بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد
هدى للمتقين
بسم الله الرحمن الرحيم
الّم * ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين
بعضهم فسر تلك الحروف المقطعه :
( ا ) : إشاره بهذه الحروف الثلاثه الى كل الوجود من حيث هو كل ، لأن ( الألف ) إشاره الى ذات الذي هو أول الوجود ، إذ الألف هو العدد التام المشتمل على باقي مراتب الأعداد ، فهو أم المراتب الذي لا عدد فوقه ، فعبر بها عن أمهات العوالم التي هي عالم الجبروت ، وعابلم الملكوت ، والعرش ، والكرسي ، والسموات السبع ، والعناصر الأربعه .
( ل ) : إشاره الى العقل الفعال المسمى جبريل ، وهو أوسط الوجود الذي يستفيض من المبدأ ويفيض الى المنتهى ،
( م ) : إشاره الى محمد " صل الله عليه واله " الذي هو آخر الوجود تتم به دائرته وتتصل بأولها .
( ذلك الكتاب ) : الموعود : أي : صورة الكل المومى اليها بكتاب الجفر والجامعه المشتمله على كل شيء ، الموعود بأنه يكون مع الإمام المهدي " عجل الله فرجه " في آخر الزمان لا يقرأه كما هو إلا هو ، والجفر لوح القضاء الذي هو عقل الكل والجامعه لوح القدر الذي هو نفس الكل .
فمعنى كتاب الجفر والجامعه : المحتويان على كل ما كان ويكون .
عند التحقيق بأنه الحق ، وعلى تقدير القول معناه بالحق الذي هو الكل من حيث هو الكل لأنه مبين لذلك الكتاب الموعود على ألسنة الأنبياء وفي كتبهم بأنه سيأتي كما قال عيسى عليه السلام : " نحن نأتيكم بالتنزيل ، وأما التأويل فسيأتي به المهدي في آخر الزمان "
نحن نؤمن ونقر بأن تأويل الكتب والقرآن أن تأويله عند أئمة الهدى " عليهم السلام " وعند الإمام المهدي " عجل الله فرجه " في آخر
الزمان .
أي إنا منزلون لذلك الكتاب الموعود في التوراة والإنجيل بأن يكون مع محمد " صل الله عليه واله " لدلالة قوله ( هذا الكتاب ) .
أي : ذلك الكتاب المعلوم في العلم السابق ، الموعود في التوراة والإنجيل حق بحيث لا مجال للريب فيه .
أي هدى في نفسه للذين يتقون الرذائل والحجب المانعه لقبول الحق فيه .
واعلم : أن الناس بحسب العاقبه سبعة أصناف لأنهم : إما سعداء ، وإما أشقياء ، قال الله تعالى : " فمنهم شقي وسعيد " والأشيقاء أصحاب الشمال ، والسعداء إما أصحاب اليمين ، وإما السابقون المقربون قال الله تعالى : " ( وكنتم أزواجاً ثلاثه " الآيه ،
وأصحاب الشمال إما المطرودون الذين حق عليهم القول وهم أهل الظلمه والحجاب الكلي المختوم على قلوبهم أزلاً كما قال تعالى : " ولقد ذرأنا لجهنم كثيراً من الجن والإنس ) " الى آخر الآيه ، وفي الحديث الرباني : " هؤلاء خلقتهم للنار ولا أبالي " .
وإما المنافقون الذين كانوا مستعدين في الأصل ، قابلين للتنور بحسب الفطره والنشأه ، ولكن احتجبت قلوبهم بالرين المستفاد من اكتساب الرذائل وارتكاب المعاصي ، ومباشرة الأعمال اليبهيميه ، والسبعيه ، ومزاولة المكايد الشيطانيه ، حتى رسخت الهيئات الفاسقه والملكات المظلمه في نفوسهم ، وارتكمت على أفئدتهم فبقوا شاكين حيارى تائهين ، قد حبطت أعمالهم ، وانتكست رؤوسهم فهم أشد عذاباً وأسوأ حالاً من الفريق الأول لمنافات مسكة استعدادهم لحالهم ، والفريقان هم أهل الدنيا .
وأصحاب اليمين : هم أهل الفضل والثواب الذين آمنوا وعملوا الصالحات للجنه راجين لها راضين بها ، فوجدوا ما عملوا حاضراً على تفاوت درجاتهم ، ولكل درجات مما عملوا ، ومنهم أهل الرحمه الباقون على سلامة نفوسهم ، وصفاء قلوبهم ، المتبوؤن درجات الجنه على حسب استعدادهم من فضل ربهم ، لا على حسب كمالتهم من ميراث عملهم .
وإما أهل العفو الذين خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً وهم قسمان :
- المعفو عنهم رأساً لقوة اعتقادهم ، وعدم رسوخ سيئاتهم لقلة مزاولتهم إياها ، أو لمكان توبتهم عنها ، فأولئك يبدل الله سيئاهم حسنات ،
- والمعذبون حيناً بحسب ما رسخ فيهم من المعاصي حتى خلصوا عن درن ما كسبوا ، فنجوا وهم أهل العدل والعقاب ، والذين ظلموا من هؤلاء سيصيبهم سيئات ما كسبوا ، لكن الرحمه تتداركهم وثلاثتهم أهل الآخره .
والسابقون إما محبون وإما محبوبون ، فالمحبوب هم الذين جاهدوا في الله حق جهاده ، وأنابوا إليه حق إنابته ، فهداهم سبله ، والمحبوبون هم أهل العنايه الأزليه الذين اجبتاهم وهداهم الى صراط مستقيم ، والصنفان هما أهل الله ، فالقرآن ليس هدى للفريق الأول من الأشقياء لامتناع قبولهم للهدايه لعدم استعدادهم ، ولا للثاني لزوال استعدادهم ومسخهم وطمسهم بالكليه بفساد اعتقادهم ، فهم أهل الخلود في النار إلا ما شاء الله ،
فبقى هدى للخمسه الأخيره الذين يشملهم المتقون ،
والمحبوب يحتاج الى هداية الكتاب بعد الجذب والوصول لسلوكه في الله لقوله تعالى لحبيبه : ( كذلك لثبت به فؤادك ) وقوله : ( وكلاً نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك ) .
والمحب يحتاج اليه قبل الوصول والجذب وبعده لسلوكه الى الله وفي الله .
والحمد لله رب العالمين .
***********************
***********************
إرسال تعليق
التعليق على الموضوع :