الخوف والخشيه

بسم الله الرحمن الرحيم
 اللهم صل على محمد وال محمد




الخوف والخشيه
ــــــــــــــــــــــــــ


اعلم يا اخي :
علم الأخلاق يعتبر من أمهات المسائل الأجتماعيه . بل الأخلاق أساس المجتمع . لأنّ المجتمعات والشعوب بأخلاقها وقيمها لا بحضاراتها وقدمها . ولولاها لنعدمت الحياة المدنيه . وأصبحت غابه يسودها القوي والضعيف فيها منسحق.
والثابت أنّ الأخلاق هي المعيار والضابط الذي يقاس به . لأنّ المتتبّع لسيرة أهل البيت " عليهم السلام " ورواياتهم يجد أنّ حسن الخلق هو سبب لرقي الانسان الى ذروة الكمالات .
بعد هذا إنّ رسول الله " صل الله عليه واله " لما بعث للإنسانيه بعد انغماسها بالحيره والضلال والفساد قال : { بغثت لأتمم مكارم الأخلاق } لأنّه " صل الله عليه واله " يدرك حقيقة الأخلاق ومدى تأثيرها في المجتمع المتفسسخ خلقياً الجاهلي آنذاك
ولأهمية الأخلاق ودورها الفاعل في النفوس نرى أنّ الله سبحانه أثنى على نبيه الأكرم " صل الله عليه واله " بحسن الخلق حيث قال : { وإنّك لعلى خلق عظيم } بينما رسول الله " صل الله عليه واله " هو الانسان المعصوم الكامل في كل شيء ورغم هذا الكمال المطلق فالله سبحانه وتعالى . اختار لمناغمة حبيبه محمد " صل الله عليه واله " . ومدح نجيبه بعباره وجيزه عالية المضمون سامية المعنى : { وإنّك لعلى خلق عظيم } .
إذن كم هو عظيم حسن الخلق لكي يختاره الله على جميع الصفات والكمالات النبويه ؟
إضافه الى ذلك قد أثبتت التجربه على مرّ العصور والأزمان أنّ صاحب الخلق الرفيع يخلّد بأخلاقه وتترنم به الاجيال مدى الأيام والأعوام . وكذلك أنّ سيئي الأخلاق أصبحوا لعنة على شفاه التاريخ لعورة أخلاقهم وغلظة قلوبهم .

الخوف والخشيه :

ـــــــــــــــــــــــــــ

الخوف : عباره عن تألم الباطن بسبب توقع مكروه يمكن حصول أسبابه . أو توقع فوات مرغوب يتعذر تلافيه . فإن كانت الأسباب معلومه الوقوع أو مظنونة بالظن الغائب تسمى أيضاً انتظار المكروه والتألم يكون كثيراً . وأيضاً الفرق بين الحزن والخوف : الاول على ما فات والثاني مما لم يأت .

أيها العزيز :
اخش الله عزّ وجلّ وتنبّه على عظمته وجلاله . وتفكر دائماً في أحوال يوم الحساب . وتذكر أنواع العذاب .
تصور الموت وصعوبة عالم البرزخ ومؤاخذة يوم القيامه . واتل وتدبّر الآيات والأخبار التي وردت في باب الجنّه والنار وأحوال الخائفين من الأخيار قال تعالى : { وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى } .
وأعلم أنّه كلما ازدادت معرفة العبد بعظمة الخالق وجلاله صار أبصر بعيوبه . وازداد خوفه من ربّه . فإنّ الله عزّ وجلّ نسب الخوف منه وخشيته للعلماء فقال : { إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ } .
أنّ الخوف والخشيه وإن كانا في اللغه بمعنى واحد . إلأ أنّ في عرف هذه الطائفه بينهما فرق . فأنّ الخشيه مختصه بالعلماء : { إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ } والجنّه مختصه بهم : { ذَٰلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ } . والخوف منفي عنهم : { أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ } .
قال تعالى : { وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَىٰ (*) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَىٰ } .
وقال تعالى : {  مَّنْ خَشِيَ الرَّحْمَٰنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ (*) ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ۖ ذَٰلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ } . 
وقال تعالى : { وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ } . 
وأمّا الرويات الشريفه التي ذكرت الخوف والخشيه منها : 
روى السبزواري في جامع الاخبار : { إنّ " صل الله عليه واله " كان يصلي وقلبه كالمرجل يغلي من خشية الله تعالى } .
وروى الصدوق في ثواب الاعمال : عن الامام الصادق " عليه السلام " : { خف الله كأنك تراه فإنّ كنت لا تراه فإنّه يراك . وإن كنت ترى أنّه لا يراك فقد كفرت . وإنّ كنت تعلم أنّه يراك ثم استترت من المخلوقين بالمعاصي وبرزت له به . فقد جعلته في حدّ أهون الناظرين إليك } . 
وروى ابن فتال في روضة الواعظين عن رسول الله " صل الله عليه واله " قال : قال الله تعالى : { وعزتي وجلالي لا أجمع على عبدي خوفين . ولا أجمع له أمنين . فإذا أمنني في الدنيا اخفته يوم القيامه . وإذا خافني في الدنيا أمنته يوم القيامه} .
وروى الطبرسي في مجمع البيان : { مرّ الامام الحسن " عليه السلام " بشاب يضحك فقال : هل مررت على الصراط ؟ 
قال : لا . قال : فما هذا الضحك ؟ قال : فما روي يضحك بعد ضاحكاً } . 
وروى السيد الجليل عبد الله شبّر في الأخلاق : { إنّ النبي " صل الله عليه واله " كان إذا هبّت عاصفه يتغير وجهه ويقوم يتردد في الحجره ويخرج خوفاً من عذاب الله } وروى : { كان " عليه البسلام " إذا دخل في الصلاه يسمع لصدره أزيز المرجل } . 
قال رسول الله " صل الله عليه واله " : { من كان بالله أعرف من الله أخوف } . 
وقال رسول الله " صل الله عليه واله : : { أنا أخوفكم من الله } . 
وإذا كنت لم تر فقد سمعت حتماً حكايات خوف الأنبياء والمقرّبين . وغيبوبة أمير المؤمنين " عليه السلام " . وتضرع سيد الساجدين ومناجاته . 
روي إنّ داود " عليه السلام " كان يقول في مناجاته : إلهي إذا ذكرت خطيئتي ضاقت عليّ الأرض برحبها . وإذا ذكرت رحمتك ارتدّت اليّ روحي . سبحانك ألهي أتيت أطباء عبادك ليداووا خطيئتي . فكلهم عليك يدلني . فبؤساً للقانطين من رحمتك . 
وأيضاً كان " عليه السلام " يعاتب في كثرة البكاء فيقول : دعوني أبكي قبل خروج يوم البكاء قبل تحريق العظام واشتعال الحشا . وقبل أن يؤمر بي ملائكه غلاظ شداد لا يعصون الله  ما أمرهم  ويفعلون ما يؤمرون . 
ويحكى أنّ ابراهيم " عليه السلام " كان إذا ذكر ما صدر منه يغشى عليه ويسمع اضطراب قلبه ميلاً في ميل . فيأتيه جبريل فيقول له : الجبار يقرئك السلام ويقول : هل رأيت خليلاً يخاف خليله ؟ فيقول يا جبريل إني إذا ذكرت خطيئتي نسيت خلّتي .
والحمد لله رب العالمين 



***********************


***********************

إرسال تعليق

التعليق على الموضوع :

أحدث أقدم