الإيمان الظاهري ليس بإيمان

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد

الإيمان الظاهري ليس بإيمان 

الإيمان : هو جندي العقل أي الخلق الذي تريد التحلي به ، والكفر هو جندي الجهل الذي نريد التخلي عنه .
والإيمان هو مرتبه أعلى من العلم لأن العلم - تعلم - إنطباع صورة الشيء في  الذهن .
لذا قيل : إن  للعلم عقد والايمان عقدان فالنسبه إذن بينهما هي العموم والخصوص المطلق ، لأن كل إيمان علم وليس كل علم إيمان ، ولذا لا  يكون هناك إيمان بلا علم ، وعلى هذا يكون تعريف الإيمان : 
هو الاقرار بالعلم بالشيء والتصديق به وهو حاله نفسيه ، ومنه يظهر الفرق بين العالم والمؤمن ، فنحن نعلم أنه لا إله الا الله ولكن هل عقدنا علمنا هذا مع نفسنا ليكون إعتقاداً وتصديقاً وحقاً حقيقياً ؟
لذلك خاطب القرآن المجيد الاعراب بقوله تعالى : " قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الايمان في قلوبكم " .
والإيمان على خمسة أوجه : 
1 - إيمان مطبوع : وهو إيمان الملائكه لأنه من حاق وجودهم .
2 - أيمان معصوم : وهو إيمان الأنبياء لأنه نتيجة وظيفتهم وخلقهم . 
3 - إيمان مقبول : وهو إيمان المؤمنين لأنه نتيجة عملهم . 
4 - إيمان موقوف : وهو إيمان المبتدعين لأنه موقوف على ارتداعهم .
5 - إيمان مردود : وهو إيمان المنافقين لأنه غير ما يعملون . 
وأظن أن أيمان العوام هو من الأخير ، وتحصيل الإيمان الحقيقي إنما يكون باتباع أحكام الشرع المقدس بصوره عامه التي تنحل الى المطالب الأربعه المتمثله بالفقهين الأكبر والأصغر والأخلاق والسياسه .
أما الكفر فهو ضد الإيمان لأنه إيمان بشيء مخالف والكفر بمعنى التغطيه وهو على مراتب تكون بازاء مراتب الإيمان : 
1 - أدنى درجات الكفر هو كفر القالب : وهو ظاهر مكشوف لكل أحد وهو إنكار أي شيء  من ضروريات الدين أو رد علامات الشريعه .
2 - ثاني المراتب كفر النفس : لأن النفس في الحقيقه هي الصنم  الأكبر والطاغوت الأعظم  قال تعالى : " أرايت من اتخذ إلهه هواه " وقد ورد في الحديث النبوي بطرق أهل العامه : " أبغض أله عبد في الارض عند الله هو الهوى " وقل من العباد من اجتنب عن عبادة صنم الهوى وطاعة طاغوت النفس ، فحري أن يستعيذ الانسان منها بالله ويدعوه أن يوفقه للإجتناب عنها ولعل دعاء ابراهيم " عليه السلام " كان لذلك : " واجنبني وبني أن نعبد الأصنام " .
3 - كفر القلب : وهو أن السالك إذا إنجلت مرآة سره وكشف عن قلبه الغشاوه وارتفع عن الكدورة  تقوى حدقته فيقع نور  الحق وتجلى لها جمال الأحديه فإذا غامضه التجلي فربما لم يثبت ، فاعتقد لذاته أنها عين الحقيقه وبادر لبقاء الأنانيه فيه .
4 - كفر الروح : هو شرك خفي أخفى من كل شرك ، وهو منبع كل شرك وكفر ، ومبدأ كل شر وآفه ، وهو ليس إلا  الإمكان الثابت لجميع الماهيات الفاشي في كل الموجودات المعلوله لأن كل ممكن زوج تركيبي من وجود وماهيه . 
أعلم أخي : أن الإيمان الظاهري ليس بإيمان قال تعالى : " يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله والكتاب الذي نزل على رسوله والكتاب الذي أنزل من قبل ومن  يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الأخر فقد ضل  ضلالاً بعيداً " .

أي يا إيها الذين آمنوا إيماناً ظاهرياً لفظياً آمنوا بالله إيماناً حقيقاً باطنياً فيه إقرار وتصديق  لكي يوافق ظاهركم باطنكم وإلا لم يعد ذلك إيماناً ومثل هذا الإيمان لا يعد إيماناً بل هو لقلقة لسان وإلا لو كان أيماناً فعلاً لترتبت آثاره عليه من إستشعار وجوده تعالى الذي آمنا به وبوجوده ولتصدعنا وخشعنا كما الجبال عندما يتلى ذكر الله : " لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعاً متصدعاً من خشية الله " .
مع إن قلوبنا أرق بكثير من الصم الصلاب وصرح القرآن الكريم لذلك : " ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله " فهل يتناسب الإيمان بقوله تعالى : " الذين آمنوا " مع عدم الخشوع ؟
وهذا دليل على أن الإيمان الحقيقي هو الذي تترتب عليه الآثار .
إن تحصيل الإيمان الحقيقي يكون بإستشعار المعاني المقدسه لتفاصيل الدين وعقدها مع النفس والعمل على أثرها وإلا  مجرد كون الانسان من أتباع أهل البيت " عليهم السلام " لا يعتبره مؤمناً حقيقياً ما لم يستشعر ذلك بالعمل به .
إن المؤمن الحقيقي ذكره القرآن الكريم بتعريف لا يمكن أن يرد لأنه كلام الله من جهه ومن جهه أخرى عبر باداة الحصر ( أنما ) بقوله تعالى : " أنما المؤمنون  الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً وعلى ربهم يتوكلون " الى أن يقول تعالى : " أولئك هم المؤمنون حقاً " ونحن أنما نتطرق لهذا الكلام لكي يتدارك الفرد منا نفسه مادام في بداية الطريق وإلا نرى أن بعضهم يتوهم أنه قد يتدارك الفرد أشواطاً ولكنه خال من أي درجه من درجات الايمان ؟
يقول الامام الخميني " رحمه الله " : " أعلم أن الايمان بالمعارف الإلهيه وأصول العقائد الحقه يتحقق إلا بأن يتوجه أولاً الى تلك الحقائق بقدر التفكر والرياضه العقليه والآيات والبينات والبراهين العقليه وهذه المرحله هي بمنزلة مقدمه للأيمان " .

وعلى هذا من لم يتفكر  ويتعامل مع النصوص لن يحصل له الايمان لذا حرم العلماء التقليد في العقائد واصبح من الواجب أقامة الأدله على المعارف الإلهيه ، كل هذا في عوام الناس وسوادهم ، أما طلبة العلم وهم إعلى مرتبة علميه وبالتالي إيمانيه من سواد الناس لابد أن يحرصوا على تحصيل ذلك أكثر مع أننا لا نجد ذلك بدرجه من الاهتمام وأن بعض طلبة الخارج لم يكلفوا نفسهم  لمطالعة أدله موسعه حول العقائد الاسلاميه ولعل بعض مدعي سلوك  الطريق ليس لهم معرفه بهذا .
وبالنتيجه من يقول أنا أعتقد كذا وكذا ليقل أنا أعلم بكذا وكذا إلا أن يكون ذلك إلا بالإقرار والتصديق وعقده مع النفس .
إن نسبة أيمان كل شخص بمقدار تفكره فكلما تفكر أكثر تجرد أكثر وعرف أكثر فيؤمن أكثر وإنما نقصد بالتفكير في هذا المقام هو أن ينظر الى ماورائيات الاشياء والافعال التي يتعامل معها وينظر الى كلي كل جزئي ليعرف أبعاد الحقيقيه وبهذا يمكن له أن  يعرف حقائق الاشياء فيؤمن بها ونتيجة ذلك أن يكون مؤمناً حقيقياً .
والحمد لله رب العالمين 

***********************


***********************

إرسال تعليق

التعليق على الموضوع :

أحدث أقدم