بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد
القسم الثاني
2 - الاخلاص في التوحيد :فان الاهتمام البالغ الذي يبديه السيد باخلاص النيه في العبوديه لله تبارك وتعالى وتشديد الدعوه للمؤمن للجهاد في الوصول الى مراتبه يرتبط بخصوصي اخرمن خصائص منهجه السلوكي هي خصوصية تعميق التوحيد الخالص لله جل جلاله في روح السالك اليه ثم في جميع سلوكياته , فلا يرجوا الا الله ولا ينظر الى غيره ولا يرى سواه فاعلآ في حياته , فلا يتوجه الى غيره في اي شأن من شؤونه , فهو موحد له في العبوديه وفي الربوبيه واذا توجه الى شيء من الاسباب فلا ينظر اليها على نحو انها مستقله في التاثير بل ولا يتكل عليها اصلآ الا بالمقدار الذي يتعبد به لله ويمتثل امره .
ينقل السيد : { ولقد كنا مره يا ولدي في طريق مشهد الحسين - عليه السلام - وكنا متيممين فنحتاج ان نصلي بالنوافل والفرائض بحسب ما هدانا الله جل جلاله اليه , فصار الرفقاء يستعجلون , فقلت لهم : نحن نقصد الحسين - عليه السلام - لاجل الله جل جلاله او نقصد الله جل جلاله لاجل الحسين - عليه السلام - ؟!
فقالوا : بل نقصد الحسين لاجل الله تعالى , فقلت لهم : فاذا ضيعنا طريق الله جل جلاله الذي قصدنا الحسين - عليه السلام - لاجله , فكيف يكون حالنا عند الحسين - عليه السلام - وباي وجه يلقانا هو ويلقانا الله جل جلاله عند الحسين - عليه السلام - اذا تعرضنا لفضله ؟ ......}
3 - الاقتداء بالمعصومين عليهم السلام :
الحث على الاقتداء بالرسول الاكرم - صل الله عليه واله - بالاصاله وبالائمه المعصومين من عترته الطاهرين - عليهم السلام - بالتبعيه في تعبدهم لله تعالى , يمثل خصوصيه بارزه أخرى في المنهج السلوكي للسيد ابن طاووس فهي الخصوصيه الاولى للمناهج السلوكيه الاماميه التي تؤكد ان التوحيد الخالص لله تبارك وتعالى لا يتحقق الا بالتمسك باهل بيت النبوه ولا وصول للحق جل وعلا الا بالتزام عرى ولايتهم , ولذلك لا يجيز عرفاء الاماميه للمؤمن العمل بغير ما ورد عنهم من عبادات واذكار وبغير ما هدوا له من الرياضات الشرعيه لانهم هم { العارفون باسرار رب العالمين وباسرار سيد المرسلين } .
وفي الواقع فان ما جمعه السيد ابن طاووس في مصنفاته هو ما ورد عنهم - عليهم السلام - من اعمال عباديه وآداب شرعيه لا غنى للسالك عنها للتقرب الى ربه وليكون دائم العبوديه والذكر له تبارك وتعالى في مختلف حالاته واوقاته , والسيد يتميز بكثرة الحث على الاقتداء بالمعصومين - عليهم السلام - في اعمالهم وعباداتهم وآدابهم ويحذر بشدة من التخلف باي ذريعه كانت فيقول : { أياك ان تخالف قوله تعالى في رسوله فاتبعوه واتبعوا النور الذي انزل معه واسلك سبيل هذه الاداب فانها مطايا وعطايا يفتح له انوار سعاده الدنيا ويوم الحساب } .
4 - الارتباط بامام العصر :
وللارتباط بامام العصر - عجل الله فرجه - خصوصيه خاصه في المنهج التربوي للسيد خاصه في المنهج التربوي للسيد يؤكد لزومها للمؤمن لقبول اعماله ونجاح مساعيه في التقرب من الله , وهو يؤكد باستمرار ضرورة اداء حقوقه - عليه السلام - في جميع المجالات والتصدق عنه باستمرار بنية حفظه , وهو ينبه المؤمن الى ان : { الدعاء للمهدي - عليه السلام - من مهمات اهل الاسلام والايمان } . بل وان يقدم الدعاء له - عليه السلام - لان بقاء الدين به ولانه امامك وسبب سعادتك في دنياك وآخرتك , واعلم انه - عليه السلام - غير محتاج الى توسلك بصلاتك وصدقتك ودعائك في سلامته من شهره , لكن اذا نصرته جازاك الله جل جلاله بنصره وجعلك في حصن حريز , قال الله تعالى : ( ولينصرن الله من ينصره * ان الله لقوي عزيز ) .
ولان من كمال الوفاء لنائب خاتم الانبياء ان تقدمه قبل نفسك في كل خير تقدم عليه ودفع كل محذور ان يصل اليه , وكذا عادة كل انسان مع من هو اعز من نفسه عليه .
ولانك اذا استفتحت ابواب القبول بطاعة الله جل جلاله والرسول يرجى ان تفتح الابواب لاجلهم , فتدخل انت نفسك في ضيافة الدخول تحت ظلهم وعلى موائد فضلهم .
5 - التحلي بالهمه العاليه :
يخاطب السيد ولده بلغة الوصيه قائلآ : { واعلم ان جدك - ورامآ - قدس الله روحه كان يقول لي وانا صبي ما معناه : ( يا ولدي مهما دخلت فيه من الاعمال المتعلقه بمصلحتك , لا تقنع ان تكون فيه بالدون دون احد من اهل الحال سواء كان علمآ او عملآ ولا تقنع بالدون , وتادب بما ادب الله جل جلاله من كان قبلك من الانبياء والاوصياء والاولياء وبما قوى عليه من كان دونك من الضعفاء حتى جعله بفضله من الاولياء وجمع له بين سعادة دار الفناء ودار البقاء , فالسابق والمسبوق من اصل واحد ولكن السابق ذا همه عاليه فلم يقنع بدون السعاده الفانيه والباقيه , وكان المسبوق ذا همه واهيه فقنع بالحاله الواهيه } .
6 - الاعتزال عن مخالطة الفاسدين :
قال رحمه الله : واياك يا ولدي محمد طهر جل جلاله في تطهير سرائرك من دنس الاشتغال بغيره عنه وملأها بما يقربك منه اذا احتجت الى مخالطة الناس لحاجتك اليهم ولحاجتهم اليك .
ثم اياك ثم اياك ان تغفل عن التذكر ان الله جل جلاله مطلع عليهم وعليك , وانكم جميعآ تحت قبضته وساكنون في داره , ومتصرفون في نعمته وانتم مضطرون الى مراقبته , وانه قد توعدكم بمحاسبته وليكن حديثك لهم كانه في المعنى له وبالاقبال عليه , كما لو كنت في مجلس خليفه او سلطان وعنده جماعه , فانك كنت تقصده بحديثك والناس الحاضرون في ضيافة حديثك له واقبالك عليه .
واعلم يا ولدي محمد ومن بلغه كتابي هذا من ذريتي وغيرهم من الاهل والاخوان , علمك الله جل جلاله واياهم ما يريد منكم من المراقبه في السر والاعلان , ان مخالطة الناس داء معضل وشغل شاغل عن الله جل جلاله مذهل , وقد بلغ الامر في مخالطتهم الى نحو ما جرى في الجاهليه من الاشتغال بالاصنام عن الجلاله الالهيه .
فاقلل يا ولدي من مخالطتك لهم ومخالطتهم لك بغاية الامكان فقد جربته ورايته يورث مرضآ هائلآ في الاديان , فمن ذلك انك تبتلي بالامر بالمعروف والنهي عن المنكرات ,فان اقمت بذلك على الصدق واداء الامانات صاروا اعداءك على اليقين , وشغلوك بالعداوه عن رب العالمين . واذا نافقتهم وداريتهم صاروا آلهه لك من دون مولاك وافتضحت معه وهو يراك , ووجدك تستهزىء به في مقدس حضرته وتظهر خلاف ما تبطن بالاستخفاف بحرمته , وان اطلاعهم عليك كان اهم لديك من اطلاعه عليك .
7 - الدعاء :
قال رحمه الله لولده : { ومتى اشتبه عليك شيء من نتائج العقول فالزم الصوم والخلوه والتذلل للقادر جل جلاله على كل مامول , فانك تجده جل جلاله كاشفآ لك ما اشتبه عليك , وباعثآ الى عقلك وقلبك من انوار هدايته ما يفتح ابواب الصواب لديك .
واياك ان تستبطىء اجابته وان تتهم رحمته , فان العبد ما يخلو من تقصير في مراقبة مولاه , ويكفيه انه يعظم ما صغر ويصغر ما عظم من دنياه واخراه , ويكفيه انه يغضب لنفسه ولمن يعز عليه اكثر مما يغضب لله جل جلاله المحسن اليه, ويكفيه انه ما هو راض بتدبير مالكه جل جلاله بالكليه , وانه يعارضه بخاطره وقلبه وعقله معارضة المماثل او الشريك او العبد السيء العبوديه .
واذا تاخرت عنك اجابة الدعاء وبلوغ الرجاء فابك على نفسك بكاء من يعرف ان الذنب له , وانه يستحق لاكثر من ذلك الجفاء , فكم راينا والله يا ولدي عند هذه المقامات من فتوح السعادات والعنايات ما اغنانا عن سؤال العباد وعن كثير من الاجتهاد } .
8 - ذكر الله :
وقال لولده : { واعلم يا ولدي محمد حفظ الله جل جلاله فيك عنايته بآبائك الطاهرين وسلفك الصالحين , وسلك بهم كامل سبيلهم القوي المكين , ان اصل ما انت فيه ان كونك ذاكرآ انك بين يدي الله جل جلاله وانه مطلع عليك , وانك كلما تتقلب فيه من احسانه اليك , وانه صحبك من ابتداء , انشائك من التراب وتنقلك من الاباء والامهات , أحسن الصحبه بالعنايات , وصحبك في وقت وجودك بما نبهناك به عليه من السعادات , وانت محتاج الى جميل صحبته ورحمته مع دوام بقائه بعد الممات .
ومن ذا يحميك منه ان اعرض عنك او اعرضت عنه ؟ ومن الذي يحفظ عليك اذا ضيعت نفسك وكبلتها في يديك ؟ ومن الذي اذا اخرجته من قلبك تتعوض به عن ربك جل جلاله ؟ فاريد من رحمته ان يملأ قلبك من معرفته وهيبته ورحمته , ويستعمل عقلك وجوارك في خدمته وطاعته , حتى يكون ان جلست فتكون ذاكرآ انك بين يديه , وان اقمت تكون ذاكرآ ان قوة قدرتك على المشي منه , وتتأدب في المشي تأدب الماشي بحضرة ملك الملوك اليه الذي لا غناء عنه
واوصيك يا ولدي محمد ادام الله جل جلاله اقباله عليك وكمال احسانه اليك بما اوصاك الله جل جلاله في نفسك والوالدين وذوي الارحام وسائر وصايا الاسلام , وبالتحنن على اخوتك واخواتك وخدمك وحشمك واهل مودتك , وبما اوصاك به جدك محمد - صل الله عليه واله - ولسان حال آبائك وعترته الطاهرين , وبما اوصاك به من مواهبه عليك ولديك من المروه والصفاء والوفاء وجميع صفات اهل الدين , وان تشركني في خلواتك ودعواتك وصدقاتك , وتذكرني بين يدي الله جل جلاله بما يجري به جل جلاله على خاطرك عند مناجاتك , وتبعث الي بالسلام اول كل ليلة واول كل نهار , فانه روي في الاثار انه يبلغني ويكون من جملة المسار } .
والحمد لله رب العالمين
5 - التحلي بالهمه العاليه :
يخاطب السيد ولده بلغة الوصيه قائلآ : { واعلم ان جدك - ورامآ - قدس الله روحه كان يقول لي وانا صبي ما معناه : ( يا ولدي مهما دخلت فيه من الاعمال المتعلقه بمصلحتك , لا تقنع ان تكون فيه بالدون دون احد من اهل الحال سواء كان علمآ او عملآ ولا تقنع بالدون , وتادب بما ادب الله جل جلاله من كان قبلك من الانبياء والاوصياء والاولياء وبما قوى عليه من كان دونك من الضعفاء حتى جعله بفضله من الاولياء وجمع له بين سعادة دار الفناء ودار البقاء , فالسابق والمسبوق من اصل واحد ولكن السابق ذا همه عاليه فلم يقنع بدون السعاده الفانيه والباقيه , وكان المسبوق ذا همه واهيه فقنع بالحاله الواهيه } .
6 - الاعتزال عن مخالطة الفاسدين :
قال رحمه الله : واياك يا ولدي محمد طهر جل جلاله في تطهير سرائرك من دنس الاشتغال بغيره عنه وملأها بما يقربك منه اذا احتجت الى مخالطة الناس لحاجتك اليهم ولحاجتهم اليك .
ثم اياك ثم اياك ان تغفل عن التذكر ان الله جل جلاله مطلع عليهم وعليك , وانكم جميعآ تحت قبضته وساكنون في داره , ومتصرفون في نعمته وانتم مضطرون الى مراقبته , وانه قد توعدكم بمحاسبته وليكن حديثك لهم كانه في المعنى له وبالاقبال عليه , كما لو كنت في مجلس خليفه او سلطان وعنده جماعه , فانك كنت تقصده بحديثك والناس الحاضرون في ضيافة حديثك له واقبالك عليه .
واعلم يا ولدي محمد ومن بلغه كتابي هذا من ذريتي وغيرهم من الاهل والاخوان , علمك الله جل جلاله واياهم ما يريد منكم من المراقبه في السر والاعلان , ان مخالطة الناس داء معضل وشغل شاغل عن الله جل جلاله مذهل , وقد بلغ الامر في مخالطتهم الى نحو ما جرى في الجاهليه من الاشتغال بالاصنام عن الجلاله الالهيه .
فاقلل يا ولدي من مخالطتك لهم ومخالطتهم لك بغاية الامكان فقد جربته ورايته يورث مرضآ هائلآ في الاديان , فمن ذلك انك تبتلي بالامر بالمعروف والنهي عن المنكرات ,فان اقمت بذلك على الصدق واداء الامانات صاروا اعداءك على اليقين , وشغلوك بالعداوه عن رب العالمين . واذا نافقتهم وداريتهم صاروا آلهه لك من دون مولاك وافتضحت معه وهو يراك , ووجدك تستهزىء به في مقدس حضرته وتظهر خلاف ما تبطن بالاستخفاف بحرمته , وان اطلاعهم عليك كان اهم لديك من اطلاعه عليك .
7 - الدعاء :
قال رحمه الله لولده : { ومتى اشتبه عليك شيء من نتائج العقول فالزم الصوم والخلوه والتذلل للقادر جل جلاله على كل مامول , فانك تجده جل جلاله كاشفآ لك ما اشتبه عليك , وباعثآ الى عقلك وقلبك من انوار هدايته ما يفتح ابواب الصواب لديك .
واياك ان تستبطىء اجابته وان تتهم رحمته , فان العبد ما يخلو من تقصير في مراقبة مولاه , ويكفيه انه يعظم ما صغر ويصغر ما عظم من دنياه واخراه , ويكفيه انه يغضب لنفسه ولمن يعز عليه اكثر مما يغضب لله جل جلاله المحسن اليه, ويكفيه انه ما هو راض بتدبير مالكه جل جلاله بالكليه , وانه يعارضه بخاطره وقلبه وعقله معارضة المماثل او الشريك او العبد السيء العبوديه .
واذا تاخرت عنك اجابة الدعاء وبلوغ الرجاء فابك على نفسك بكاء من يعرف ان الذنب له , وانه يستحق لاكثر من ذلك الجفاء , فكم راينا والله يا ولدي عند هذه المقامات من فتوح السعادات والعنايات ما اغنانا عن سؤال العباد وعن كثير من الاجتهاد } .
8 - ذكر الله :
وقال لولده : { واعلم يا ولدي محمد حفظ الله جل جلاله فيك عنايته بآبائك الطاهرين وسلفك الصالحين , وسلك بهم كامل سبيلهم القوي المكين , ان اصل ما انت فيه ان كونك ذاكرآ انك بين يدي الله جل جلاله وانه مطلع عليك , وانك كلما تتقلب فيه من احسانه اليك , وانه صحبك من ابتداء , انشائك من التراب وتنقلك من الاباء والامهات , أحسن الصحبه بالعنايات , وصحبك في وقت وجودك بما نبهناك به عليه من السعادات , وانت محتاج الى جميل صحبته ورحمته مع دوام بقائه بعد الممات .
ومن ذا يحميك منه ان اعرض عنك او اعرضت عنه ؟ ومن الذي يحفظ عليك اذا ضيعت نفسك وكبلتها في يديك ؟ ومن الذي اذا اخرجته من قلبك تتعوض به عن ربك جل جلاله ؟ فاريد من رحمته ان يملأ قلبك من معرفته وهيبته ورحمته , ويستعمل عقلك وجوارك في خدمته وطاعته , حتى يكون ان جلست فتكون ذاكرآ انك بين يديه , وان اقمت تكون ذاكرآ ان قوة قدرتك على المشي منه , وتتأدب في المشي تأدب الماشي بحضرة ملك الملوك اليه الذي لا غناء عنه
واوصيك يا ولدي محمد ادام الله جل جلاله اقباله عليك وكمال احسانه اليك بما اوصاك الله جل جلاله في نفسك والوالدين وذوي الارحام وسائر وصايا الاسلام , وبالتحنن على اخوتك واخواتك وخدمك وحشمك واهل مودتك , وبما اوصاك به جدك محمد - صل الله عليه واله - ولسان حال آبائك وعترته الطاهرين , وبما اوصاك به من مواهبه عليك ولديك من المروه والصفاء والوفاء وجميع صفات اهل الدين , وان تشركني في خلواتك ودعواتك وصدقاتك , وتذكرني بين يدي الله جل جلاله بما يجري به جل جلاله على خاطرك عند مناجاتك , وتبعث الي بالسلام اول كل ليلة واول كل نهار , فانه روي في الاثار انه يبلغني ويكون من جملة المسار } .
والحمد لله رب العالمين
إرسال تعليق
التعليق على الموضوع :