أرشادات سلوكيه / 8

بسم الله الرحمن الرحيم 

اللهم صل محمد وال محمد 
من ارشادات 
ــــــــــــــــــــــــــ
الاستاذ العارف السيد هاشم الحداد قدس سره 

 قال تعالى : ( فمن تاب من بعد ظلمه واصلح فان الله يتوب عليه ان الله غفور رحيم ) . صدق الله العلي العظيم . 

من الواجب على الإنسان المؤمن تجاه ربه أن يتوجه إليه بالتوبة إذا وجد في نفسه عملاً لم يوافق طاعة الله فيه ، والتوبة هي نوع من أنواع غسل الروح عن أدران رجس الشيطنة والعبث والفعل الحرام ، وكما يعرفها الشهيد دستغيب في كتابه التوبة فإنه يقول ، التوبة هي الإصرار والنية على عدم الإتيان بالذنب المزبور بعد أن يندم على فعله إياه .

وللتوبة مراتب تتوقف  على العمل الذي يتوب الإنسان منه ، وهي ثلاثة :
1- التوبة العامة
2- التوبة الخاصة .
3- التوبة الأخص .

- في الأولى يتوجه الإنسان إلى أن يتوب عن عامة الذنوب كالكبائر والصغائر وماشابهها .

- وفي الثانية فإن الإنسان يتوجه بالتوبة عن ذنوب يراها ذنوباً ولكنها في حقيقة الواقع ليست كذلك ، كترك المستحب وفعل المكروه ، وهو ما يصعب وجوده إلا في المريدين والسالكين .

- وفي الأخيرة أن يتوجه بالتوبة إلى مقامات الذنب بالمعنى الأسمى ، كترك الأولى عند الأنبياء وما يدل عليه في ذكر اليونسية

وعليه فإنه على المؤمن أن يسارع بالتوبة عند تذكر الذنب ، مع تعيينه قدر الإمكان أي مع ذكره أمام الله سبحانه وتعالى ، وإن لم يستطع فيعمل بالتوبة العامة عن جميع ما صدر منه ، قال تعالى : ( افلا يتوبون الى الله ويستغفرونه والله غفور رحيم ) ، وقال سبحانه : (ومن لم يتب فاولئك هم الظالمون ) . صدق الله العلي العظيم


 الطهارة الدائمة شبيهة بلباس الزينة الذي يلبسه المؤمن تهيئة للخروج أو لملاقاة شخصية مهمة أو ما شابه ، ومن خلالها يتهيأ المؤمن لكي يكون قلبه محل للطف الله سبحانه وتعالى وفيضه النوري ، والبقاء على الطهارة دائماً يحفز النفس للعمل الصالح ، وعلى أقل المراتب تكون النفس مهيئة لممارسة الاوراد والأذكار المستحبة طوال اليوم .

مما يروى عن آية الله العارف الشيخ بهجت أن طلبته رأوه يبتسم في وجه أحد المؤمنين كبار السن ويكثر من الحفاوة له ، وبمجرد خروج هذا الأخير ، التفت الشيخ وقال إن هذا الرجل دائم الوضوء ، حتى لو استيقظ من نومه فإنه يجدد وضوءه ثم ينام 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

اليكم المطالب السلوكيه في العرفان العملي أو السير والسلوك الروحي :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المطلب الثالث والعشرون :
================
دفع الوسواس :
ـــــــــــــــــــــــ
الوسواس أمر خطير في طريق السالك لابدّ من الانتباه أليه ، فقد تتوارد عليه الشبهه من كل جانب في مأكله ومشربه وملبسه وغيرها مع نفسه ومع الآخرين ، ولا يمكن قلعها إلأّ بنور اليقين والمدد الغيبي  - في الحديث النبوي : " المعرفه نور حار " أي أنّها تحرق الوساوس والشّبهات والأشواك العائقه في الطريق _ ويجب حرقها من الأساس بالإكثار من ذكر { لا حول ولا قوّه إلأ بالله العلي العظيم } وعدم الاعتناء ، وعدم ترتيب أي أثر على حكم الوسواس . 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المطلب الرابع والثلاثون :
================
عدم إساءة الظن :
ــــــــــــــــــــــــــ
إساءة الظن من الموبقات ، والسالك في بداية الخطوات يصيبه هذا الحال المهلك ، فيرى النّاس على خطأ ويرى نفسه على صواب ، يسيء الظنّ بغيره من أهل الظاهر حتّى بالمراجع الدينيّين ويتكلّم في غيابهم بما لا يرضي الله ، مع أنّ احترام الفقهاء أمر واجب ، لأنّهم حرّاس الشريعه الغرّاء ، ولو اشتغل بعيوبه لم يشتغل بعيوب غيره ، والسالك سبيل الله ابن الوقت لا يضيّع أوقاته في مثل هذه الأمور الّتي لا تعنيه . 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المطلب الخامس والثلاثون :
=================
حجب النفس : 
ــــــــــــــــــــ
كما أنّ في النفس حجباً ظلمانيه يجب على السالك أن يفهمها ويخرج منها ، يأتي الدور بعدها للحجب النوريه التي يجب أن يفهمها جيداً ودقيقاً كي لا يغتر بها ويتوقف عندها ، وأحسن مثال هو هذه الأنوار الكشفيه التي تطرأ لبعضهم بين حين وحين ، وهو من غفلته يتشدق بها متوهماً أنّها هي الأمنيه المبتغاة والشاهد على ذلك كثيره منها ما قد ورد في المناجاة الشعبانيه : { اللّهم أنر أبصار قلوبنا بضياء نظرها إليك حتّى تخرق أبصار القلوب حجب النّور فتصل إلى معدن العظمه وتصير أرواحنا معلّقه بعزّ قدسك } .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المطلب السادس والثلاثون : 
=================
العمل للدّنيا : 
ـــــــــــــــــــ
إنّ البعض قد يرى بأنّ الابتعاد عن الدّنيا هو بالتقشف وعدم الكد والسعي والزهد مع أنّ في رقبته مسؤولية الإنفاق على النفس والعيال كما أنّه لا يمكنه القيام ببعض الأعمال ألأ بالمال ، نعم التقلل منه يلزم للمبتدئين حيث أنّه ربّما يشغلهم ذلك ، ولكن يجب أن نفهم بأنّ المسأله ترجع إلى التعلق القلبي فقط لا أكثر ، فإذا فرغت قلبك من حبّ المال وأراد لك الله أن تملك الدّنيا بأسرها فلا مانع أبداً ، كما فعل ذلك بنبيّه سليمان بن داود " عليه السلام " .
وهنا نورد بعض الأحاديث التي يستدل بها على هذا المطلب : 
قال إمامنا الصّادق " عليه السلام " : { إنّ رسول الله " صل الله عليه واله " كان في زمان مقفر جدب فأمّا إذا أقبلت الدّنيا فألحق أهلها بها أبرارها لا فجارها ، ومؤمنوها لا منافقوها ، ومسلموها لا كفّارها } الكافي 
وعنه أيضاً : { نحن قوم إذا وسّع الله علينا وسّعنا على أنفسنا ، وإذا ضيّق الله علينا ضيّقنا على أنفسنا ، وإنّ الله خلق الدنيا وما فيها من الملاّذ للمؤمن لا للكافر لأنّه لا قدر له عنده } الانوار النعمانيه للجزائري .
وعنه أيضاً : { فأمّا سلمان فكان إذا أخذ عطائه أحرز قوّته لسنته ، فقيل له : أنت في زهدك تصنع هذا ؟ فقال : ما لكم لا ترجون لي البقاء كما خفتم عليّ الفناء ؟ . 
إنّ النفس قد تلتأت - أي تضطرب - على صاحبها أذا لم يكن لها من العيش ما تعتمد عليه ، فإذا هي أحرزت معيشتها اطمأنت .
وأمّا أبو ذر فكان له جذور وشويهات } .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المطلب السابع والثلاثون : 

===============

أخطار المكاشفات : 

ـــــــــــــــــــــــــــ

إنّ للمكاشفات أخطاراًً وآفات لابدّ للسالك أن يحيط بها علماً لكي يتخلّص من مطالبة نفسه لها وقد أشرنا هنا لبعضها : 

1 - يصعب تمييز السقيم والصحيح .

2 - تحجب السالك عن سيره الحقيقي وتشغله عن نوحيده وتوكّله ،  ما ادلّ دليل على ذلك أنّ الاساتذه كانوا  يمنعون  تلاميذهم عن الانشغال بمثل هذه الأمور ، بل كان يتصرف ويسلب منهم حال المكاشفات .

3 - لا تنطبق مع الواقعيات وقد تكون مخالفه لموازين الشرع المقدّس في بعض الموارد . 

4 - هي من نوع  التدخل والتصرف في نظام عالم الخلقه وفي ظاهر عالم الطبيعه . 

5 - قد تصير سبباً لكبرياء النفس بحيث يدّعي ما ليس له كما اتفق ( لمحمد علي الباب ) الذي كان من طلبة حوزه النجف ومنه نشأ الدّين الهجائي المفتعل . 

6 - إنّها ليست من عالم الحقيقه بل هي من عالم المثال ولهذا لا تصدر من الكمّلين ، وإنّي لم أر من أستاذي ما يتشدق به البعض 

7 - كل من يكون مشغولاً بالحب والعشق الإلهي والعرفان الحقيقي لا يعتني بمثل هذه الأمور ، وإذا رأى شيئاً يذكره لأستاذه ويتخوف منه ، حذراً من السقوط في مهالك النفس .
8 - مثل هذه الأمور تحصل من غير أولياء الله فلا فضل ولا ميزة .
9 - تبعده عن عالم القرب والمعرفه ، وتولّد في نفسه العجب والغرور فينشغل بالجزئيات عن الكليات والمقصد الأسمى .
10 - إنّها تجليات وظهور للنفس ، لابدّ من معالجتها بواسطة الأستاذ .
وأخيراً التفكّر التوحيدي والتعمّق في تنوير الباطن لا يدع للسالك مجالاً أن يفكر في المكاشفات ، فلابدّ للسالك أن يملأ وقته بحيث لا يتفرغ لهذه  الأمور غيرها .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والحمد لله رب العالمين


***********************


***********************

إرسال تعليق

التعليق على الموضوع :

أحدث أقدم