آفة الرياء وعلاجها / المحاضره التاسعه

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد

الرياء

في بيان ان العلم يغاير الايمان

قال الله عز وجل :
{ فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملآ صالحآ ولا يشرك بعبادة ربه أحدآ }
اعلم اخي الكريم :
ان الايمان غير العلم بالله ووحدانيته وسائر الصفات الكماليه والجلاليه , والعلم بالملائكه والرسل والكتب ويوم القيامه .
وما اكثر من يكون له هذا العلم ولكنه ليس بمؤمن , فالشيطان عالم بجميع هذه المراتب بقدر علمنا وعلمكم ولكنه كافر .
ان الايمان عمل قلبي واذا لم يكن كذلك فليس بايمان . اي شخص علم بشيء عن طريق الدليل العقلي او ضروريات الاديان ان يسلم لذلك قلبه ايضآ . وان يؤدي العمل القلبي الذي هو نحو من التسليم والخضوع ونوع من التقبل والاستسلام - عليه ان يؤدي ذلك - كي يصبح مؤمنآ .
واعلم ان كمال الايمان هو الاطمئنان . فاذا قوي نور الايمان تبعه الاطمئنان في القلب  وهذا غير العلم  قد يدرك العقل بالدليل شيئآ لكن القلب لم يسلم له فيكون العلم بلا فائده .
مثلآ ان تدرك بعقلك ان الميت لا يستطيع ان يضر احدآ . وان جميع الاموات في العالم ليس لهم حس ولا حركه  بقدر ذبابه وان جميع القوى الجسمانيه والنفسانيه قد فارقته , لكن حيث ان القلب لم يتقبل هذا الامر ولم يسلم امره للعقل , فانكم لا تقدرون على مبيت ليله مظلمه واحده مع ميت .
واما اذا سلم القلب امره للعقل , هذا الامر منه فلن يكون  المبيت مع الميت اي اشكال بالنسبه اليكم وخاصه اذا تكرر هذا الامر يصبح القلب مسلمآ فلن يبقى عنده بعدها باس او خوف من الميت .
اذآ اصبح معلومآ ان التسليم من حظ القلب غير العلم الذي هو من حظ العقل .
ومن الممكن ان يبرهن الانسان بالدليل العقلي على وجود الخالق تعالى والتوحيد والمعاد وباقي العقائد الحقه , ولكن هذه العقائد لا تسمى ايمانآ ولا تجعل الانسان مؤمنآ وانما هو من جملة الكفار او المنافقين او المشركين , فاليوم العيون مغشاة والبصيره الملكوتيه غير موجوده والعين الملكيه لا تدرك , ولكن عند كشف السرائر وظهور السلطه الالهيه الحقه, وخراب الطبيعه وانجلاء الحقيقه سيعرف ويلتفت بان الكثيرين لم يكونوا مؤمنين بالله حقآ , وان حكم العقل لم يكن مرتبطآ بلايمان فما لم تكتب عبارة { لا اله الا الله } بقلم العقل على لوح القلب الصافي لن يكون الانسان مؤمنآ بوحدانية الله .
وعندما ترد هذه العباره النورانيه الالهيه على القلب تصبح سلطة القلب لذات الحق تعالى , فلا يعرف الانسان بعدها شخصآ آخر مؤثرآ في مملكة الحق , ولا يتوقع شخص آخر جاهآ ولا جلالآ ولا يبحث عن المنزله والشهره عند الاخرين .
ولا يصبح القلب مرائيآ ولا مخادعآ حينذ واذا رايتم رياء في قلوبكم فاعلموا ان قلوبكم لم تسلم للعقل وان الايمان لم يقذف نوره فيها , وانكم تعدون شخصآ آخر الهآ ومؤثرآ في هذا العالم لا الحق تعالى , وانكم في زمرة المنافقين او المشركين او الكفار .


تأمل ايها الشخص المرائي : 

يا من اودعت العقائد الحقه والمعارف الالهيه بيد عدو الله وهو الشيطان واعطيت ما هو مخصوص بالحق تعالى للآخرين , وبدلت تلك الانوار التي تضيء الروح والقلب وهي رأسمال النجاة والسعاده الابديه ومنبع اللقاء الالهي وبذرة القرب من المحبوب . ابدلتها بظلمات موحشه وشقاء ابدي وجعلتها راسمال البعد والابتعاد عن ساحة المحبوب المقدسه والابتعاد عن لقاء الله تعالى . 
تهيأ ايها المرائيللظلمات التي لا نور بعدها وللشدائد التي لا فرج لها وللامراض التي لا يرجى شفاؤها وللموت الذي لا حياة معه وللنار التي تخرج من باطن القلب فتحرق ملكوت النفس وملك البدن حرقآ لم يخطر على قلبي وقلبك , والتي يخبرنا عنها الله تعالى : { نار الله الموقده * التي تطلع على الافئده } حيث تحدثت عن نار الله هذه النار التي تتسلط على القلوب فتحرقها وليست هناك نار تحرق القلوب سوى  النار الالهيه فاذا فقدت فطرة التوحيد - وهي فطرة الله - وحل محلها الشرك والكفر , حينئذ لن تكون شفاعة الشافعين من نصيب الانسان بل يخلد في العذاب وما ادراك ما العذاب ؟  انه العذاب الذي ينبعث عن الغضب الالهي . 
اذآ ايها العزيز : من اجل خيال باطل ومحبوبيه بسيطه في اعين العباد الضعاف ومن اجل جذب قلوب الناس المساكين , 
لا تعرض نفسك للغضب الالهي , ولا تبع ذلك الحب الالهي وتلك الكرامات غير المحدوده وتلك الالطاف والعنايات الربانيه , 
لا تبعها بمحبه بسيطه عند مخلوق ليس له أثر ولا تكسب منه ايه ثمره سوى الندامه والحسره عندما تقصر يداك عن هذا العالم - وهو عالم الكسب - وعندما ينقطع عملك وليس للندم حينئذ نتيجه ولا للانابه من فائده . 
والحمد لله رب العالمين 

***********************


***********************

Post a Comment

التعليق على الموضوع :

أحدث أقدم