سوء الخلق

بسم الله الرحمن الرحيم
 اللهم صل على محمد وال محمد

سوء الخلق

من سلسلة شذرات ورياحين نتواصل معكم عسى ان تستفيدوا من بعض شذراتها ورياحينها .



سوء الخلق :
ــــــــــــــــ
اجتنب يا أخي العزيز سوء الخلق فإنه يبعدك عن الخالق والمخلوق . وسيء الاخلاق يعيش معذباً دوماً فإنه أسير عدوه الذي لا يتركه أينما حل . روى الشيخ الكليني في الكافي عن الامام الصادق " عليه السلام " قال : قال النبي " صل الله عليه واله : ( أبى الله عز وجل لصاحب الخلق السيء بالتوبه . قيل : وكيف ذاك يا رسول الله ؟ قال : لأنه إذا تاب من ذنب وقع في ذنب أعظم منه ) .
وروى أيضاً عن الامام الصادق " عليه السلام " قال ( من ساء خلقه عذب نفسه ) . 
وعنه ايضاً قال : ( إنّ سوء الخلق ليفسد الايمان كما يفسد الخل العسل ) .
أمّا الأخلاق الحسنه فإنما أفضل صفات الأولياء . قال تعالى : ( وإنّك على خلق عظيم  ) .
وقال رسول الله " صل الله عليه واله :  ( إنّ أحبكم إلي وأقربكم مني يوم القيامه مجلساً أحسنكم خلقاً ) و ( أشبهكم بي أحسنكم خلقاً ) . 
وقال أمير المؤمنين " عليه السلام "  : ( حسن الخلق في ثلاث اجتناب المحارم , وطلب الحلال , والتوسع على العيال ) . 
روى الكليني في الكافي عن علي بن الحسين " عليه السلام " قال : قال رسول الله " صل الله عليه واله " : ( ما يوضع في ميزان أمرىء يوم القيامه أفضل من حسن الخلق ) . 

العداوه والشتم : 
ـــــــــــــــــــــــ
هو مواجهة الأخرين بكلمات قبيحه تؤذي من يسمعها .
تنأه أيها الاخ العزيز عن الحقد والعداوه فإنّ ثمرتها الندامه والآلام الدنيويه . وأثارهما الضرب واللعن والطعن . ولا شك في خباثة هذه الصفات وخاصه الفحش والشتم . 
قال رسول الله " صل الله عليه واله " : ( سباب المؤمن فسوق . وقتاله كفر . وأكل لحمه معصيه . وحرمة ماله كحرمة دمه ) .
وروى عنه " صل الله  عليه واله " قوله : ( إنّ الله حرّم الجنّه على كل فحاش بذيء قليل الحياء . لا يبالي ما قال ولا ما قيل له . فإنك إن فتشته لم تجده إلا لغيه أو شرك شيطان ) .
وروى عنه " صل الله عليه واله " ايضاً قوله : ( إنّ الله لا يحب كل فاحش متفحش ) و ( الجنّه حرام على كل فاحش أن يدخلها ) .
روي عن محمد بن علي الباقر " عليه السلام " قوله " ( قولوا للناس أحسن ما تحبّون أن يقال لكم . فإنّ الله يبغض اللعان السباب الطعان على المؤمنين . الفاحش المتفحش . السائل الملحف ) .
واعلم أنّ من الفحش والسب ما يكون عن مجرد الغضب . ويكون أيضاً عن مجالسة الأوباش والفساق وأهل الهذيان والفحاشين . فتصبح تلك عاده جليسهم ويصبح فحاشاً دون عداوه وغضب .
ولعلك تشاهد الأراذل والأوباش يطلقون الفحش على بعضهم البعض . وخاصه على أمهاتهم ومحارمهم  من باب المزاح . 
لا شك أنّ مثل هؤلاء الأشخاص بعيدون عن الآدميه كل البعد .
روي انه كان لأبي عبد الله الصادق " عليه السلام " صديق لا يكاد يفارقه . فقال صديقه يوماً لغلامه : يا ابن الفاعله اين كنت ؟؟
فلما سمع الامام الصادق " عليه السلام " من صديقه هذا القذف تألم كثيراً ورفع يده فصك بها جبهته ثم قال : ( سبحان الله تقذف أمه وقد كنت أرى أن لك ورعاً . فإذا ليس لك ورع ) قال صديق الامام جعلت فداك أنّ أمه سنديه - يعني من بلاد الهند - فقال الامام الصادق " عليه السلام " : ( إلا تعلم أنّ لكل أمه نكاحاً . تنح عني ) . قال الراوي : فما رأيت الامام الصادق " عليه السلام " يمشي مع صديقه حتى فرق بينهما الموت . 
وروي أنه سمع أمير المؤمنين " عليه السلام " رجلاً يشتم قمبر خادم الامام  وقد رام قمبر أن يرد عليه فناداه أمير المؤمنين " عليه السلام " وقال له : ( مهلاً يا قمبر دع شاتمك مهاناً ترضي الرحمن وتسخط الشيطان وتعاقب عدوك . فو الذي فلق الحبه وبرأ النسمه ما أرضى المؤمن ربّه بمثل الحلم ولا اسخط الشيطان بمثل الصمت . ولا عوقب الأحمق بمثل السكوت عنه ) .

العجب :

ــــــــــــ
أيها العزيز : جنب نفسك عبادة النفس والعجب بها . فإنّه ذنب بذرته الكفر , وأرضه النفاق , وماؤه الفساد , واغصانه الجهل , وأوراقه الضلال , وثمرته اللعنه والخلد في الجحيم . 
روى الكليني في الكافي عن أبي عبد الله " عليه السلام " قال : ( أتى عالم فقال له : كيف صلاتك ؟ فقال : مثلي يسأل عن صلاته ؟ وأنا أعبد الله منذ كذا وكذا , قال : فكيف بكاؤك ؟ قال : أبكي حتى تجري دموعي , فقال له العالم : فإنّ ضحكك وأنت خائف أفضل من بكائك وأنت مدل , إنّ المدل لا يصعد من عمله شيء ) .
وروي أنّ الله تعالى قال لداود " عليه السلام " : ( يا داود بشر المذنبين وأنذر الصديقين قال  : كيف أبشر المذنبين وأنذر الصديقين ؟ قال يا داود بشر المذنبين أني أقبل التوبه وأعفو عن الذنب , وأنذر الصديقين ألا يعجبوا بأعمالهم فإنّه ليس عبد أنصبه للحساب إلا هلك ) . 
إذا أردت أن تعجب بنفسك فتأمل في حالاتك كيف كانت بداياتك نطفه نجسه . وآخرك جيفه قذره . ولست بين تلك وهذه سوى حمال للنجاسات المتعفنه . وجوال بالأوساخ المتعدده . روى الطبرسي في مشكاة الانوار عن أمير المؤمنين " عليه السلام " قال : ( لا حسب كالتواضع , ولا وحده أوحش من العجب , وعجبت للمتكبر الذي كان بالأمس نطفه وغداً جيفه ) .
وتأمل في عظمة ذي الجلال . والى ذل نفسك وافتقارها وعجزها عن البق والذباب . وضعفها عن دفع الحوادث والآفات . واتخذ من هزيمة النفس شعاراً لك . فإنّه أفضل الأوصاف وفوائده في الدنيا والعقبى لا حد لها . روي عن الامام علي " عليه السلام " إنّه قال :
 ( مسكين ابن آدم تقتله الشرقه , وتؤلمه البقه , وتنتنه العرقه ) . 
قال تعالى : ( أفمن زين له سوء عمله فرآه حسناً فإنّ الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء ) .
وروي عن رسول الله " صل الله عليه واله " قوله : ( فإنّه ليس عبد يعجب بالحسنات الا هلك ) .
وروي عن أمير المؤمنين علي " عليه السلام " قوله : ( إيّاك والإعجاب بنفسك والثقه بما يعجبك منها وحب الإطراء . فإنّ ذلك من أوثق فرص الشيطان في نفسه ليمحق ما يكون من إحسان المحسن ) و ( والعجب يوجب العثار ) و ( ثمرة العجب البغضاء ) و ( ورضاك عن نفسك من فساد عقلك ) و ( والمعجب لا عقل له ) و ( والعجب عنوان الحماقه ) . 
تصنيف غرر الحكم وبحار الانوار روي انّ النبي عيسى " عليه السلام " كان يسيح في البلاد فخرج في بعض سيحه ومعه رجل من أصحابه قصير وكان كثير اللزوم لعيسى فلما انتهى عيسى الى البحر قال : بسم الله بصحه ويقين فمشى على ظهر الماء فقال الرجل القصير حين نظر الى عيسى وقد جازه : بسم الله بصحه ويقين منه فمشى على الماء ولحق بعيسى فدخله العجب بنفسه فقال : هذا عيسى روح الله يمشي على الماء وأنا امشي على الماء فما فضله علي قال : فغرس في الماء فاستغاث بعيسى فتناوله من الماء فاخرجه . ثم قال له ما قلت يا قصير ؟
قال : قلت هذا روح الله يمشي على الماء . وانا امشي على الماء فدخلني من ذلك عجب . 
فقال له عيسى : لقد وضعت نفسك في غير الموضع الذي وضعك الله فيه فمقتك الله على ما قلت .

***********************


***********************

إرسال تعليق

التعليق على الموضوع :

أحدث أقدم