بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد
إنّ المفهوم الأخلاقي في القرآن الكريم لا يقتصر على الحاجه العقليّه فقط ، بل يتكامل فيه الجانبان النظري والعملي في وحده خاصه تشبع الحاسه الأخلاقيه التي أودعها الله تعالى في الإنسان .
في البحث العرفاني للامام السبزواري في كتابه ( مواهب الرحمن في تفسير القرآن )
علل الامام المفسّر ترجيح النظر الاسلامي بأنّه تركيب لتراكيب ، فهو واقعي ومثالي ، ومحافظ وتقدمي ، وتطور وعقلي ، وصوفي ومتحرر ، ونظامي ، يلبّي جميع المطالب الفرديّه والاجتماعيّه : الشرعيّه والأخلاقيه .
وهناك خصائص الأخلاق في القرآن :
الأولى : في الانسان انبعاث داخلي فطري الى الأخلاق ، يساير جميع مراحله ، يمكن التعبير عنه ب ( الحاسه الأخلاقيه ) التي يميز بها بين الخير والشر ، كما يميز بالحاسه الجماليه المودعه فيه بين الجميل والقبيح قال تعالى : { ونفس وما سوّاها * فألهمها فجورها وتقواها}.
ومن هذه الحاسه الخلقيه نستطيع أن نؤسس القواعد الخلقيه والقانون الأخلاقي العام .
ولكن قد يلقى هذا النور الباطني الفطري موانع توجب طمسه وهي كثيره مثل : العادات ، والوراثه ، والبيئه ، وشواغل الحياة الماديه.
بل إنّ القواعد الخلقيه الفطريه نفسها لم تكن كافيه في إرضاء الجميع لتكون قاعده عامه تجلب رضاهم ، ولهذا لا بد من بعث الأنبياء ذوي النفوس المصفاة الملهمه بالوحي ، ليثيروا للنّاس دفائن العقول ، ويزيلوا الغشاوه عن النور الفطري ، ويكملوا ما كانوا يحتاجون اليه في إكمالهم ، فكان نور الوحي الإلهي مكملا لنور الفطره التي أودعها الله في الانسان ، فكان نور على نور .
الثانيه : قواعده الخلقيه تخاطب الضمير الإنساني ، ويرغب إليها الإنسان من أجل الحقيقه ذاتها ، وأهميتها الخلقيّه ، فهي لم تكن غريبه عليه ، فكانت لها صلة الإلتزام ، قال تعالى : ( بل الإنسان على نفسه بصيرة * ولو ألقى معاذيره ) .
ويظهر ذلك بوضوح في الآيات القرآنيه التي ترجع الإنسان الى عواطفه قال تعالى : ( يا أيّها النّاس إنّا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم ) . وقال تعالى : ( ولا يغتب بعضكم بعضاً أيحبّ أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه واتّقوا الله أنّ الله توّاب رحيم ) .
الثالثه : مسؤوليّة الإنسان عن عمله فردياً قال تعالى : ( وأن ليس للإنسان إلآ ما سعى ) وقال تعالى ( ولا تزر وازرة وزر أخرى ) ، فكل شخص مسؤول بالشروط المقرره عن أفعاله الخاصه : الشعوريه والاراديه ، وهو أيضاً فرد من مجتمع يحمل جانباً من المسؤوليه الاجتماعيه .
الرابعه : حريّة الإنسان في اختيار أفعاله الإراديّه ، ولا شيء - سواء كان داخلياً أو خاجياً - يستطيع إرغامه وسلب حريته ، قال تعالى : ( وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به ) وقال تعالى : ( إن تبدوا شيئاً أو تخفوه فإنّ الله كان بكل شيء عليماً )
وأساس المسؤوليّه هو الحريه .
الخامسه : الجزاء الأخلاقي على وفق قانون : كل مسؤوليه لا بد لها من جزاء ، ولكل عمل جزاء خاص يلائمه .
السادسه : أهميّة النيّه ، والبواعث الكامنه في النفس وراء العمل ، فقيمة كل عمل تدور مدار شدة التنزه ، والهدف من كل عمل هو ابتغاء وجه الله تعالى .
السابعه : كل عمل لا بد من أن يقرن بالاعتقاد ، قال تعالى : ( ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصّالحات أولئك لهم مغفره ورزق كريم ) وقال تعالى : ( والذّين آمنوا وعملوا الصّالحات لندخلهم في الصّالحين ) .
أنّ الإنسان كائن أخلاقي يمتاز عن سائر الكائنات الحيّه في أنه مزيج قوى متخالفه متصارعه ، فهو مركب من عقل ، وقلب ، وإراده ، والمتّبع في علم الأخلاق أنّ الإنسان مركب من قوى ثلاث هي :
أولاً : القوه الشهويّه :
وهي مصدر الرغائب من محبة المال ، والنساء وغيرها من الشهوات الحيوانيّه ، والافعال المنسوبه الى هذه القوه هي الأفعال التي تجلب المنفعه كالأكل والشرب .
ثانياً : القوه الغضبيه :
وهي مصدر العواطف كالشجاعه ، والغضب ، والافعال المنسوبه إليها هي الأفعال التي تدرأ المضار ، كالدفاع عن النفس والمال والعرض .
ثالثاً : القوه العاقله :
وهي التي تدبر البدن ، وتسوسه ، والاعمال الفكريّه كلها منسوبه الى هذه القوه .
ولكل واحده من هذه القوى آثارها وخصائصها ، وهي متباينه في صفاتها وذواتها ، ومن اجتماعها ينشأ الإنسان المفكّر الدراك ، وباتحادها تنشأ وحده تركيبيّه تصدر أفعال خاصه ويبلغ الإنسان سعادته التي خلق من أجلها .
ووظيفته هي أن يحافظ على هذه الوحده التركيبيّه ، وأن لا تخرج قوه من هذه هذه القوى الثلاث عن حد الاعتدال ، الى حدي :
الإفراط أو التفريط ، وبذلك يصل الى الغايه المرجوه من خلقه ، وهي السعاده الفرديّه والنوعيّه في الدنيا والآخره ، لذلك كان الإنسان أخلاقياً دون سائر الكائنات الحيّه .
والاعتدال في الأخلاق المراد به الاعتدال في الوسط الأخلاقي ، أي استعمال كل قوه على ما ينبغي ليجلب بها السعاده ، وحد الاعتدال في القوه الشهويّه هو العفه والإفراط الشره ، والتفريط الخمول ، وفي القوه الغضبيّه الشجاعه والافراط التهور والتفريط الجبن ، والاعتدال في القوه الفكريه الحكمه والافراط الجربزه والتفريط البلاده .
وفي اجتماع تلك الملكات في النفس تحصل ملكه رابعه هي العداله ، والمراد بها : وضع كل شيء في موضعه الذي ينبغي له ، وبها يمكن الإنسان أن يحافظ على حد الاعتدال في القوى الثلاث ،
أمّا القرآن الكريم فله نظريه خاصه في وسط تغاير النظريات الاخرى ، فقد اعتمد القرآن على التقوى والتي ورد ذكرها فيه أكثر
من مأتين وخمسين مره قال تعالى : ( فألهمها فجورها وتقواها ) فهي محور الكمالات الإنسانيه ومعيار الفضائل .
وقال تعالى : ( وتزوّدوا فإنّ خير الزّاد التّقوى ) وقال تعالى : ( إنّ الله يحبّ المتّقين ) وقال تعالى : ( واعلموا أنّ الله مع المتّقين ) .
والمراد من التقوى في نظر القرآن :
الجهد المحمود الحاصل من الفرد المتواصل في خدمة التكليف في جميع نشاطاته ، وعلاقاته بنفسه ، وبربه ، وبالناس أجمعين ، وهذا هو المراد مما ورد في النصوص الكثيره بأنها إتيان الواجبات وترك المحرمات .
وأن يربط بين العمل والنيه ، فلا يمكن التفكيك بينهما ، فالعمل بلا نيّه لا قيمه له ، والنيّه الخاليه من العمل لا ثمره لها .
وبالتقوى يصير الإنسان باراً ويصبح من الصدّيقين ، وبها يتهيّأ لقبول الملكات الفاضله ، ويحدد سلوكه الأخلاقي ، وبها يصير الإنسان عادلاً موفقاً بين رغباته وأحاسيسه وعواطفه ، فهي المقياس الحسي للفضائل .
في القرآن الكريم التقوى طريق التخلّق بالأخلاق الفاضله واكتساب الفضائل وإزالة الرذائل ، ولا تتحقق إلأ بالتواصل والعمل الدؤوب ، وتكرار الأعمال الصالحه لتتمكن الأخلاق الفاضله في النفس ويتعذر إزالتها ،
وفي التقوى يرتبط العمل بالنيّه ، فكلما كانت النيّه خالصه لله تعالى خاليه عن الأغراض الدنيويّه ، ازدادت قيمة العمل وقرب الى القبول وصلح للجزاء الأوفى .
ويقرر القرآن الكريم أن الغايات المرجوه من الأعمال سواء كانت لجلب النفع أو لدفع الضرر ، هي نقص في مقابل الكمال المطلق قال تعالى : ( إنّ العزّه لله جميعاً ) وقال تعالى : ( واتّقون يا أولى الألباب ) ولهذا الأمر أثر كبير في النفس ، إذ يجعل العمل خالصاً لوجه الله ، منزها عن كل غايه من غير الله تعالى ، وأنّ الغايه هي الله تعالى والتخلق بأخلاقه ، وهذا مسلك جديد لم يكن معروفاً قبل نزول القرآن ويختلف عن سائر المسالك المتّبعه في تهذيب النفس بوجهين :
أحدهما : يعد الإنسان أعداداً علمياً وعمليّاً لقبول الأخلاق الفاضله والمعارف الإلهيّه ، فلا يبقى مجال للرذائل وفيه تختلف الفضائل عن غيره من المسالك .
والآخر : يصدر الفعل عن العبوديّه المحضه ، والحب العبودي ، فالغرض هو وجه الله تعالى فقط ، فهو مبني على التوحيد الخالص بخلاف غيره .
والحمد لله رب العالمين
اللهم صل على محمد وال محمد
المفهوم الاخلاقي في القرآن الكريم
القرآن الكريم يحل جميع المشكلات الخلقيّه ، واضعاّ كل شيء في موضعه ، رابطاً بين الفضل والفضيله .إنّ المفهوم الأخلاقي في القرآن الكريم لا يقتصر على الحاجه العقليّه فقط ، بل يتكامل فيه الجانبان النظري والعملي في وحده خاصه تشبع الحاسه الأخلاقيه التي أودعها الله تعالى في الإنسان .
علل الامام المفسّر ترجيح النظر الاسلامي بأنّه تركيب لتراكيب ، فهو واقعي ومثالي ، ومحافظ وتقدمي ، وتطور وعقلي ، وصوفي ومتحرر ، ونظامي ، يلبّي جميع المطالب الفرديّه والاجتماعيّه : الشرعيّه والأخلاقيه .
وهناك خصائص الأخلاق في القرآن :
الأولى : في الانسان انبعاث داخلي فطري الى الأخلاق ، يساير جميع مراحله ، يمكن التعبير عنه ب ( الحاسه الأخلاقيه ) التي يميز بها بين الخير والشر ، كما يميز بالحاسه الجماليه المودعه فيه بين الجميل والقبيح قال تعالى : { ونفس وما سوّاها * فألهمها فجورها وتقواها}.
ومن هذه الحاسه الخلقيه نستطيع أن نؤسس القواعد الخلقيه والقانون الأخلاقي العام .
ولكن قد يلقى هذا النور الباطني الفطري موانع توجب طمسه وهي كثيره مثل : العادات ، والوراثه ، والبيئه ، وشواغل الحياة الماديه.
بل إنّ القواعد الخلقيه الفطريه نفسها لم تكن كافيه في إرضاء الجميع لتكون قاعده عامه تجلب رضاهم ، ولهذا لا بد من بعث الأنبياء ذوي النفوس المصفاة الملهمه بالوحي ، ليثيروا للنّاس دفائن العقول ، ويزيلوا الغشاوه عن النور الفطري ، ويكملوا ما كانوا يحتاجون اليه في إكمالهم ، فكان نور الوحي الإلهي مكملا لنور الفطره التي أودعها الله في الانسان ، فكان نور على نور .
الثانيه : قواعده الخلقيه تخاطب الضمير الإنساني ، ويرغب إليها الإنسان من أجل الحقيقه ذاتها ، وأهميتها الخلقيّه ، فهي لم تكن غريبه عليه ، فكانت لها صلة الإلتزام ، قال تعالى : ( بل الإنسان على نفسه بصيرة * ولو ألقى معاذيره ) .
ويظهر ذلك بوضوح في الآيات القرآنيه التي ترجع الإنسان الى عواطفه قال تعالى : ( يا أيّها النّاس إنّا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم ) . وقال تعالى : ( ولا يغتب بعضكم بعضاً أيحبّ أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه واتّقوا الله أنّ الله توّاب رحيم ) .
الثالثه : مسؤوليّة الإنسان عن عمله فردياً قال تعالى : ( وأن ليس للإنسان إلآ ما سعى ) وقال تعالى ( ولا تزر وازرة وزر أخرى ) ، فكل شخص مسؤول بالشروط المقرره عن أفعاله الخاصه : الشعوريه والاراديه ، وهو أيضاً فرد من مجتمع يحمل جانباً من المسؤوليه الاجتماعيه .
الرابعه : حريّة الإنسان في اختيار أفعاله الإراديّه ، ولا شيء - سواء كان داخلياً أو خاجياً - يستطيع إرغامه وسلب حريته ، قال تعالى : ( وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به ) وقال تعالى : ( إن تبدوا شيئاً أو تخفوه فإنّ الله كان بكل شيء عليماً )
وأساس المسؤوليّه هو الحريه .
الخامسه : الجزاء الأخلاقي على وفق قانون : كل مسؤوليه لا بد لها من جزاء ، ولكل عمل جزاء خاص يلائمه .
السادسه : أهميّة النيّه ، والبواعث الكامنه في النفس وراء العمل ، فقيمة كل عمل تدور مدار شدة التنزه ، والهدف من كل عمل هو ابتغاء وجه الله تعالى .
السابعه : كل عمل لا بد من أن يقرن بالاعتقاد ، قال تعالى : ( ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصّالحات أولئك لهم مغفره ورزق كريم ) وقال تعالى : ( والذّين آمنوا وعملوا الصّالحات لندخلهم في الصّالحين ) .
أنّ الإنسان كائن أخلاقي يمتاز عن سائر الكائنات الحيّه في أنه مزيج قوى متخالفه متصارعه ، فهو مركب من عقل ، وقلب ، وإراده ، والمتّبع في علم الأخلاق أنّ الإنسان مركب من قوى ثلاث هي :
أولاً : القوه الشهويّه :
وهي مصدر الرغائب من محبة المال ، والنساء وغيرها من الشهوات الحيوانيّه ، والافعال المنسوبه الى هذه القوه هي الأفعال التي تجلب المنفعه كالأكل والشرب .
ثانياً : القوه الغضبيه :
وهي مصدر العواطف كالشجاعه ، والغضب ، والافعال المنسوبه إليها هي الأفعال التي تدرأ المضار ، كالدفاع عن النفس والمال والعرض .
ثالثاً : القوه العاقله :
وهي التي تدبر البدن ، وتسوسه ، والاعمال الفكريّه كلها منسوبه الى هذه القوه .
ولكل واحده من هذه القوى آثارها وخصائصها ، وهي متباينه في صفاتها وذواتها ، ومن اجتماعها ينشأ الإنسان المفكّر الدراك ، وباتحادها تنشأ وحده تركيبيّه تصدر أفعال خاصه ويبلغ الإنسان سعادته التي خلق من أجلها .
ووظيفته هي أن يحافظ على هذه الوحده التركيبيّه ، وأن لا تخرج قوه من هذه هذه القوى الثلاث عن حد الاعتدال ، الى حدي :
الإفراط أو التفريط ، وبذلك يصل الى الغايه المرجوه من خلقه ، وهي السعاده الفرديّه والنوعيّه في الدنيا والآخره ، لذلك كان الإنسان أخلاقياً دون سائر الكائنات الحيّه .
والاعتدال في الأخلاق المراد به الاعتدال في الوسط الأخلاقي ، أي استعمال كل قوه على ما ينبغي ليجلب بها السعاده ، وحد الاعتدال في القوه الشهويّه هو العفه والإفراط الشره ، والتفريط الخمول ، وفي القوه الغضبيّه الشجاعه والافراط التهور والتفريط الجبن ، والاعتدال في القوه الفكريه الحكمه والافراط الجربزه والتفريط البلاده .
وفي اجتماع تلك الملكات في النفس تحصل ملكه رابعه هي العداله ، والمراد بها : وضع كل شيء في موضعه الذي ينبغي له ، وبها يمكن الإنسان أن يحافظ على حد الاعتدال في القوى الثلاث ،
أمّا القرآن الكريم فله نظريه خاصه في وسط تغاير النظريات الاخرى ، فقد اعتمد القرآن على التقوى والتي ورد ذكرها فيه أكثر
من مأتين وخمسين مره قال تعالى : ( فألهمها فجورها وتقواها ) فهي محور الكمالات الإنسانيه ومعيار الفضائل .
وقال تعالى : ( وتزوّدوا فإنّ خير الزّاد التّقوى ) وقال تعالى : ( إنّ الله يحبّ المتّقين ) وقال تعالى : ( واعلموا أنّ الله مع المتّقين ) .
والمراد من التقوى في نظر القرآن :
الجهد المحمود الحاصل من الفرد المتواصل في خدمة التكليف في جميع نشاطاته ، وعلاقاته بنفسه ، وبربه ، وبالناس أجمعين ، وهذا هو المراد مما ورد في النصوص الكثيره بأنها إتيان الواجبات وترك المحرمات .
وأن يربط بين العمل والنيه ، فلا يمكن التفكيك بينهما ، فالعمل بلا نيّه لا قيمه له ، والنيّه الخاليه من العمل لا ثمره لها .
وبالتقوى يصير الإنسان باراً ويصبح من الصدّيقين ، وبها يتهيّأ لقبول الملكات الفاضله ، ويحدد سلوكه الأخلاقي ، وبها يصير الإنسان عادلاً موفقاً بين رغباته وأحاسيسه وعواطفه ، فهي المقياس الحسي للفضائل .
في القرآن الكريم التقوى طريق التخلّق بالأخلاق الفاضله واكتساب الفضائل وإزالة الرذائل ، ولا تتحقق إلأ بالتواصل والعمل الدؤوب ، وتكرار الأعمال الصالحه لتتمكن الأخلاق الفاضله في النفس ويتعذر إزالتها ،
وفي التقوى يرتبط العمل بالنيّه ، فكلما كانت النيّه خالصه لله تعالى خاليه عن الأغراض الدنيويّه ، ازدادت قيمة العمل وقرب الى القبول وصلح للجزاء الأوفى .
ويقرر القرآن الكريم أن الغايات المرجوه من الأعمال سواء كانت لجلب النفع أو لدفع الضرر ، هي نقص في مقابل الكمال المطلق قال تعالى : ( إنّ العزّه لله جميعاً ) وقال تعالى : ( واتّقون يا أولى الألباب ) ولهذا الأمر أثر كبير في النفس ، إذ يجعل العمل خالصاً لوجه الله ، منزها عن كل غايه من غير الله تعالى ، وأنّ الغايه هي الله تعالى والتخلق بأخلاقه ، وهذا مسلك جديد لم يكن معروفاً قبل نزول القرآن ويختلف عن سائر المسالك المتّبعه في تهذيب النفس بوجهين :
أحدهما : يعد الإنسان أعداداً علمياً وعمليّاً لقبول الأخلاق الفاضله والمعارف الإلهيّه ، فلا يبقى مجال للرذائل وفيه تختلف الفضائل عن غيره من المسالك .
والآخر : يصدر الفعل عن العبوديّه المحضه ، والحب العبودي ، فالغرض هو وجه الله تعالى فقط ، فهو مبني على التوحيد الخالص بخلاف غيره .
والحمد لله رب العالمين
إرسال تعليق
التعليق على الموضوع :