ارشادات سلوكيه / 2

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صل على محمد وال محمد 

من ارشادات  

“الاستاذ العارف السيد هاشم الحداد” قدس سره 

مقدمه : 
العرفان ظاهره عريقه في الحياة الأسلاميه مرّت بأطوار من الازدهار والخمود وتركت ولا زالت بصمات بارزه في تاريخ الإسلام وآدابه . وقد تعددت الآراء وتباينت الأقوال بشأن ماهية العرفان بين قادح ومادح . فالقادح يرى أن العرفان ظاهره دخيله على الإسلام أو أنها بدعه وفدت علينا من أديان أو مسالك تطغى عليها هذه النزعه . وهذا الكلام له أدلته وبراهينه قطعاً . 
ومن جملتها أن هذا التيار أوّل ما نشأ وازدهر في القسم الشمال الشرقي من بلاد فارس الذي يتميز أهله بنزعه روحيه عميقه ، وكان منذ القدم أرضاً خصبه لمثل هذه التوجهات ، ولا أدل على ذلك من أبرز أعلام العرفان وأشهر أقطابه وأوائل دعاته كانوا من أهل تلك البقاع . 

كما ويرى هذا الرأي القادح أن هذا التيار الوافد علينا من بيئات أخرى أخذ يتكيّف على مرّ الزمن مع ظروف البيئه الجديده واكتسى ثوباً يتناغم مع ذوقها . 

ولابدّ من الإشاره الى وجود خلط بين مفهوم العرفان الذي لا تترتب عليه أية مؤثرات سلبيه على الحياة الاجتماعيه للفرد ، وإنما يسير في مواكبتها ويضفي عليها طابع الإخلاص والتقوى والاستقامه ، ومفهوم آخر هو مفهوم التصوف الذي يخرج المرء من دائرة الحياة الاجتماعيه العاديه ويلقيه في عالم آخر يتمرد على الحياة ويعتزلها ويبتعد عنها ، ويدفعه ترجيح العيش في الصوامع والكهوف والجبال بعيداً عن المجتمع وهمومه ، أي أن العرفان يعمّق في نفس الفرد روح الجماعه ، بينما يغرس التصوف فيها روح الانعزال والهم الذاتي وهو لا يزدهر ألإ في عصور الانحطاط والتقهقر . 
أمّا الرأي الآخر المادح فيذهب إلى القول بأنّ ظاهرة العرفان ظاهره إسلاميه أصيله في جذورها ومنطلقاتها ، ألقى بذورها الرسول " صل الله عليه وآله " بين أتباعه وتمسك بها الكثير من الصحابه حتى أصبحت هي الطابع الغالب على حياتهم وبها عرفوا وأشتهروا،
وأفضل دليل على ذلك هو كثرة الأحاديث التي تحث على الزهد في الحياة والاستزاد من الغذاء الروحي ، وتحض المؤمن على الزهد والتقوى وتبشر الزهاد والمتقين بجميل المثوبه في دار الآخره لقاء التخلي عن شيء من متاع الدنيا . 
والحقيقه هي أن الظاهره لها جذور موغله في قدمها مع قدم الإسلام ، وتبرز معالمها واضحه للعيان في الخطب والرويات الشريفه وفي الأحاديث القدسيه ، ولا شكّ في أنّ التمسّك بما ورد فيها من إرشادات ومضامين كفيل بأن يجعل المرء على درجه عاليه من التقوى ، ويصوغ شخصيته صياغه روحيه ، ويجعله قادراً على تطويع عالم الماده لعالم الروح . 

واليكم المطالب السلوكيه في العرفان العملي أو السير والسلوك الروحي :

المطلب الرابع : 
توقع الإلهام الربّاني : 
بعد العبور عن مرحلة الذكر اللفظي إلى الذكر القلبي يجب على السالك أن يترصّد لاوارداته القلبيه وينتظر الإلهامات في مظآنها على سبيل الانجذاب وتلقي العنايات الغيبيه من غير جهد وعناء . 
المطلب الخامس :
 أثار الحسنات والسيئات : 
على السالك أن يتنبّه إلى هذه النكته وهي - كما في القرآن - أنّ الحسنات أياً كانت آثاراها وأنوارها تنمو من حسنه إلى عشر { من جآء بالحسنه فله عشر أمثالها } ، 
ومن لطفه سبحانه أنّ السيئه ليست كذلك { ومن جآء بالسيئه فلا يجزى إلا مثلها } ، والغور في هذا اللطف الإلهي ينمي أثرّ طيباً في الروح . 
المطلب السادس : 
مراعات حقوق النّاس : 
كثيراً ما يرى السالك حقّ النّاس في شؤونه وأموره وما يتعامله مع النّاس يومياً في حياته الفرديه والاجتماعيه وذلك مع زوجته وأولاده وأبيه وأمه وجيرانه وأصدقائه وأقربائه وغيرهم من قريب وبعيد ، وعليه فممّا يجب  على السالك أن يعطي كلّ ذي حقّ حقّه ولا يجحف في الحقوق وينتج بنهج العدل مع غيره ، لأنّ الكسل والفتور في هذا الطريق قد يكون سببه هذا الاجحاف من حيث لا يدري ، فلابد من الابتعاد كلياً عن الإيذاء والتفريط بحقّ الآخرين ولو قليلاً ، 
ويلزمه أن يوفّق بين الظاهر والباطن ولا يحيد عن الشرع المقدّس قيد أنمله وإلأ فسيسقط من عين الله وهو لا يعلم ألأ بعد فوات الأوان .
 المطلب السابع : 
أحوال السالك : 
ينقسم السالك من حيث القوّه والضعف إلى ثلاثة أقسام : 
القسم الاول :
 من سلك الطريق الباطني وانفتح عليه الباب إلأ أنّه لأسباب طارئه توقّف معرضاً عنه ولم يستمر فمثل هذا حاله أسوأ عند الله من غير السالك الذي لم يطرق هذا البب ولم يدخل . 
القسم الثاني :
 السالك المبتلى بالكرامات والمكاشفات فقد يشتغل بهما ويغفل عن المقصد الأعلى هو معرفة الله . 
القسم الثالث : 
السالك المستمر في سيره من مرحلة أدنى إلى مرحله أعلى وذلك تحت تربية أستاذ كلمل . 
المطلب الثامن : 
القبض والبسط : 
كل سالك في مدة سلوكه يتعرض لحالة القبض والبسط دائماً فهو بين الخوف والرّجاء ، فلو استمر في القبض أصابه اليأس ، ولو تمادى في  بسطه أصابه الغرور . 
والحمد لله رب العالمين




***********************


***********************

Post a Comment

التعليق على الموضوع :

أحدث أقدم