النفس واسماؤها !! المحاضره الثالثه

 بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد




النفس واسماؤها


اعلم  تجرد النفس انما هو التجرد في الذات دون الفعل لافتقارها فعلآ الى الجسم والآله , فحدها انها جوهر ملكوتي يستخدم البدن في حاجاته , وهو حقيقة الانسان وذاته , والاعضاء والقوى آلاته التي يتوقف فعله عليها ,  وله اسماء مختلفه بحسب اختلاف الاعتبارات فيسمى ( روحآ ) لتوقف حياة البدن عليه . و (عقلآ ) لادراكه المعقولات , و ( قلبآ ) لتقلبه في الخواطر .
وله قوى اربع : قوه عقليه ملكيه , وقوه غضبيه سبعيه , وقوه شهويه بهيميه , وقوه وهميه شيطانيه .
القوه العقليه الملكيه : شأنها ادراك حقائق الامور , والتمييز بين الخيرات والشرور والامر بالافعال الجميله والنهي عن الصفات الذميمه. القوه الغضبيه السبعيه : موجبه لصدور افعال السباع من الغضب والبغضاء , والتوثب على الناس بانواع الاذى .
القوه الشهويه البهيميه : لا يصدر عنها الا افعال البهائم من عبودية الفرج والبطن, والحرص على الجماع والاكل .
القوه الوهميه الشيطانيه : شانها استنباط وجوه المكر والحيل , والتوصل الى الاغراض بالتلبيس والخدع .
والفائده في وجود القوه الشهويه بقاء البدن الذي هو آلة تحصيل كمال  النفس ,
وفي وجود الغضبيه ان يكسر سورة الشهويه والشيطانيه ويقهرهما عند انغمارهما في الخداع والشهوات واصرارهما عليهما , لانهما لتمردهما لا تطيعان العاقله بسهوله بخلاف الغضبيه فانهما تطيعانهاوتتأدبان بتايبها بسهوله .
اعلم يا اخي ان الله تباركوتعالى قد خلق بيد قدرته وحكمته في عالم الغيب  وباطن   النفس قوى لها منافع لا تحصى , وان ما نبحثه هنا تلك القوى الثلاث وهي : ( الوهميه والغضبيه والشهوانيه ) , ولكل واحده من هذه القوى منافع كثيره من اجل حفظ النوع واعمار الدنيا والاخره .
اعلم يا اخي ان الوهم والغضب والشهوه يمكن ان تكون من الجنود الرحمانيه , وتؤدي الى سعاده الانسان  وتوفيقه اذا سلمتها للعقل السليم . ومن الممكن ان تكون من الجنود الشيطانيه اذا تركتها وشانها , واطلقت العنان للوهم ليتحكم في القوتين الاخريين الغضب والشهوه .
وايضآ لم يعد خافيآ ان ايا من الانبياء - عليهم السلام - لم يكبتوا الشهوه والغضب والوهم بصوره مطلقه . ولم يقل حتى الان اي داع الى الله بان الشهوه يمكن ان تقتل بصوره عامه , وان يخمد اوار الغضب بصوره كمله , وان يترك تدبير الوهم .
بل قالوا : يجب السيطره عليها حتى تؤدي واجبها في ظل ميزان العقل والدستور لالهي لان كل واحده  من هذه القوى تريد ان تنجز عملها وتنال  غايتها ولو اسلتزم ذلك الفساد والفوضى , فمثلآ  النفس البهيميه المنغمسه في الشهوات الجامحه تريد ان تحقق هدفها ومقصودها ولو كان ذلك يتم بواسطة الزنا بالمحصنات , والنفس الغضوب تريد ان تنجز عملها حتى ولو استلزم ذلك قتل الانبياء والاولياء , والنفس ذات الوهم الشيطاني تريد ان تؤدي عملها حتى ولو استلزم ذلك الفساد في الارض وقلب العالم بعضه على بعض .
ل جاء الانبياء - عليهم السلام - واتوا بالقوانيين , وأنزلت عليهم الكتب السماويه من اجل الحيلوله دون الانفلات والافراط في الطبائع , ومن اجل اخضاع النفس الانسانيه لقانون العقل والشرع وترويضها وتاديبها حتى لا يخرج تعاملها عن حدود العقل والشرع .
آذآ فكل نفس كيفت ملكاتها وفق القوانيين الالهيه والمعايير العقليه , تكون سعيده ومن اهل النجاة ,  والا فليستعذ الانسان بالله من ذلك الشقاء وسوء التوفيق وتلك الظلمات والشدائد المقبله التي منها الصور المرعبه والمذهله المصاحبه للانسان في البرزخ والقبر والقيامه وجهنم , والتي نتجت عن الملكات والاخلاق الفاسده التي لازمته في الدنيا . 

هذا وقد قيل : 

ما ورد في القرآن من النفس المطمئنه واللوامه والاماره بالسوء , اشاره الى تلك القوى اعني العاقله والسبعيه والبهيميه . 
والحق انها اوصاف ثلاث للنفس بحسب اختلاف احوالها , فاذا غلبت قوتها العاقله على الثلاث الاخره وصارت منقاده لها ومقهوره منها , زال اضطرابها الحاصل من مدافعتها وسميت { مطمئنه } لسكونها حينئذ تحت الاوامر والنواهي  , واذا لم تتم غلبتها وكان بينها تنازع وتدافع وكلما صارت مغلوبه عنها بارتكاب المعاصي حصلت للنفس لوم وندامه سميت { لوامه } , واذا صارت مغلوبه منها  مذعنه له من دون دفاع سميت { اماره بالسوء } لانه لما اضمحلت قوتها العاقلهواذعنت للقوى الشيطانيه من دون مدافعه فكانها هي الآمره بالسوء . 
اجتماع هذه القوى في لانسان كمثل اجتماع ملك او حكيم وكلب وخنزير وشيطان في مربط واحد . وكان بينهما منازعه , وايهما كان غالبآ كان الحكم له , وان ما يظهر عليه من افعال وصفات الا ما تقتضيه الصفه الحاكمه عليه اي الغالبه , 
ان الانسان الوعاء الذي اجتمعة فيه تلك القوى فالملك او الحكيم هو القوه العاقله , والكلب هو القوه الغضبيه , فان الكلب ليس كلبآ ومذمومآ للونه وصورته بل لروح الكلبيه والسبعيه اعني الضراوه والتكلب على الناس بالعقر والجرع , والقوه الغضبيه موجبه لذلك فمن غلب فيه هذه القوه هو الكلب حقيقه . وان اطلق عليه اسم انسان مجازآ . والخنزير هو القوه الشهويه , والشيطان هو القوه الوهميه 
النفس لا تزال محل تنازع هذه القوى وتدافعها الى يغلب احدهما , فالغضبيه تدعوه للظلم والايذاء والعداوه والبغضاء , والبهيميه تدعوه الى المنكر والفواحش والحرص
على الماكل والمناكح , والشيطانيه تهيج غضب السبعيه وشهوة البهيميه وتزيد فعلهما وتغري احدهما بالاخرى , والعقل شانه يدفع غيظ السبعيه بتسليط الشهويه عليها ويكسر سورة الشهويه بتسليط السبعيه عليها ويرد كيد الشيطان ومكره بالكشف عن تلبيسه ببصيرته النافذه ونورانيته الباهره , فان غلب العقل على الكل وجعلها مقهوره تحت سياسته غير قادره على فعل شيء الا باشارته وامره جرى الكل على المنهج الوسط , وظهر العدل في مملكة البدن , وان لم يغلب وعجز عن قهرهما واستخدموه لماربهما فلا يزال الكلب في العقر والايذاء والخنزير في المنكر والفحشاء والشيطان في استنباط الحيل , وتدقيق الفكر في وجوه المكر والخداع . 
واخيرآ : لما كانت القوه العاقله من سنخ الملائكه , والواهمه من حزب الابالسه والغضبيه من افق السباع والشهويه من عالم البهائم , فبحسب غلبة واحده منها تكون النفس , اما ملكآ او شيطانآ او كلبآ او خنزيرآ . 
والحمد لله رب العالمين 

***********************


***********************

Post a Comment

التعليق على الموضوع :

أحدث أقدم