الازدواجيه في الشخصيه

بسم الله الرحمن الرحيم
 اللهم صل على محمد وال محمد




الازدواجيه في الشخصيه



اعلم يا اخي :

في الاونه الآخيره طغت في الساحه الطعن برجال الدين وبالمؤمنين  ، واصبحت الطعن موجه الى العمامه ومن يلبسها وهذا الطعن تفشى وانتشر في بعض الاوساط حتى اصبحوا يعممون ذلك الطعن الى كل رجال الدين الذين بلبسون العمامه ، ولم يكتفوا بذلك بل شملوا كل شخص لديه لحيه او يتصرف ببعض أداب الدين الحنيف ،
هذا التصرف ناتج عن الجهل وعدم الاطلاع ولو بشيء بسيط على علم الاخلاق الاسلاميه او حتى علم الاخلاق المجتمعي .
لم يترك القرآن الكريم شيء من بعض مساؤء الاخلاق الا واظهرها ووصف اصحابها بابشع صوره كذلك علم الاخلاق الاسلامي تناول كل تلك الصفات المذمومه وبحث في اسبابها وكيفية علاجها ،
فعلينا يا اخي ان نميز الامور ضمن منظور ديني ونضع النقاط على الحروف لا نطعن في الكل لأن هناك بعض من أساء أو استغل الدين لمصالحه الشخصيه وأن كثروا  ، علينا تشخصيه والطعن فيه هو وليس نشمل كل من لبس العمامه أو ظهرت عليه  التقوى والإلتزام الديني.
مقدمه للايضاح :
العداله : 

هي فرع من شجرة الأخلاق وهو الفرع المقوم والجامع للفروع الثلاثه :
الحكمه والعفه والشجاعه .
عرفها المولى النراقي من أنّها : إنقياد العقل للقوه العاقله وتبعيته لها لجميع تصرفاته  أو ضبطه الغضب والشهوه تحت أشارة العقل والشرع الذي يحكم العقل أيضاً بوجوب أطاعته .
وعرفها بتعريف آخر يوافق الغزالي بأنّها : أصاله للنفس وقوه بها يسوس الغضب والشهوه ويجعلها على مقتضى الحكمه ويضبطها في الإسترسال والإنقباض على حسب مقتضاها .
أمّا إما ذهب اليه  مسكويه  : هي فضيله للنفس تحدث لها من أجتماع هذه الفضائل الثلاث التي عددناها وذلك عند مسالمةهذه القوى بعضها لبعض واستسلامها للقوه المميزه ، حتى لا تتغالب ولا تتحرك لنحو مطلوباتها على سوم طبائعها ويحدث للإنسان بها سمه يختار بها أبداً الإنصاف من نفسه على نفسه  أولاً ، ثم الإنصاف والإنتصاف من غيره وله ,
وعلى هذا فأنّ أي خلل في صفة العداله في الشخص تؤدي  الى أتصافه بالإزدواجيه أو النفاق ، وتلك صفه يتصف بها هو ولا تشمل الجميع ، مثلا أنّ كان هناك من لبس العمامه وأتصف بالإزدواجيه أو النفاق فعلينا تشخصيه لا أن نصف كل من لبس العمامه بذلك لأن هناك رجال دين منزهون عن كل  شائبه بل هم نموذج نفتخر بالأقتداء بهم . لذلك رأينا أن نوضح لكم ماهي الإزدواجيه والنفاق لكي نعرف أصحابها ولا نحمل غرهم تبعات هولاء .
اعلم : 
هناك شخصيتان في عالم الإمكان لا ثالث لهما ، أحدهما على جادة الإسلام تسمى الشخصيه الإسلاميه وهي تمثل العداله .
والأخرى منحرفه عن تلك الجاده إمّا الى طرف الإفراط أو التفريط وهذه تمثل الجور . وعلى أي تقدير تتصف الشخصيه المنحرفه بالحيود عن الوحده فهي على هذا شخصيه مزدوجه .
الشخصيه الإسلاميه تمثل الإراده الربّانيه عن طريق إمتثال الأحكام الإلهيه ، فالحاكم في مثل هذه الشخصيه هي الإراده الربّانيه فحسب . وعلى أي حال فالإزدواجيه في الشخصيه تكون على قسمين :

1 - الإزدواج الفكري :

وهو الصدور فكرياً عن منابع ثقافيه مختلفه ، ورؤى مذهبيه متناقضه ، فتراه مره يفكر بطريقة الإسلام ، ويتحدث بلغته ويتبنى مفاهيمه ، وأخرى يفكر بطريقة التفكير الغربي ، ويتبنى الكثير من مفاهيم الحضاره الغربيه وقيمتها مع تغليفها  بالغلاف الإسلامي وهو لا يشعر بذلك أو قد يشعر به ولكن تطبيق المفاهيم الإسلاميه بالدقه وبصوره كليه لا يتلائم مع تفاصيل حياته .

2 - الإزدواج النفسي والسلوكي :

وهو وجود عوامل ودوافع نفسيه متناقضه الإتجاه متقاربه المستوى والدرجه ، بحيث لا يتضاءل مقابل الآخر ، فهو صاحب مركز ويسعى الى تكوين مركز إجتماعي أو ثقافي مرموق ، ويحب الظهور في هذا المجال وذاك ، وصاحب دين يخشى الله تعالى ويعمل له. وهذذا الإزدواج يمكن أن يسمى في علم الأخلاق بالشرك في العباده ، أنّ هذا الإنسان له معبودان : أحدهما الله تعالى ، والآخر هو الهوى . ويمكن أن يسمى الإزدواج الأول بالشرك النفاق ،  ونعمم هذين الشركين الى الشرك في الذات ( الإيمان بتعدد الآله ) والشرك في الصفات ( الإيمان بمفارقة الصفات الإلهيه للذات المقدسه ) .
اعلم :
أن هناك فرق بين الإزدواج والنفاق ، فالنفاق واضح ، لأن المنافق ليس مزدوج الشخصيه بين الكفر والإسلام لا من جهه عقائديه ولا من جهه  ثقافيه ولا من جهه سلوكيه نفسيه ، وإنّما هو كافر خالص ، يعلن إيمانه زوراً ومنافاة ، فالمتبنى عنده هو شيء واحد ، غاية الأمر أنّه غير ظاهر ، فلا تتصوّر فيه الإزدواجيه ، قال تعالى  : { وإذا لقوا الّذين ءامنوا قالوا ءامنّا وإذا خلوا الى شياطينهم قالوا إنّا معكم إنّما نحن مستهزءون } وقال تعالى  : { أذا جآءك المنافقون قالوا نشهد أنّك لرسول الله والله يعلم أنّك لرسوله والله يشهد أنّ المنافقين لكاذبون * اتّخذوا أيمانهم جنّه } .
وأمّا الإنسان المزدوج فهو الذي تعيش في نفسه قوى متصارعه ليس لأحدها الغلبه على الأخر ، وهو الذي يعيش ساعه لربه بصلاة قشريه وعباده ظاهريه ، وساعه لقلبه يمارس فيها ألوان الفجور وفنون الفسق والمحارم والشبهات ومن هذا النوع الأشخاص ذوو العاطفه الدينيه التي تستنفر في لحظات خاصه .
ماذكر من إزدواج هو إزدواج صريح ، بأنّ السلوكين اللذين يتعامل بهما مختلفان وهو واضح لعامة الناس وغير خاف عنهم ومثل هذا الشخص يقال أنّ عنده إزدواجيه في الشخصيه .
وهناك نوع آخر من الإزدواجيه تسمى بالإزدواج الخفي ، وفيه يظهر الإنسان متديناً في كل شيء ، وهو في  الحقيقه أمره منشطر الذات الى شخصيتين :
شخصيه متدينه وأخرى منحرفه .
وهذا يتمّ عن طريق إرتضاء كل من الجانب الشخصي الذاتي والجانب الديني والتوفيق الشكلي المظهري فيما بينهما .
وهولاء يقال عنهم بالإضافه الى الإزدواجيه  منافقون ،  وهذه أنكى الصور وأدهاها .
ومثال  هولاء هم المتقاعسون الذين ذكرهم الإمام الباقر " عليه السلام " في قوله : ( يكون في آخر الزمان قوم يتبع فيهم قوم مراؤون ويتقرّؤون ويتنسكون ، حدثاء سفهاء لا يوجبون أمراً بمعروف ولا نهياً عن منكر إلا أذا أمنوا الضرر ، يطلبون لأنفسهم الرخص والمعذير ، يتبعون زلاّت العلماء وفساد عملهم ، يقبلون على الصلاة والصيام وما لا يكلمهمفي نفس ولا مال ، ولو أضرّت الصلاة بسائر ما يعملون بأموالهم وأبدانهم لرفضوها كما رفضوا أسمى الفرائض وأشرفها ، إنّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضه عظيمه بها تقام الفرائض ، هنالك يتمّ غضب  الله عزّ وجلّ عليهم فيعمّهم بعقابه ، فيهلك الأبرار في دار الفجّار والصغار في دار الكبار ، إنّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سبيل الأنبياء ومنهج الصلحاء فريضه عظيمه ، بها تقام الفرائض وتأمن المذاهب وتحلّ المكاسب وترد المظالم وتعمر الأرض وينتصف من الأعداء ويستقم الأمر ، فأنكروا بقلوبهم وألفظوا بألسنتهم وصكّوا بها جباههم ولا يخافون في الله  لومة لائم ) . أجارنا الله وإياكم من هذا وغفر لنا الزلل وسددنا في القول والعمل .
والحمد لله رب العالمين 

Post a Comment

التعليق على الموضوع :

أحدث أقدم