المجتمع او لديه اموال او لبس الزي الديني فانهم يسعون لبناء مجد شخصي ليس الا ، حتى يستغنوا وتكون لهم مكانه في المجتمع او نفوذاً اعلى وسمعه .
على مر السنين سوف نبتعد ونبتعد عن ما شرعه الله تعالى على لسان نبيه " صل الله عليه واله " وتتأزم الامور وتصل الحاله الى ما لا يطاق ، هنا سيظهر الله تعالى عدله بظهور أمامه مع ما تبقى من المؤمنين الذين لم تتطلخ ايديهم بالفساد والظلم وصبروا وصابروا واقتدوا بالقرآن والسنّه وساروا على هدى ومسار الامام الحسين " عليه السلام " وبناء دولة العداله الإلهيه .
بمناسبة مولده نبذة عن حياة الأمام المهدي ( عجل الله فرجه ) :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف
الاسم : الإمام محمد المهدي ( عليه السلام )
اسم الأب : الإمام الحسن العسكري (عليه السلام )
اسم الأم : نرجس
تاريخ الولادة : 15 شعبان سنة 255 للهجرة
محل الولادة : سامرّاء
مدة الغيبة الصغرى : 69 سنة
البشارة النبوية :
ـــــــــــــــــــــــــــ
في أواخر سني حياته ، قصد رسول الله صلّى الله عليه وآله مكة حاجّاً ، يرافقه حشد كبير من المسلمين ، يتلقون عنه - كعادتهم كل عام - آداب الحج وأحكامه ، وفي منى وقف فيهم خطيباً ، يدعوهم إلى الحرص على المحبة والمساواة والاتّحاد ، ثم ختم خطابه بقوله : « الإئمة بعدي اثنا عشر - ثمّ أردف - كلهم من قريش » .
وفي موقف آخر قال : « الأئمة بعدي اثنا عشر، أولهم علي ، وآخرهم القائم » . ( أي قائم أهل البيت ، المهدي عليه السلام ) . وقال أيضاً في موقف ثالث : « المهدي منا أهل البيت . . . يملأ الأرض قسطاً وعدلاً ، بعد ما ملئت ظلماً وجوراً » .
كما بين أيضاً أنّ المهدي من ولد فاطمة ومن ذرية الحسين ، وذلك حينما ضرب بيده على منكب الحسين وقال :
« من هذا مهدي هذه الأمة » عليهم جميعاً أفضل السلام .
كانت هذه البشارة من رسول الله (صل الله عليه واله ) إلى أمّته ، موضع اهتمام وانتشار بين الناس ، إذ أتت على لسان رسول ربّ العالمين صريحة قاطعةً ، تضع الحق في نصابه ، وتحدد للأمة الإسلامية قادتها بالحق ، فتناقلتها القلوب قبل الألسنة ، ودوّنها كتّاب الحديث على اختلافهم ، ونقلوها إلينا أحاديث نبوية قدسية ، واشترك في روايتها جميع المسلمين ، السني منهم والشيعي ، كيف لا وهو الإمام المنتظر، والمخلص الموعود ، والقائد المظفر، أعدّه الله سبحانه ليظهر به دينه على الدين كله ولو كره المشركون .
أم الإمام المنتظر :
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ولد الامام الحجة لأبيه من أم رومية ، تعرف بين أفراد عائلة الإمام باسم « نرجس » . ويروى أنّها كانت بنت ملك من ملوك الروم ، وأنّ أمها تنتهي بالنسب إلى « شمعون الصفا » أحد حواريي المسيح عليه السلام .
وقعت « نرجس » في أسر المسلمين بعد معركة جرت بين المسلمين وبين قومها الروم في مدينة تدعى « عمورية » ،
انتهت المعركة بانتصار كبير للمسلمين ، ووقع عدد كبير من الروم أسرى جيء بهم إلى بغداد .
وقد جرت العادة أن يباع الأسرى في سوق تسمّى سوق النخاسة ، وكان بيع الأسرى يتم لتأمين أماكن لسكناهم ورعايتهم ، وكذلك على أساس المعاملة بالمثل ، كما كان يجري للأسرى المسلمين ، الذين يقعون في أيدي خصومهم من غير المسلمين .
أرسل الإمام الهادي عليه السلام أحد النخاسين واسمه « بشر » إلى بغداد ، ليشتري الفتاة الرومية الأسيرة ، ويحضرها إليه . فحملها النخاس إلى سامراء حيث يقيم الإمام (عليه السلام ) ، الذي بشرها بمولودها المبارك ، المهدي المنتظر، الذي يملك الدنيا، ويملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعد ما ملئت ظلماً وجوراً .
سرت « نرجس » لهذه البشرى ، وأقامت لدى الإمام قريرة العين . وكانت من الصالحات الناسكات ، وحين حملت بالمهدي عليه السلام ، خفي حملها على أكثر النساء اللواتي كن قريبات منها ، وشاء الله لها أن تكون أماً لأكرم مولود ، حارت به الظنون وضلّت به العقول ، وصدق به المؤمنون برسالة جده المصطفى ، وآبائه أئمة الهدى ؛ عليهم جميعاً أفضل الصلاة والسلام .
{ ونريد أن نمنّ على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين } القصص: الآية 5.
الخامس عشر من شعبان :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حلت ليلة النصف من شهر شعبان سنة 255 للهجرة ، فطلب الإمام الحسن العسكري من عمته السيدة حكيمة أن تلازم « نرجس » في تلك الليلة ولا تفارقها . فقد شاءت العناية الإلهية أن تكون هذه الليلة المباركة ، ليلة الخامس عشر من شعبان ، هي الليلة الموعودة ، لولادة المنتظر الموعود ، ووضعت « نرجس » وليدها المبارك ، تحيطه العناية برعايتها ، وتحفّ الملائكة بمهده . وأسماه أبوه - إنفاذ لمشيئة الله - محمداً المهدي . وطبقاً للحديث القدسي عن رسول الله (صل الله عليه واله ) :
« لا تذهب الدنيا حتى يلي أمتي رجل من أهل بيتي ، يواطئ اسمه اسمي » . ( أي يماثل اسمه اسمي ) .
ومعنى كلمة « المهدي » هو كل من تلبس بالهدى والصلاح ، ودعا إلى الحق والخير والصراط المستقيم . وأصبح هذا الاسم علماً على الإمام الثاني عشر عليه السلام . ويعني إضافة إلى ذلك أنّه سيقود الثورة على الظالمين والجائرين ، ويحارب الطغاة والجبابرة ، فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً ، كما ملئت ظلماً وجوراً .
مهدي هذه الأمة :
ــــــــــــــــــــــــــــ
توفي الإمام الحسن العسكري عليه السلام متأثراً بالسم ، سنة 260 للهجرة . وكانت سن الإمام المهدي عليه السلام خمس سنوات. ولم يكن يظهر إلاّ للخاصّة المقربين من أنصار أبيه ، وذلك حرصاً على حياته ، لأنّ العباسيين كانوا جادين في البحث عنه بتحريض من عمه جعفر الكذّاب ، رغم إعلانهم بأن الإمام العسكري عليه السلام ، توفي دون أن يترك ذرية . وكانوا يدركون مقدار كذبتهم ، ويأملون بالعثور عليه والتخلص منه ؛ كي يخلو الجو إلى صنيعتهم عمه جعفرٍ .
وقف جعفر يتلقى التعزية بأخيه الإمام (عليه السلام )، وحين همّ بالصلاة عليه وتهيأ للتكبير . . ظهر غلام أسمر اللون ، وتقدم منه قائلاً : « تأخّر يا عم ، أنا أحق منك بالصلاة على أبي » .
بهت جعفر واصفرّ لونه ، لكنّه لم يملك إلاّ أن يتنحّى مفسحاً المكان لابن أخيه ، الذي صلّى على أبيه ، ثم خرج من المكان دون أن يستطيع أحد الإمساك به . وأسقط في يد جعفر ، هذا المنحرف الذي ترك خطّ آبائه واختار طريق المنكر والسوء ، وصدقت فيه كلمة أبيه الإمام الهادي عليه السلام إذ قال : « تجنبوا ولدي جعفراً ، فإنّه مني بمنزلة ابن نوح ، الذي قال الله فيه :
{ يا نوح إنّه ليس من أهلك ، إنّه عمل غير صالح } .
غيبة إمام الزمان (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قلنا إنّ المهدي عليه السلام كان لا يظهر إلاّ للمقربين ، وقد غاب عن أنظار الناس غيبتين :
الغيبة الصغرى وامتدت تسعاً وستين سنة ، كان يتّصل خلافها بوكلائه الخاصين الأمناء ، وكانوا هم واسطة الاتصال بينه وبين الناس ، يتلقون تعليماته وإرشاداته بواسطة الرسائل التي كانوا يحملونها إليه من كافة الأقطار ، ويأخذون منه أجوبتها لأصحابها. كما كانوا يقومون بجباية الأموال الشرعيّة والتصرف بها في وجوهها حسبما تقضي المصلحة . ووكلاءه في تلك الفترة هم على التوالي :
عثمان بن سعيد ، وابنه محمد بن عثمان ، والحسين بن روح ، وعلي بن محمد ، وكانوا يدعون بالسفراء . وبعد وفاة هذا الأخير انقطع اتصال الإمام بالناس تماماً ، وبدأت غيبته الكبرى عليه السلام ، وهي ممتدة إلى يومنا هذا وستستمر حتى يأذن الله له بالظهور، عجل الله فرجه الشريف .
وإنّ من أهداف الغيبة الصغرى تهيئة أذهان الناس لمفهوم الغيبة الكبرى ، وتعويدهم تدريجاً على احتجاب الإمام عنهم ، كي لا يفاجأوا عند ما يحتجب في غيبته الكبرى ، وقد سبقه إلى ذلك أبوه العسكري وجدّه الهادي عليهما السلام ، فقد كانا يحتجبان كثيراً عن أعين الناس ، في خطوةٍ تعتبر تمهيداً لغياب المهدي عليه السلام واحتجابه .
وكذلك فإنّ الاحتجاب يعود الناس على الاتصال بالسفراء وقبول رعايتهم لشؤونهم ، والتوسط بينهم وبين الإمام (عليه السلام ) في فترة غيبته الصغرى . وقد شغل السفير الأول منها حوالي خمس سنوات ، والسفير الثاني حوالي الأربعين عاماً ، والسفير الثالث واحداً وعشرين عاماً ، والرابع بقي في السفارة ثلاث سنوات . توفي بعدها، وبدأت بوفاته الغيبة الكبرى .
هذا وإنّ أسباب الغيبة الكبرى هي من الأمور الغيبية ، وفي روايةٍ عن الإمام الصادق عليه السلام ، حين سئل عن ذلك قال :
{ إنّ هذا الأمر لا ينكشف إلاّ بعد ظهوره ، كما لم ينكشف وجه الحكمة فيما أتاه الخضر إلاّ بعد أن افترق عن موسى (عليه السلام ) ، وإنّ هذا أمر من أمر الله ، وسر من أسراره ، وغيب من غيبه } . وعلينا الالتزام بما اقتضته مشيئة الله سبحانه .
وعن الإمام الحسن عليه السلام ، أنّه قال لجماعة لاموه على تسليم السلطة لمعاوية بن أبي سفيان :
« ما منّا أحد إلاّ ويقع في عنقه بيعة لطاغية زمانه ، إلاّ القائم . . فإنّ الله يخفي ولادته ، ويغيّب شخصه ، لئلاّ تكون في عنقه بيعة ، وهو التاسع من ولد أخي الحسين ، يطيل الله عمره في غيبته ، ثم يظهره بقدرته ، في صورة شاب دون الأربعين ، والله على كل شيء قدير » . نعم ، الله سبحانه وتعالى قادر على كل شيءٍ ، ويحدّثنا القرآن الكريم عن كثير من المعمّرين ، فهذا النبي نوح عليه السلام ، قد عمر أكثر من ألف سنة ، كما أخبرنا ببقاء عيسى عليه السلام . والتاريخ أيضاً يحدثنا عن كثيرين :
لقمان بن عاد عاش خمسمئة سنة ، وقيس بن ساعدة عاش سبعمئة سنة ، وعمر بن ربيعة عاش أربعمئة سنة وغيرهم كثير .
ومن الطبيعي أن ينتقل تفكيرنا إلى من يرعى شؤون المسلمين في هذه الفترة - فترة الغيبة الكبرى - ومن يتولى أمورهم ، لأنّ ولاية أمر المسلمين مهمة ذات شأن عظيم ، وهي تستمد شرعيتها من الآية الكريمة : { أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم } . وفي غيبته عليه السلام ، وإلى أن يأذن الله له بالفرج ، على المسلمين أن يرجعوا في أمور دينهم ودنياهم إلى الفقيه العادل الذي تحدد الرواية القدسية أوصافه : { وأمّا من كان من الفقهاء صائناً لنفسه ، حافظاً لدينه ، مخالفاً لهواه ، مطيعاً لأمر مولاه ، فللعوام أن يقلدوه } .
أسطورة السرداب :
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
كان الإمام المهدي عليه السلام ، خلال الفترة الأولى من حياته يعيش في بيت أبيه الإمام العسكري (عليه السلام ) ، وكان يتستر عن عيون الحكام وجواسيسهم ، ويلجأ أحياناً إلى مخبأ في البيت يسمونه « السرداب » ، وكان السرداب - ولا يزال حتى اليوم - يستعمل في بيوت العراق للوقاية من حر الصيف اللاهب .
فإذا اشتدّ الطلب عليه ، أو حوصر بيته . . كان يخرج من البيت محاطاً بعناية الله ورعايته ، ويغيب مدة يحضر فيها المواسم الدينية . أو يزور مجالس أصحابه الأوفياء ، يحل مشاكلهم ويقضي حوائجهم ؛ من حيث لا يعرفه إلاّ الصفوة المخلصون منهم .
وحين بدأت غيبته الكبرى عليه السلام ، خرج من بيت أبيه في سامراء ، إلى أرض الله الواسعة ، يعيش مع الناس ، ويقاصي ما يقاسون ، ويحضر مواسم الحج وغيرها من المناسبات ، دون أن يعرفه أحد ، حسب التخطيط الإلهي ، والمصلحة الإسلامية العامة ، الأمر الذي هو سر من سر الله وغيب من غيبه ، كما قال الصادق عليه السلام .
وقد استغلّ الحاقدون زيارات المؤمنين لمرقد الإمامين الهادي والعسكري عليهما السلام ، في سامراء ، واتّهموهم بالقول بأنّهم يعتقدون أنّ الإمام المهدي (عجل الله فرجه ) دخل السرداب وما زال فيه وهذا - لا شك افتراء رخيص وادّعاء باطل .
فقد عرفنا أنّ المهدي عليه السلام ، غادر بيت أبيه نهائياً ليعيش كما يعيش غيره من الناس . وذلك حتى يحين وقت المهمة التي ادّخره الله لها ، فيظهر ليحقّ الحق ويزهق الباطل ، ويملأ الدنيا قسطا وعدلاً ، بعد أن ملئت ظلماً وجوراً ، تسليماً بقول الرسول الاكرم (صل الله عليه واله ) ، الذي لا ينطق عن الهوى ، ومصداقاً لوعد رب العالمين بأن يرث المؤمنون الأرض وما عليها .
وعلينا نحن إلى ذلك الوقت . . وقت ظهوره الشريف ، أن نجند أنفسنا لنكون من أعوانه وأنصاره ، وذلك بأن نتقيد بتعاليم رسالة جدّه المصطفى (صل الله عليه واله ) ، وأن نكون من أمة تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ، وتأبى الظلم وتحارب الظالمين ، لنستحقّ أن نكون من جنوده عليه السلام ، جنود الحق والعدل والإيمان ، داعين إلى الله سبحانه أن يعجّل فرجه ، ويسهّل مخرجه ، ويجعلنا من أنصاره ، والدعاة إلى سبيله .
و فيما يلي بعض الأحاديث و الروايات :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في صحيح الترمذي أن النبي (صل الله عليه واله ) قال : لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم حتى يبعث الله فيه رجلاً من أل بيتي يواطئ اسمه اسمي .
وفي مسند أحمد بن حنبل عنه أن النبي (صل الله عليه واله ) قال : لا تنقضي الأيام ولا يذهب الدهر حتى يملك العرب رجلٌ من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي .
وفي رواية عن حذيفة اليمان أن رسول الله (صل الله عليه واله ) قال : لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لبعث الله رجلاً اسمه اسمي وخلقه خلقي يبايع له الناس بين الركن والمقام يردّ الله به الدين ولا يبقى على وجه الأرض إلا من يقول لا لإله إلا الله ، فقام إليه سلمان الفارسي وقال له : يا رسول الله من أي ولدك هو ؟ فقال من ولد ابني هذا وضرب بيده على كتف الحسين .
في أواخر سني حياته ، قصد رسول الله صلّى الله عليه وآله مكة حاجّاً ، يرافقه حشد كبير من المسلمين ، يتلقون عنه - كعادتهم كل عام - آداب الحج وأحكامه ، وفي منى وقف فيهم خطيباً ، يدعوهم إلى الحرص على المحبة والمساواة والاتّحاد ، ثم ختم خطابه بقوله : « الإئمة بعدي اثنا عشر - ثمّ أردف - كلهم من قريش » .
وفي موقف آخر قال النبي (صل الله عليه واله ): « الأئمة بعدي اثنا عشر ، أولهم علي ، وآخرهم القائم » . ( أي قائم أهل البيت ، المهدي عليه السلام ) . وقال أيضاً في موقف ثالث : « المهدي منا أهل البيت . . . يملأ الأرض قسطاً وعدلاً ، بعد ما ملئت ظلماً وجوراً » .
كما بين النبي (صل الله عليه واله ) أيضاً أنّ المهدي من ولد فاطمة ومن ذرية الحسين ، وذلك حينما ضرب بيده على منكب الحسين وقال : « من هذا مهدي هذه الأمة » عليهم جميعاً أفضل السلام
و مما قال صاحب الزمان عجل الله فرجه الشريف و ظهوره :
فإنّه عزّ وجل يقول : ( الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ ) . كيف يتساقطون في الفتنة ، ويتردّدون في الحيرة ويأخذون يميناً وشمالاً ، فارقوا دينهم ، أم ارتابوا ، أم عاندوا الحق ، أم جهلوا ما جاءت به الروايات الصادقة والأخبار الصحيحة ، أو علموا ذلك فتناسوا ما يعلمون ، أن الأرضَ لا تخلو من حجة إمّا ظاهراً وإما مغموراً .
أو لم يعلموا انتظام أئمتهم بعد نبيهم صلى الله عليه وآله وسلم واحداً بعد واحد إلى أن أفضى الأمر بأمر الله عز وجل إلى الماضي ـ يعني الحسن بن علي عليه السلام ـ فقام مقام آبائه ، يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم ، كانوا نوراً ساطعاً ، وشهاباً لامعاً ، وقمراً زاهراً، ثم اختار الله ـ عز وجل ـ له ما عنده، فمضى على منهاج آبائه عليهم السلام حذو النعل بالنعل على عهدٍ عهده ، ووصيةٍ أوصى بها إلى وصيٍّ ستره الله عز وجل بأمره إلى غاية ، وأخفى مكانه بمشيئة للقضاء السابق والقدر النافذ ، وفينا موضعه ، ولنا فضله ولو قد أذن الله عز وجل فيما قد منعه عنه ، وأزال عنه ما قد جرى به من حكمه لأراهم الحق ظاهراً بأحسن حلية وأبين دلالة وأوضح علامة ، ولأبان عن نفسه وقام بحجته ، ولكن أقدار الله عز وجل لا تُغالَب ، وإرادته لا تُردّ ، وتوفيقه لا يُسبق ، فليَدَعوا عنهم اتّباع الهوى ، وليُقيموا على أصلهم الذي كانوا عليه ، ولا يبحثوا عما سُتر عنهم فيأثموا ، ولا يكشفوا ستر الله عز وجل فيندموا ، وليعلموا أن الحقّ معنا وفينا ، لا يقول ذلك سوانا إلاّ كذّاب مُفتر ، ولا يدّعيه غيرنا إلاّ ضالٌّ غويّ ، فليقتصروا منا على هذه الجملة دون التفسير ، وليقنعوا من ذلك بالتعريض دون التصريح إن شاء الله .
كُتب عن الإمام المهدي (عليه السلام) عشرات و ربما مئات الكُتُب و منها كتاب بحث حول المهدي (عجل الله فرج ) للعلامة الشهيد السيد محمد باقر الصدر و مما ورد فيه :
" ودونك التاريخ فاقرأ في ( مقاتل الطالبيين ) للأصفهاني العجب العجاب .
وإذن فكيف يكون الحال وقد اطلع هؤلاء السلاطين على الروايات في صحاح المسلمين ومسانيدهم عن المهدي من العترة الطاهرة ، ومن ذرية فاطمة ومن أولاد الحسين تحديدأ ، وأنه سيظهر ليملأها قسطأ وعدلأ ، فهذه المعرفة اليقينية قد خلقت شعورأ قويأ لدى الحكام الظلمة بأن عروشهم ستنهار. وكان هذا ا الهاجس هو الذي يفسّر لنا تلك الإجراءات الغريبة وغير الاعتيادية التي اتخذتها السلطة الحاكمة عند سماع نبأ وفاة الإمام الحمسن العسكري عليه السلام مباشرة ، وليس هناك من تفسير معقول سوى اعتقادهم بوجود الإمام الثاني عشر الحجة ابن الحسن ، وأنه الإمام الموعود كما نطقت به الأخبار المتواترة لدى السُنّة والشيعة ، ولذا أسرعوا إلى دار الإمام عليه السلام واتخذوا مثل تلك الإجراءات الاستثنائية بدءأ من التفتيش الواسع والدقيق ، إلى حبس جواري الإمام وإخضاعهن للفحص ، كل ذلك في محاولة يائسة للقبض على الإمام . ولا عجب فقد حصل ذلك من نظرائهم ، وحدّثنا القرآن الكريم عن فعل فرعون للقبض على النبي موسى عليه السلام فنجّاه الله من الكيد. ا
ومن هنا نفهم السبب في إخفاء الإمام العسكري عليه السلام هوية المهدي والتفاصيل المتعلقة بهذا الأمر.
وليست الحيرة بعد ذلك والاضطراب إلأ حالة طبيعية في ظل مثل تلك الظروف والملابسات الخاصة التي رافقت قضية المهدي عليه السلام في وجوده وولادته ، وشغب السلطة وتمويهاتهم وإعلامهم الزائف . وإذن فليست ( الحيرة ) إلأ بسبب تلك الظروف والملابسات ، فضلأ عن أن الروايات الواردة عن الأئمة عليهم السلام قد أشارت إلى وقوع مثل هذه الحيرة والفتنة والتفرق ، كما نقل ذلك ابن بابويه القمي في التبصرة ، والشيخ النعماني في ( الغيبة ) الباب الثاني عشر .
ثانيأ ـ قولهم بضعف الروايات واختلاقها ، ولا ندري هل أنّهم يفرّقون بين الضعيف والموضوع أم هما عندهم سواء ؟ ثم لماذا هذا الخلط المقصود بين مسألة وجود الإمام الحجة الثابتة بالطرق الصحيحة وبين بعض الروايات التي تلابس ( حدث الولادة ) ؟ والعجب من ركوب هؤلاء جميعأ هذه الجرأة المفضوحة إذ إن روايات ( المهدي ) لم تروها كتب الشيعة فحسب ، ولم ترد عن طرقهم فقط ، وإنما روتها الصحاح والمسانيد والجوامع الحديثية المعتبرة كصحيح أبو داود ، وصحيح البخاري وشروحه ، ومسند أحمد بن حنبل ، وجامع الطبراني ، وجمعها السيوطي في العرف الوردي من عدة طرق ، وحكى تواترها البرزنجي في الإشاعة . وكذا الشوكاني في التوضيح ، ونقل ذلك أخيرأ الشيخ منصور علي ناصف . في غاية المأمول .
فانظر إلى جهل المشككين كيف رموا ما صحّ وتواتر عند جمهور المسلمين من السُنّة والشيعة بالوضع والاختلاق واعجب لجرأتهم وشغبهم . إذ لايصحّ بعد ذلك شيئ مما تناقله الرواة من حوادث التاريخ ، وأسماء الأعلام ، وآراء المذاهب المختلفة."
والحمد لله رب العالمين
اللهم صل على ممد وال محمد
دولة الامام المهدي
دولة العدل الإلهي..
مقدمه : ـــــــــــــــ
قال الله تعالى :
{ شهد الله أنّه لا إله هو والملائكه وأولو العلم قائماً بالقسط لا إله إلأ هو العزيز الحكيم } .
العدل صفه من صفات الله سبحانه ، نشاهد آثارها في كل مجال من مجالات الوجود ، نشاهد العدل في عالم الخلق والتكوين ، في عالم الطبيعه وخلق الانسان والحيوان والنبات ، كما نشاهد العدل في الشريعه والقانون الإلهي { إنّ الله يأمر بالعدل والاحسان }. كما يتجسّد عدل الله فيما يقضي ويقدّر على خلقه من قضاء وقدر ، وفيما شرع من شرائع ورسالات ،
ويتجسّد هذا العدل الإلهي في عالم الآخره ، يوم الحساب والجزاء فيجازي المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته .
{ ولا يظلم ربّك أحداّ }
{ ثمّ توفّى كلّ نفس ما كسبت }
{ لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت } .
وقال الرسول " صل الله عليه وآله " :
{ المهدي منا أهل البيت . . . يملأ الأرض قسطاً وعدلاً، بعد ما ملئت ظلماً وجوراً } .
السنّه النبويه تتطابق مع القرآن على أن اساس الدين هو تطبيق العدل في حياة الناس ، وحث المسلمين على العمل لتطبيق العدل كل بموقعه ، لكن مع الاسف حدثت ظاهره غريبه لا اقول على المسلمين كافه لان التاريخ يذكر لنا كثير من الاحداث والشواهد التي ففد فيها العدل من قبل حكام المخالفين لأهل البيت " عليهم السلام " ، نقصد هنا لمن تصدى للمسوؤليه من الذين يدعون انتمائهم لأهل البيت " عليهم السلام " فأنهم فاقوا هؤلاء باضعاف مضاعفه من الفساد والنهب والظلم لخيرات البلاد والعباد ،
الحقيقه أنّ الشعب يريد العدل ولا يريد الرفاهيه وتحت ظل حكم هؤلاء فقد الاثنان واصبح يعاني الامرين الا المنتفعين والاذلاء واصحاب النفوس الضعيفه الذين لا يعرفوا ان يعيشوا الا عبيد اذلاء تحت هذا وذاك ، ويظنوا انهم اذكياء عرفوا كيف يستغلوا الظرف من اجل الكسب الحرام . والادهى انضمام رجال يحملون العمائم ان كانت سوداء او بيضاء في ركبهم ، واصبحوا يدعون الى فلان او فلان من رجال السياسه ويدعموهم وجعلوا لهم انصار واعوان ونسوا الدين وقيمه .
في العهد السابق كانوا يقولون عند ظهور الامام سوف يقطع راس 700 الف او 7000 الف معم لانهم على نهج غير الاسلام وانهم ظالين مضلين باسم الدين . أمّا الان لم يذكروا ذلك لانهم يعرفوا عندما يذكروها سوف ينتبه الناس ويحاولوا ان يقيموهم وبذلك يفقدوا السيطره عليهم ولا يستطيعوا اضلالهم باسم الدين .
اصحبنا لا نعرف من الدين الا البكاء على الحسين " عليه السلام " والاحتفال بولادة المهدي " عجل الله فرجه " .
وتناسينا واقعة كربلاء ولماذا خلدها الله سبحانه وتعالى حيث لم تخلد واقعه او موقف في التاريخ بهذا الشكل . ولماذا قال الرسول " صل الله عليه واله " { حسين مني وانا من حسين } . كلنا نبكي على الحسين " عليه السلام " في الظاهر وفي الباطن نقف مع يزيد . وكلنا نحتفل بمولد الامام المهدي " عجل الله فرجه " وندعوه للعجل في الظهور في الظاهر ، وفي الباطن نحن اول من يقاتله لاننا نتبع وننتخب اعدائه ، ننتخب اهل الظلم والفساد والنهب ، ومن وقف مع قوم حشر معهم .
واقع مؤلم ان نؤيد فلان وفلان وننتفرق ، في الوقت الذي كان علينا ان نتحد تحت راية وكيل الامام " عجل الله فرجه " .
عبدنا رغباتنا واطماعنا وشهواتنا وابتعدنا عن ديننا رغم اننا نصلي ونصوم وندعي اننا من اتباع الامام علي " عليه السلام " لكننا في الحياة نتبع سياسة واطماع معاويه .
من لديه وجاهه في المجتمع او لديه اموال او لبس الزي الديني فانهم يسعون لبناء مجد شخصي ليس الا ، حتى يستغنوا وتكون لهم مكانه في المجتمع او نفوذاً اعلى وسمعه .
على مر السنين سوف نبتعد ونبتعد عن ما شرعه الله تعالى على لسان نبيه " صل الله عليه واله " وتتأزم الامور وتصل الحاله الى ما لا يطاق ، هنا سيظهر الله تعالى عدله بظهور أمامه مع ما تبقى من المؤمنين الذين لم تتطلخ ايديهم بالفساد والظلم وصبروا وصابروا واقتدوا بالقرآن والسنّه وساروا على هدى ومسار الامام الحسين " عليه السلام " وبناء دولة العداله الإلهيه .
بمناسبة مولده نبذة عن حياة الأمام المهدي ( عجل الله فرجه ) :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف
الاسم : الإمام محمد المهدي ( عليه السلام )
اسم الأب : الإمام الحسن العسكري (عليه السلام )
اسم الأم : نرجس
تاريخ الولادة : 15 شعبان سنة 255 للهجرة
محل الولادة : سامرّاء
مدة الغيبة الصغرى : 69 سنة
البشارة النبوية :
ـــــــــــــــــــــــــــ
في أواخر سني حياته ، قصد رسول الله صلّى الله عليه وآله مكة حاجّاً ، يرافقه حشد كبير من المسلمين ، يتلقون عنه - كعادتهم كل عام - آداب الحج وأحكامه ، وفي منى وقف فيهم خطيباً ، يدعوهم إلى الحرص على المحبة والمساواة والاتّحاد ، ثم ختم خطابه بقوله : « الإئمة بعدي اثنا عشر - ثمّ أردف - كلهم من قريش » .
وفي موقف آخر قال : « الأئمة بعدي اثنا عشر، أولهم علي ، وآخرهم القائم » . ( أي قائم أهل البيت ، المهدي عليه السلام ) . وقال أيضاً في موقف ثالث : « المهدي منا أهل البيت . . . يملأ الأرض قسطاً وعدلاً ، بعد ما ملئت ظلماً وجوراً » .
كما بين أيضاً أنّ المهدي من ولد فاطمة ومن ذرية الحسين ، وذلك حينما ضرب بيده على منكب الحسين وقال :
« من هذا مهدي هذه الأمة » عليهم جميعاً أفضل السلام .
كانت هذه البشارة من رسول الله (صل الله عليه واله ) إلى أمّته ، موضع اهتمام وانتشار بين الناس ، إذ أتت على لسان رسول ربّ العالمين صريحة قاطعةً ، تضع الحق في نصابه ، وتحدد للأمة الإسلامية قادتها بالحق ، فتناقلتها القلوب قبل الألسنة ، ودوّنها كتّاب الحديث على اختلافهم ، ونقلوها إلينا أحاديث نبوية قدسية ، واشترك في روايتها جميع المسلمين ، السني منهم والشيعي ، كيف لا وهو الإمام المنتظر، والمخلص الموعود ، والقائد المظفر، أعدّه الله سبحانه ليظهر به دينه على الدين كله ولو كره المشركون .
أم الإمام المنتظر :
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ولد الامام الحجة لأبيه من أم رومية ، تعرف بين أفراد عائلة الإمام باسم « نرجس » . ويروى أنّها كانت بنت ملك من ملوك الروم ، وأنّ أمها تنتهي بالنسب إلى « شمعون الصفا » أحد حواريي المسيح عليه السلام .
وقعت « نرجس » في أسر المسلمين بعد معركة جرت بين المسلمين وبين قومها الروم في مدينة تدعى « عمورية » ،
انتهت المعركة بانتصار كبير للمسلمين ، ووقع عدد كبير من الروم أسرى جيء بهم إلى بغداد .
وقد جرت العادة أن يباع الأسرى في سوق تسمّى سوق النخاسة ، وكان بيع الأسرى يتم لتأمين أماكن لسكناهم ورعايتهم ، وكذلك على أساس المعاملة بالمثل ، كما كان يجري للأسرى المسلمين ، الذين يقعون في أيدي خصومهم من غير المسلمين .
أرسل الإمام الهادي عليه السلام أحد النخاسين واسمه « بشر » إلى بغداد ، ليشتري الفتاة الرومية الأسيرة ، ويحضرها إليه . فحملها النخاس إلى سامراء حيث يقيم الإمام (عليه السلام ) ، الذي بشرها بمولودها المبارك ، المهدي المنتظر، الذي يملك الدنيا، ويملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعد ما ملئت ظلماً وجوراً .
سرت « نرجس » لهذه البشرى ، وأقامت لدى الإمام قريرة العين . وكانت من الصالحات الناسكات ، وحين حملت بالمهدي عليه السلام ، خفي حملها على أكثر النساء اللواتي كن قريبات منها ، وشاء الله لها أن تكون أماً لأكرم مولود ، حارت به الظنون وضلّت به العقول ، وصدق به المؤمنون برسالة جده المصطفى ، وآبائه أئمة الهدى ؛ عليهم جميعاً أفضل الصلاة والسلام .
{ ونريد أن نمنّ على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين } القصص: الآية 5.
الخامس عشر من شعبان :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حلت ليلة النصف من شهر شعبان سنة 255 للهجرة ، فطلب الإمام الحسن العسكري من عمته السيدة حكيمة أن تلازم « نرجس » في تلك الليلة ولا تفارقها . فقد شاءت العناية الإلهية أن تكون هذه الليلة المباركة ، ليلة الخامس عشر من شعبان ، هي الليلة الموعودة ، لولادة المنتظر الموعود ، ووضعت « نرجس » وليدها المبارك ، تحيطه العناية برعايتها ، وتحفّ الملائكة بمهده . وأسماه أبوه - إنفاذ لمشيئة الله - محمداً المهدي . وطبقاً للحديث القدسي عن رسول الله (صل الله عليه واله ) :
« لا تذهب الدنيا حتى يلي أمتي رجل من أهل بيتي ، يواطئ اسمه اسمي » . ( أي يماثل اسمه اسمي ) .
ومعنى كلمة « المهدي » هو كل من تلبس بالهدى والصلاح ، ودعا إلى الحق والخير والصراط المستقيم . وأصبح هذا الاسم علماً على الإمام الثاني عشر عليه السلام . ويعني إضافة إلى ذلك أنّه سيقود الثورة على الظالمين والجائرين ، ويحارب الطغاة والجبابرة ، فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً ، كما ملئت ظلماً وجوراً .
مهدي هذه الأمة :
ــــــــــــــــــــــــــــ
توفي الإمام الحسن العسكري عليه السلام متأثراً بالسم ، سنة 260 للهجرة . وكانت سن الإمام المهدي عليه السلام خمس سنوات. ولم يكن يظهر إلاّ للخاصّة المقربين من أنصار أبيه ، وذلك حرصاً على حياته ، لأنّ العباسيين كانوا جادين في البحث عنه بتحريض من عمه جعفر الكذّاب ، رغم إعلانهم بأن الإمام العسكري عليه السلام ، توفي دون أن يترك ذرية . وكانوا يدركون مقدار كذبتهم ، ويأملون بالعثور عليه والتخلص منه ؛ كي يخلو الجو إلى صنيعتهم عمه جعفرٍ .
وقف جعفر يتلقى التعزية بأخيه الإمام (عليه السلام )، وحين همّ بالصلاة عليه وتهيأ للتكبير . . ظهر غلام أسمر اللون ، وتقدم منه قائلاً : « تأخّر يا عم ، أنا أحق منك بالصلاة على أبي » .
بهت جعفر واصفرّ لونه ، لكنّه لم يملك إلاّ أن يتنحّى مفسحاً المكان لابن أخيه ، الذي صلّى على أبيه ، ثم خرج من المكان دون أن يستطيع أحد الإمساك به . وأسقط في يد جعفر ، هذا المنحرف الذي ترك خطّ آبائه واختار طريق المنكر والسوء ، وصدقت فيه كلمة أبيه الإمام الهادي عليه السلام إذ قال : « تجنبوا ولدي جعفراً ، فإنّه مني بمنزلة ابن نوح ، الذي قال الله فيه :
{ يا نوح إنّه ليس من أهلك ، إنّه عمل غير صالح } .
غيبة إمام الزمان (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قلنا إنّ المهدي عليه السلام كان لا يظهر إلاّ للمقربين ، وقد غاب عن أنظار الناس غيبتين :
الغيبة الصغرى وامتدت تسعاً وستين سنة ، كان يتّصل خلافها بوكلائه الخاصين الأمناء ، وكانوا هم واسطة الاتصال بينه وبين الناس ، يتلقون تعليماته وإرشاداته بواسطة الرسائل التي كانوا يحملونها إليه من كافة الأقطار ، ويأخذون منه أجوبتها لأصحابها. كما كانوا يقومون بجباية الأموال الشرعيّة والتصرف بها في وجوهها حسبما تقضي المصلحة . ووكلاءه في تلك الفترة هم على التوالي :
عثمان بن سعيد ، وابنه محمد بن عثمان ، والحسين بن روح ، وعلي بن محمد ، وكانوا يدعون بالسفراء . وبعد وفاة هذا الأخير انقطع اتصال الإمام بالناس تماماً ، وبدأت غيبته الكبرى عليه السلام ، وهي ممتدة إلى يومنا هذا وستستمر حتى يأذن الله له بالظهور، عجل الله فرجه الشريف .
وإنّ من أهداف الغيبة الصغرى تهيئة أذهان الناس لمفهوم الغيبة الكبرى ، وتعويدهم تدريجاً على احتجاب الإمام عنهم ، كي لا يفاجأوا عند ما يحتجب في غيبته الكبرى ، وقد سبقه إلى ذلك أبوه العسكري وجدّه الهادي عليهما السلام ، فقد كانا يحتجبان كثيراً عن أعين الناس ، في خطوةٍ تعتبر تمهيداً لغياب المهدي عليه السلام واحتجابه .
وكذلك فإنّ الاحتجاب يعود الناس على الاتصال بالسفراء وقبول رعايتهم لشؤونهم ، والتوسط بينهم وبين الإمام (عليه السلام ) في فترة غيبته الصغرى . وقد شغل السفير الأول منها حوالي خمس سنوات ، والسفير الثاني حوالي الأربعين عاماً ، والسفير الثالث واحداً وعشرين عاماً ، والرابع بقي في السفارة ثلاث سنوات . توفي بعدها، وبدأت بوفاته الغيبة الكبرى .
هذا وإنّ أسباب الغيبة الكبرى هي من الأمور الغيبية ، وفي روايةٍ عن الإمام الصادق عليه السلام ، حين سئل عن ذلك قال :
{ إنّ هذا الأمر لا ينكشف إلاّ بعد ظهوره ، كما لم ينكشف وجه الحكمة فيما أتاه الخضر إلاّ بعد أن افترق عن موسى (عليه السلام ) ، وإنّ هذا أمر من أمر الله ، وسر من أسراره ، وغيب من غيبه } . وعلينا الالتزام بما اقتضته مشيئة الله سبحانه .
وعن الإمام الحسن عليه السلام ، أنّه قال لجماعة لاموه على تسليم السلطة لمعاوية بن أبي سفيان :
« ما منّا أحد إلاّ ويقع في عنقه بيعة لطاغية زمانه ، إلاّ القائم . . فإنّ الله يخفي ولادته ، ويغيّب شخصه ، لئلاّ تكون في عنقه بيعة ، وهو التاسع من ولد أخي الحسين ، يطيل الله عمره في غيبته ، ثم يظهره بقدرته ، في صورة شاب دون الأربعين ، والله على كل شيء قدير » . نعم ، الله سبحانه وتعالى قادر على كل شيءٍ ، ويحدّثنا القرآن الكريم عن كثير من المعمّرين ، فهذا النبي نوح عليه السلام ، قد عمر أكثر من ألف سنة ، كما أخبرنا ببقاء عيسى عليه السلام . والتاريخ أيضاً يحدثنا عن كثيرين :
لقمان بن عاد عاش خمسمئة سنة ، وقيس بن ساعدة عاش سبعمئة سنة ، وعمر بن ربيعة عاش أربعمئة سنة وغيرهم كثير .
ومن الطبيعي أن ينتقل تفكيرنا إلى من يرعى شؤون المسلمين في هذه الفترة - فترة الغيبة الكبرى - ومن يتولى أمورهم ، لأنّ ولاية أمر المسلمين مهمة ذات شأن عظيم ، وهي تستمد شرعيتها من الآية الكريمة : { أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم } . وفي غيبته عليه السلام ، وإلى أن يأذن الله له بالفرج ، على المسلمين أن يرجعوا في أمور دينهم ودنياهم إلى الفقيه العادل الذي تحدد الرواية القدسية أوصافه : { وأمّا من كان من الفقهاء صائناً لنفسه ، حافظاً لدينه ، مخالفاً لهواه ، مطيعاً لأمر مولاه ، فللعوام أن يقلدوه } .
أسطورة السرداب :
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
كان الإمام المهدي عليه السلام ، خلال الفترة الأولى من حياته يعيش في بيت أبيه الإمام العسكري (عليه السلام ) ، وكان يتستر عن عيون الحكام وجواسيسهم ، ويلجأ أحياناً إلى مخبأ في البيت يسمونه « السرداب » ، وكان السرداب - ولا يزال حتى اليوم - يستعمل في بيوت العراق للوقاية من حر الصيف اللاهب .
فإذا اشتدّ الطلب عليه ، أو حوصر بيته . . كان يخرج من البيت محاطاً بعناية الله ورعايته ، ويغيب مدة يحضر فيها المواسم الدينية . أو يزور مجالس أصحابه الأوفياء ، يحل مشاكلهم ويقضي حوائجهم ؛ من حيث لا يعرفه إلاّ الصفوة المخلصون منهم .
وحين بدأت غيبته الكبرى عليه السلام ، خرج من بيت أبيه في سامراء ، إلى أرض الله الواسعة ، يعيش مع الناس ، ويقاصي ما يقاسون ، ويحضر مواسم الحج وغيرها من المناسبات ، دون أن يعرفه أحد ، حسب التخطيط الإلهي ، والمصلحة الإسلامية العامة ، الأمر الذي هو سر من سر الله وغيب من غيبه ، كما قال الصادق عليه السلام .
وقد استغلّ الحاقدون زيارات المؤمنين لمرقد الإمامين الهادي والعسكري عليهما السلام ، في سامراء ، واتّهموهم بالقول بأنّهم يعتقدون أنّ الإمام المهدي (عجل الله فرجه ) دخل السرداب وما زال فيه وهذا - لا شك افتراء رخيص وادّعاء باطل .
فقد عرفنا أنّ المهدي عليه السلام ، غادر بيت أبيه نهائياً ليعيش كما يعيش غيره من الناس . وذلك حتى يحين وقت المهمة التي ادّخره الله لها ، فيظهر ليحقّ الحق ويزهق الباطل ، ويملأ الدنيا قسطا وعدلاً ، بعد أن ملئت ظلماً وجوراً ، تسليماً بقول الرسول الاكرم (صل الله عليه واله ) ، الذي لا ينطق عن الهوى ، ومصداقاً لوعد رب العالمين بأن يرث المؤمنون الأرض وما عليها .
وعلينا نحن إلى ذلك الوقت . . وقت ظهوره الشريف ، أن نجند أنفسنا لنكون من أعوانه وأنصاره ، وذلك بأن نتقيد بتعاليم رسالة جدّه المصطفى (صل الله عليه واله ) ، وأن نكون من أمة تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ، وتأبى الظلم وتحارب الظالمين ، لنستحقّ أن نكون من جنوده عليه السلام ، جنود الحق والعدل والإيمان ، داعين إلى الله سبحانه أن يعجّل فرجه ، ويسهّل مخرجه ، ويجعلنا من أنصاره ، والدعاة إلى سبيله .
و فيما يلي بعض الأحاديث و الروايات :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في صحيح الترمذي أن النبي (صل الله عليه واله ) قال : لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم حتى يبعث الله فيه رجلاً من أل بيتي يواطئ اسمه اسمي .
وفي مسند أحمد بن حنبل عنه أن النبي (صل الله عليه واله ) قال : لا تنقضي الأيام ولا يذهب الدهر حتى يملك العرب رجلٌ من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي .
وفي رواية عن حذيفة اليمان أن رسول الله (صل الله عليه واله ) قال : لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لبعث الله رجلاً اسمه اسمي وخلقه خلقي يبايع له الناس بين الركن والمقام يردّ الله به الدين ولا يبقى على وجه الأرض إلا من يقول لا لإله إلا الله ، فقام إليه سلمان الفارسي وقال له : يا رسول الله من أي ولدك هو ؟ فقال من ولد ابني هذا وضرب بيده على كتف الحسين .
في أواخر سني حياته ، قصد رسول الله صلّى الله عليه وآله مكة حاجّاً ، يرافقه حشد كبير من المسلمين ، يتلقون عنه - كعادتهم كل عام - آداب الحج وأحكامه ، وفي منى وقف فيهم خطيباً ، يدعوهم إلى الحرص على المحبة والمساواة والاتّحاد ، ثم ختم خطابه بقوله : « الإئمة بعدي اثنا عشر - ثمّ أردف - كلهم من قريش » .
وفي موقف آخر قال النبي (صل الله عليه واله ): « الأئمة بعدي اثنا عشر ، أولهم علي ، وآخرهم القائم » . ( أي قائم أهل البيت ، المهدي عليه السلام ) . وقال أيضاً في موقف ثالث : « المهدي منا أهل البيت . . . يملأ الأرض قسطاً وعدلاً ، بعد ما ملئت ظلماً وجوراً » .
كما بين النبي (صل الله عليه واله ) أيضاً أنّ المهدي من ولد فاطمة ومن ذرية الحسين ، وذلك حينما ضرب بيده على منكب الحسين وقال : « من هذا مهدي هذه الأمة » عليهم جميعاً أفضل السلام
و مما قال صاحب الزمان عجل الله فرجه الشريف و ظهوره :
فإنّه عزّ وجل يقول : ( الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ ) . كيف يتساقطون في الفتنة ، ويتردّدون في الحيرة ويأخذون يميناً وشمالاً ، فارقوا دينهم ، أم ارتابوا ، أم عاندوا الحق ، أم جهلوا ما جاءت به الروايات الصادقة والأخبار الصحيحة ، أو علموا ذلك فتناسوا ما يعلمون ، أن الأرضَ لا تخلو من حجة إمّا ظاهراً وإما مغموراً .
أو لم يعلموا انتظام أئمتهم بعد نبيهم صلى الله عليه وآله وسلم واحداً بعد واحد إلى أن أفضى الأمر بأمر الله عز وجل إلى الماضي ـ يعني الحسن بن علي عليه السلام ـ فقام مقام آبائه ، يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم ، كانوا نوراً ساطعاً ، وشهاباً لامعاً ، وقمراً زاهراً، ثم اختار الله ـ عز وجل ـ له ما عنده، فمضى على منهاج آبائه عليهم السلام حذو النعل بالنعل على عهدٍ عهده ، ووصيةٍ أوصى بها إلى وصيٍّ ستره الله عز وجل بأمره إلى غاية ، وأخفى مكانه بمشيئة للقضاء السابق والقدر النافذ ، وفينا موضعه ، ولنا فضله ولو قد أذن الله عز وجل فيما قد منعه عنه ، وأزال عنه ما قد جرى به من حكمه لأراهم الحق ظاهراً بأحسن حلية وأبين دلالة وأوضح علامة ، ولأبان عن نفسه وقام بحجته ، ولكن أقدار الله عز وجل لا تُغالَب ، وإرادته لا تُردّ ، وتوفيقه لا يُسبق ، فليَدَعوا عنهم اتّباع الهوى ، وليُقيموا على أصلهم الذي كانوا عليه ، ولا يبحثوا عما سُتر عنهم فيأثموا ، ولا يكشفوا ستر الله عز وجل فيندموا ، وليعلموا أن الحقّ معنا وفينا ، لا يقول ذلك سوانا إلاّ كذّاب مُفتر ، ولا يدّعيه غيرنا إلاّ ضالٌّ غويّ ، فليقتصروا منا على هذه الجملة دون التفسير ، وليقنعوا من ذلك بالتعريض دون التصريح إن شاء الله .
كُتب عن الإمام المهدي (عليه السلام) عشرات و ربما مئات الكُتُب و منها كتاب بحث حول المهدي (عجل الله فرج ) للعلامة الشهيد السيد محمد باقر الصدر و مما ورد فيه :
" ودونك التاريخ فاقرأ في ( مقاتل الطالبيين ) للأصفهاني العجب العجاب .
وإذن فكيف يكون الحال وقد اطلع هؤلاء السلاطين على الروايات في صحاح المسلمين ومسانيدهم عن المهدي من العترة الطاهرة ، ومن ذرية فاطمة ومن أولاد الحسين تحديدأ ، وأنه سيظهر ليملأها قسطأ وعدلأ ، فهذه المعرفة اليقينية قد خلقت شعورأ قويأ لدى الحكام الظلمة بأن عروشهم ستنهار. وكان هذا ا الهاجس هو الذي يفسّر لنا تلك الإجراءات الغريبة وغير الاعتيادية التي اتخذتها السلطة الحاكمة عند سماع نبأ وفاة الإمام الحمسن العسكري عليه السلام مباشرة ، وليس هناك من تفسير معقول سوى اعتقادهم بوجود الإمام الثاني عشر الحجة ابن الحسن ، وأنه الإمام الموعود كما نطقت به الأخبار المتواترة لدى السُنّة والشيعة ، ولذا أسرعوا إلى دار الإمام عليه السلام واتخذوا مثل تلك الإجراءات الاستثنائية بدءأ من التفتيش الواسع والدقيق ، إلى حبس جواري الإمام وإخضاعهن للفحص ، كل ذلك في محاولة يائسة للقبض على الإمام . ولا عجب فقد حصل ذلك من نظرائهم ، وحدّثنا القرآن الكريم عن فعل فرعون للقبض على النبي موسى عليه السلام فنجّاه الله من الكيد. ا
ومن هنا نفهم السبب في إخفاء الإمام العسكري عليه السلام هوية المهدي والتفاصيل المتعلقة بهذا الأمر.
وليست الحيرة بعد ذلك والاضطراب إلأ حالة طبيعية في ظل مثل تلك الظروف والملابسات الخاصة التي رافقت قضية المهدي عليه السلام في وجوده وولادته ، وشغب السلطة وتمويهاتهم وإعلامهم الزائف . وإذن فليست ( الحيرة ) إلأ بسبب تلك الظروف والملابسات ، فضلأ عن أن الروايات الواردة عن الأئمة عليهم السلام قد أشارت إلى وقوع مثل هذه الحيرة والفتنة والتفرق ، كما نقل ذلك ابن بابويه القمي في التبصرة ، والشيخ النعماني في ( الغيبة ) الباب الثاني عشر .
ثانيأ ـ قولهم بضعف الروايات واختلاقها ، ولا ندري هل أنّهم يفرّقون بين الضعيف والموضوع أم هما عندهم سواء ؟ ثم لماذا هذا الخلط المقصود بين مسألة وجود الإمام الحجة الثابتة بالطرق الصحيحة وبين بعض الروايات التي تلابس ( حدث الولادة ) ؟ والعجب من ركوب هؤلاء جميعأ هذه الجرأة المفضوحة إذ إن روايات ( المهدي ) لم تروها كتب الشيعة فحسب ، ولم ترد عن طرقهم فقط ، وإنما روتها الصحاح والمسانيد والجوامع الحديثية المعتبرة كصحيح أبو داود ، وصحيح البخاري وشروحه ، ومسند أحمد بن حنبل ، وجامع الطبراني ، وجمعها السيوطي في العرف الوردي من عدة طرق ، وحكى تواترها البرزنجي في الإشاعة . وكذا الشوكاني في التوضيح ، ونقل ذلك أخيرأ الشيخ منصور علي ناصف . في غاية المأمول .
فانظر إلى جهل المشككين كيف رموا ما صحّ وتواتر عند جمهور المسلمين من السُنّة والشيعة بالوضع والاختلاق واعجب لجرأتهم وشغبهم . إذ لايصحّ بعد ذلك شيئ مما تناقله الرواة من حوادث التاريخ ، وأسماء الأعلام ، وآراء المذاهب المختلفة."
والحمد لله رب العالمين
***********************
***********************
إرسال تعليق
التعليق على الموضوع :