علاقة الانسان بالله

بسم الله الرحمن الرحيم                                                                                                                                        اللهم صل على محمد وال محمد                                                                                                                                                                                                       





                                                                علاقة الانسان بالله                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      
 هناك تساؤلات فطريه  طالما سعى الانسان للبحث عن اجاباتها ؟         
من أنا ؟ ومن أين  جئت ؟  وأين أنا الآن في خارطة الوجود ؟ وإلى أين أسير ؟ 
فقادته أجاباته تاره الى الفلسفه فآمن مره , وكفر مره . وتاره قادته الى وحي الله , حيث تقتضي الفطره , وتسلم العقول , وتطمئن القلوب , وقد أشار أمير المؤمنين علي ( عليه السلام ) : رحم الله امراً عرف من أين ,  وفي  أين , والى أين .
هناك توضيح للسيد الامام عبد الاعلى السبزواري  ( قدس سره ) في كتابه مواهب الرحمن في تفسير القرآن  عن ارتباط الانسان بخالقه بارتباطين :
الأول : الارتباط  التكويني :
وهو المعبر عنه  ( بالفطره ) أو ب ( تسبيح الممكنات ) أو ب ( شروق نور أزلي من الغيب المحجوب على ظلمات الممكنات ) .وهذا النور أوثق الارتباطات وأجلاها وأتمها بل أشدها , لأن الفاعل يرى  قدرته وظهوره في فعله , فالفعل من مظاهر بروز الفاعل وتجلياته وظهوره .
وهذا الارتباط يتجلى ب ( الحب ) الذي هو من المعاني الوجدانيه التي يدركها كل الناس , وأن قصرت العقول عن الوصول الى كنه حقيقته .
ويتجلى حب المخلوقات بعضها بعضاً في الجاذبيه لبعضهم البعض .
ويتجلى حبها لخالقها سبحانه في أنها بأسرها عاشقه لجماله , سأئره  الى  الكمال المطلق , ولا كمال إلا فيه عز وجل , فهو محبوب من كل جهه , وقد أثبت ذلك جمع من الفلاسفه منهم صدر المتألهين في كتابه القيم ( الأسفار الاربعه ) . 
أما حب الخالق لمخلوقاته فأنه أظهر من أن يستلزم برهانا , فلو لم يكن يحبها لما أخرجها من ظلمة   العدم الى نور الوجود ولما منحها مقومات البقاء .
ويفصل الامام المفسر ( قدس سره ) موضحاً أن محبته تعالى لخلقه  إن كانت من المحبه التكوينيه : فهي من صفات الذات الأقدس لرجوعها الى العلم والحكمه , وهما عين الذات ولا يعقل فيها الاشتداد والضعف .
أما أن كانت من المحبه الفعليه : فهي من صفات الفعل لرجوعها الى الرضا والتوفيق والتسديد , وكل ذلك من صفات الفعل ولا يعقل أن تكون في مرتبة الذات لقابيلتها للتغير والتبديل .
وقد أثبت القرآن الكريم " حبه عز وجل " لبعض الافراد قال تعالى : " فإن الله يحب المتقين " وقال تعالى : " إن الله يحب المتوكلين"  وقال جل شأنه : "  والله يحب المحسنين " .
الثاني : الارتباط الاختياري , الالتفاتي , الفعلي :
وعليه يدور أساس تكميل الانسان , ومن أجله أنزلت الكتب السماويه والقرآن المبين , وهو غاية دعوة الأنبياء وجميع المرسلين , وبه تقوم درجات الجنان ودركات النيران , وعليه يدور أساس تكميل الإنسان الى ما حد لأقصاه , ولايمكن أن يدرك مداه . والآيه الكريمه : " وهب لنا من لدنك رحمه " وقوله تعالى : " يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم  بين أيديهم وبأيمانهم بشراكم اليوم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك هو الفوز العظيم " . والآيات المباركه الأخرى ترشد الى هذا القسم من الارتباط , وهو ارتباط حالي لا مقالي يتذوقه أهل العرفان .
هنا يفصل الامام المفسر ( قدس سره ) العلاقه بين هذين الارتباطين لا تعدو الاتحاد , أو الاختلاف , فيؤكد أن هذين الارتباطين: التكويني والاختياري إن اتحدا ازدادت جوهرة النفس الانسانيه تلألؤاً , وجمالاً , وعرجت الى معارج لا حد لها : عظمه وجلالاً ,
وقد جاء في الحديث القدسي : " أعددت لعبادي الصالحين , ما لا عين رأت , ولا أذن سمعت  , ولا خطر على قلب  بشر " .
وإن اختلفا صار  الانسان من أخس المخلوقات وأسفلها بعد أن كان من أسعدها  وأفضلها لقطع ارتباطه بخالقه ومخالفة منعمه , وإنزال مقام  نفسه حتى في مرتبة التكوين قال تعالى : " لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم أذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون " . وقال تعالى : " مثلهم كمثل الذي استوقد ناراً فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون " . وقال تعالى " ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى ابصارهم غشاوه ولهم عذاب عظيم " .
وفي البحث العرفاني لتفسير قوله تعالى : " وإذا قال موسى لقومه يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكاً وآتاكم ما لم يؤت أحداً من العالمين * الى قوله تعالى قال فأنها محرمه عليهم أربعين  سنه يتيهون  في الأرض فلا تأس على  القوم الفاسقين " .
تناول الامام المفسر تفسير الحوادث الواقعه على الامم الانسانيه , فذكر أن المفاد من الآيات المباركه والسنه الشريفه :
العذاب النوعي أو الشخصي الواقع على الامم أو الافراد , لم يكن مجرد نقمه من الله تعالى , فإنه خير محض , وإليه ينتهي الخير ومنه يصدر كل خير , ولا يمكن نسبة الشر اليه  جلت عظمته .
فالأمم  التي حلت بها النكبات ووقع عليها العذاب , هي المسؤله عن ذلك , وهي باختيارها أنزلت البلايا , فإن العذاب والنكبات مسببات لابد  لها من أسباب - سواء كانت ظاهريه أو معنويه , طبيعيه أو شرعيه - وقد يؤثر العذاب تأثير معاكسا , فتصلح النفس ويتهذب المجتمع وينشطه للقيام بإصلاح أسسه وركائزه ,
وأكثر الامم التي حل بها العذاب بحسب ما يحكيه القرآن الكريم كانت من قبيل ذلك , ومن هنا لا واقع للاشكال الذي ذكره الفلاسفه من أن العذاب الإلهي ينافي محبته لخلقه وعلاقته تعالى بهم , لأن ذلك من الآثار الوضعيه أو للإصلاح أو الكفاره لبعض الأعمال السيئه , أو للقرب إليه جل شأنه ,
لذلك قال بعضهم : إن العذاب إن تعلق به رضاه  جلت عظمته , وإن كان دخول النار كان عذباً لأهله  لاعذاباً , ودعاء كميل أكبر دليل على ذلك , بل عن بعض أكابر الصوفيه , إنكار العذاب من أصله ولكن لا يمكن التزام ذلك بالأدله العقليه والنقليه لاسيما عذاب الكافرين والمنافقين.
ولحمد لله رب العالمين


***********************


***********************

إرسال تعليق

التعليق على الموضوع :

أحدث أقدم