زيارة الامام الكاظم ع والدور السياسي لاهل البيت ع

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد
زيارة الامام الكاظم عليه السلام
والدور السياسي لأهل البيت عليهم السلام
لقد عرف المسلمون مقام أهل البيت عليهم السلام وحقهم على هذه الأمّه وموقعهم السياسي الذي ينبغي أن يشغلوه ، وهو موقع القياده  والإمامه ، لذا كان أهل البيت عليهم السلام على امتداد تاريخ الاسلام السياسي هم على قمة الهرم السياسي ، وفي طليعه المعارضه المستهدفه للاصلاح وتطبيق أحكام الاسلام وإقامة العدل .
وواضح لدى الدارسين لتاريخ الاسلام السياسي أن الخلافه ورعاية شؤون الأمّه  بعد انقراض الخلافه الراشده تحوّلت الى ملك عائلي وسلطه وتسلط ، واستئثار بالأموال والمناصب وتعطيل لآحكام الشريعه وتلاعب بها ، فسبّب هذا التلاعب بالشريعه ومصالح الأمّه قيام الثورات والانتفاضات والصراع المرير الدامي ، فسفكت الدماء وانتشرت الفرقه والفتن ، ونشأت الأفكار والنظريات المنحرفه على طرفي نقيض ، فبعضها يبرّر للحكّام ظلمهم وسيطرتهم على الأمّه ويدعو للخنوع والاستسلام وتحريم المعارضه وعدم نقض بيعة الظالم ، والرضا به على كل حال ، وبعضها استغلّ الفرصه للقضاء على الاسلام وأهله فدعا بدعوات ضالّه جاهليه ، دعا الى إباحة المحرّمات والأموال والنساء وهدم الواجبات ، كالقرامطه والمزدكيّه والخرميّه وأمثالهم ، وبعضهم دعا الى الفوضى والتخريب وإباحة الدماء وتكفير  الجميع كالخوارج ومن تأثر بتيارهم .
وهكذا تبلبل الفكر السياسي ونشأت الاضطرابات والحروب الداخليه ، وفي كل مشكله فكريه وعقائديه تعايشها الأمّه يكون أهل البيت عليهم السلام هم الفئه الرئده والمركزيه الرساليه الموجهه للتيار السليم ، والمثبته لمنهج الحق فيتبع رأيهم ، ويأخذ بموقفهم المسلمون ، العلماء والعامّه ، عدا من يرتبط بالسلطه ويبرّر لها تصرّفها ، ويدافع عن مصالحه المتربطه بمصالحها .
إنّ من يستقرىء سياسة أهل البيت عليهم السلام  وكفاحهم وعملهم السياسي الظاهر منه والخفي خلال قرنين ونصف تقريباً من الزمان يستطيع أن يكشف أن عملهم كان يرتكز على المبادىء الآتيه :
1 - تربية الأمّه على كراهية الظلم وتركيز مفهوم العدل وشرح فكرة الإمامه والسياسه ، وتوضيح أسس الحكم والسياسه في الاسلام  لتنمية الوعي السياسي في الأمّه ، وتعميق حسّها وزيادة نقمتها على الظالمين وتحريك ركودها ، ومن يستقرىء ما صدر عن أهل البيت عليهم السلام وما رووا ونشروا في هذا الشأن من رويات عن رسول الله " صل الله عليه واله " يكتشف أهمية هذه الخطوه في ايقاظ الحس السياسي وتعميق الوعي الاسلامي ، نذكر نماذج من الرّويات والأحاديث التي تتحدّث عن السلطه ومؤولية الحاكم المسلم ، ورفض الاسلام للظلم ودعوته للعدل ، لنقف على جانب من فكر أهل البيت عليهم السلام ومنهجهم في مقاومة الظلم  وتحريك الركود السياسي ودفع الأمّه للاصلاح والتغيير .
روي عن الامام الباقر عليه السلام أن شيخاً من النخع قال :
{ قلت لأبي جعفر عليه السلام : أنّي لم أزل والياً منذ زمن الحجاج الى يومي هذا ، فهل لي من توبه ؟
قال : فسكت ثم أعدت عليه ،فقال : لا حتى تؤدّي الى كل ذي حق حقّه }
وعن الامام الصادق عليه السلام :
{ إنّ الله عزّ وجلّ أوحى الى نبي من أنبيائه في مملكة جبّار من الجبّارين أن ائت هذا الجبار فقل له : أنني لم استعملك على سفك الدماء واتخاذ الأموال ، وانّما استعملتك لتكفّ عنّي أصوات المظلومين فإنّي لم أدع ظلامتهم وإن كانوا كفّاراً } .
2 - المقاطعه : أما الأسلوب الثاني من أساليب العمل السياسي الذي لجأ إليه أهل البيت عليهم السلام كلّما تغشّى الظلم والانحراف في الفهم والتطبيق ، فقد اتخذوا بالاضافه الى التوجيه وتعميق الوعي والحس السياسي ، اتخذوا أسلوب المقاطعه .
وورد عن أئمة أهل البيت عليهم السلام عن رسول الله " صل الله عليه واله " :
{ من مشى مع ظالم ليعينه وهو يعلم أنّه ظالم ، فقد خرج من الاسلام } .
بالمناسبه ضمن اطار الروياتين الاخيرتين الم يجدر بنا ان ننتبه لمن نوالي  من السياسين الذين يقودون البلد وما موقفنا منهم وخاصه اذا قرأنا الحديث الشريف : { العامل بالظّلم ، والمعين عليه ، والرّضي به ، شركاء ثلاثتهم } .
وهكذا تأتي الدعوه صريحه الى مقاطعة السياسين الظالمين والفاسدين بمختلف مسمياتهم وعدم معاونتهم .
ونذكر نموذجاً لهذه المقاطعه هو موقف أئمة أهل البيت عليهم السلام من الحكّام الأمويين والعباسيين في عهد الامام علي بن الحسين السّجاد ثمّ الامام محمد الباقر وجعفر الصادق وموسى بن جعفر وعلي بن موسى ومحمد الجواد والامام الهادي والامام الحسن العسكري عليهم السلام .
وهكذا كانت هذه الفتره فترة مقاطعه وعدم استجابه للحكّام أو أي تعاون معهم ، وأن ما قام به المرجع الاعلى لطائفة الشيعه السيد علي السيستاني دام ظله من مقاطعة تلك الزمره من السياسين الذين نشروا الفساد والدمار للبلد ومؤسساته  ولكل مفاصل الحياة ، خير دليل لنا على مقاطعتهم ، الم يجدر بنا كمسلمين  ان نقتدي به ونقاطعهم . بل تركناه وبحثنا عن مراجع تنمي فينا رغبات وطموحات النفس او أوهمونا هؤلاء السياسين الفاسدين بأن المرجعيه ليس عنده وعلينا البحث عن غيره وبذلك فرقونا وضمنوا ولائنا لهم وانتخابهم وبقائهم في السلطه .
اعلم يا أخي :
استغل الموضوع لطرح فكره عسى ان تنفع البعض وهي :
أنّ أعداء أهل البيت  في كل العصور يعرفون أئمة أهل البيت  من هم ويعرفون مكانتهم عند الله  عزّ وجلّ ورسوله " صل الله عليه واله " وأنّهم أئمه مفروض طاعتهم واتباعهم ، لكن تصارع ذلك بين طاعتهم وبين رغبات واطماع النفس فاختاروا اطاعة الحكام  للحصول على مكاسب دنيويه ومحاربة الائمه الاطهار ، ولنضرب مثلاً على ذلك :
ذكرت لنا واقعة الطف في كربلاء نموذجين  ارجوا أن تجعلهم مقياس لنفسك وانك تقف مع مّن .
 لا تقلي أن اتبع أهل البيت عليهم السلام  ، الكلام وحده لا يكفي بل العمل المبني على الاخلاص هو المغزى .
موقف عمر بن سعد عندما قال :
فوالله ما أدري وإني لحائر _________ أفكّر في أمري على خطرين 
أأترك ملك الرّي والرّي منيتي ______ أم أرجع مأثوماً بقتل حسين
حسين أبن عمي والحوادث جمّة ______ ولعمري ولي في الرّي قرة عيني
وأن آله العرش يغفر زلتي __________ ولو كنت فيها أظلم الثقلين
إلا إنما الدنيا بخير معجّل __________ وما عاقل باع الوجود بدين
يقولون أن الله خالق جنّة  __________ ونار وتعذيب وغلّ يدين
فإن صدقوا فيما يقولون فإنني _______ أتوب الى الرحمن من سنتين
وإن كذبوا فزنا بدنيا عظيمة ________ وملك عظيم دائم الحجلين
عند التعمق في تلك الابيات يجد ان القائل يعرف من هو الامام ووجوب طاعته لكن النفس وملك الرّي كان الفاصل .
بينك وبين الله ما مدى ملك الرّي وأن كانت رغبات بسيطه  في انفسنا رغم ادعائنا بمعرفة الامام واتباعنا له .
واقول من يعرف امام زمانه الامام الحجه المنتظر عجل الله فرجه من باب اولى يعرف وكيله ويتبعه .
وهناك المثل الثاني هو موقف الحر الرياحي عندما قال :
أنّي أخير نفسي بين الجنّه والنّار . رغم أنّه يقف مع الاعداء وأنه يمني نفسه بلمذات الدنيا ومناصبها .
فأختار الجنّه وانضم الى معسكر الحسين عليه السلام .
من منا  خير نفسه بين الجنّه والنار ورفض المناصب او لم تكن هدفه التي تكون تحت اطاعة الظالم والفاسد ، ويتبع حكم الرّي ويبتعد عن أمامه  ويقاتله . وينسى قول الرسول " صل الله عليه واله " { لا طاعة لمخلوق في معصية الله } .
ولنضرب مثلاً لتلك المقاطعه المتمثله في صاحب الذكرى الامام موسى بن جعفر عليه السلام ابن الامام الصادق عليه السلام الذي تجسد فيه الموقف السياسي والصراع العنيف ، فقد وقف الامام بوجه الحكام العباسيين الذين عرفوا بانحرافهم عن الاسلام ، وامتهانهم للأمّه وأستئثارهم دون المسلمين بالمال والسلطه ، كما يجري الان في بلدنا من سياسينا .
لقد وضع الامام الكاظم عليه السلام تحت الرقابه وعيون الجواسيس أيام أبي جعفر المنصور الذي بالغ في ظلم العلويين ، وصادر أموالهم وبنى عليهم أسطوانات القصور والجسور وهم أحياء ، وعذبهم في السجون والطوامير .
وفي أيام محمد المهدي العباسي اشتدت المخاوف من شخصية الامام الكاظم عليه السلام فأستدعاه من المدينه المنوره الى بغداد لمحاكمته ، والتحقيق معه وزّجه في السجن الى أن رأى الخليفه العباسي الامام علي بن ابي طالب عليه السلام في المنام وهو يقول له : يا محمد : { فهل عسيتم إن تولّيتم أن تفسدوا في الأرض وتقطّعوا أرحامكم } . ففزع المهدي وأخرج الامام الكاظم عليه السلام من سجنه ، وفي أيام الهادي العباسي اشتدت المحنه على الامام وعلى آل علي عليه السلام وراح  يطاردهم ويقتلهم ويستأصل وجودهم بعد ثورة الحسين بن علي صاحب وقعة فخ ، وقد أصاب الكاظم عليه السلام شدة وضيق حتى أنّ الهادي  هدّد الامام بالقتل وشرع في تنفيذ ذلك ، وينقل المؤرّخون أنّ القاضي أبا يوسف صاحب الامام أبي حنيفه تدخّل في الامر فحال بين قتل الامام الكاظم عليه السلام ، حتى أنه قال : قتلني الله إن عفوت عن موسى بن جعفر . ثم قرّر اعتقال الامام وسجنه والحيلوله دونه ودون ممارسة دوره  العلمي والقيادي في أوساط الأمه وعالجت الهادي المنيّه ، وانتهت مرحلة الصراع القاسي المرير معه .
وجاء دور هارون الرشيد فكان صراعاً ضارياً ، ونزاعاً عنيفاً بينه وبين الامام موسى بن جعفر عليه السلام ، فأستدعاه من المدينه المنوره الى العراق وبالغ في أذى الامام وسجنه وتعذيبه وتقييده وإثقاله بالحديد ونقله من سجن الى سجن حتى مكث فيها عدّة سنين ، ثم استشهد مسموماً في بغداد على يد السندي بن شاهك مدير شرطة الرشيد ، وبأمر منه في الخامس والعشرين من شهر رجب سنة ثلاث وثمانين ومائة للهجره  .
والحمد لله رب العالمين


***********************


***********************

إرسال تعليق

التعليق على الموضوع :

أحدث أقدم