بسم الله الرحمن الرحيم
القلب
قال امير المؤمنين " عليه السلام" لكميل : { ان هذه القلوب اوعيه , فخيرها أوعاها }
نبدأ بعد الاتكال على الله سبحانه وتعالى , ببعض المحاضرات حول السير والسلوك استجابه لبعض الاخوه والاخوات رغم اني لست من السائرين في هذا الطريق . لكن ما نكتبه هو ما افاضه به اهل الاختصاص من الكمل والاولياء وعلماء الاخلاق ..
ونقول : الطب الروحاني ينقسم الى الاخلاق والاداب , والحكمه العمليه والعرفان العملي والمواعظ والسير والسلوك , وكل منها تعتني بتهذيب النفس ورفع الحجب الظلمانيه والنوريه من ابصار القلوب .
وعلى السالك ان يرتقي ويخرق كل يوم - بل كل لحظه - حجابآ من تلك الحجب حتى يحظى بلقاء الله .
دأب اكثر الاعلام في كتبهم الاخلاقيه على ان المرحله الاولى في طلب الطريق هي التوبه . لاكننا سنبدأ من القلب او الوعاء . قال امير المؤمنين " عليه السلام" لكميل :
{ ان هذه القلوب اوعيه , فخيرها أوعاها } . شبهه الامام " عليه السلام " القلب بالوعاء لانه محل استلام الفيض الالهي . وهناك قلب افضل من قلب حسب درجة الاستيعاب . وسبب التفاضل بحسب تفاوت قبول الفيض والمحافظه عليه .
وهل القلب موجود ويستلم الفيض او لا ؟
فاذا لم يكن كذلك فهو بحكم المعدوم , وما فائدة وجوده اذا لم يكن يعمل { ولقد ذرأنا لجهنم كثيرآ من الجن والانس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم اعين لا يبصرون بها ولهم ءاذان لا يسمعون بها اؤلئك كالانعام بل هم اضل اؤلئك هم الغافلون}
من علامات وجوده , ان المرء اذا قام باي عمل عبادي - كاداء الصلاه وزيارة المعصوم " عليه السلام " هل يحس بتغيير في الحاله الروحيه او لا ؟
هل يصلي بحيث يوجد اتصال حقيقي مع الله تبارك وتعالى في الصلاه . وهل يشعر باتحاد روحي بينه وبين المعصوم الذي يزوره . فمثلآ عند زيارة امير المؤمنين " علي السلام " هل يلغي ذاته ووجوده امام الوجود المتعالي لامير المؤمنين " عليه السلام " وينصهر في بودقته .
او عند زيارته لسيد الشهداء " عليه السلام " هل يذبح ( أناه ) على مذبح العشق الالهي الذي ذبح عليه " صلوات الله عليه " فاذا كان كذلك - اي يحس بالتغيير والزياده والتقرب - فذلك دلاله على وجود القلب .
اما انه لا يحس بوجود تغيير فذلك يدل على عدم وجود القلب . اي انه لا يعمل على استلام الفيض الالهي . وعلاج تلك الحاله وقبل الدخول في هذا الطريق . بل العمده في المقام .. هو ترك المحرمات . وترك المحرمات يكون دفعيآ لا تدريجيآ ، بمعنى ان ينوي تركها جميعآ وبالتتابع فلا يفعل المحرم اذا اراد فعله، وهذا معنى الدفعي الذي يتضمن التدرج . والسبيل الى تركها هو معرفتها اولا ، ثم العزم على تركها بالاستعانه بالله عز وجل والتوسل بالمعصومين " عليهم السلام " .
وثانيآ هو فعل الواجبات . وليس معنى ذلك ان احدهما في طول الاخر ، بمعنى ان اترك المحرمات ومن بعدها افعل الواجبات ، بل هما في عرض واحد . ولابد من تعويد النفس على الاستفاده من جميع العبادات واشعارها دائمآ - حتى في غير العباده - بانه في المحضر الالهي .
وقالوا ان للحضور ثلاث مراتب :
الاول : الحضور الحسي ، وهذا المعنى ذمته الرويات ، كما عن امير المؤمنين " عليه السلام " : ( كم من صائم ليس له من صيامه الا الظما والجوع ، وكم من قائم ليس له من قيامه الا العناء ، حبذا صوم الاكياس وافطارهم ) .
والثانيه : الحضور العلمي : وهو ان تعي كلمات من تحضر عنده .
والثالثه : الحضور الوجودي : بمعنى ان يكون من حضرت عنده هو الموجود فقط ، ولا وجود لغيره ، ولا يتحقق الحضور الا بهذا الاخير .
والحمد لله رب العالمين
إرسال تعليق
التعليق على الموضوع :