الطريق الى الله / 3

بسم الله الرحمن الرحيم
 اللهم صل على محمد وال محمد

الطريق الى الله 

5 - من خصائصها : إنها دعوه واضحه تحدد للأنسانيه أشواطها البعيده وتدعوها للأنطلاق في مجالاتها الطليقه المحببه .
لأن وظيفة الرسول : التبيين والتوضيح والأرشاد ، فلا غمغمه ولا غموض ولا أبهام ( قالوا ربنا يعلم إنا كنا اليكم لمرسلون وما علينا إلا البلاغ المبين ) .
التبليغ والبيان من شأنهم ووظيفتهم ولأن الحجه لله لابد أن تقوم  ولابد أن تكون بالغه ، ومن لوازم ذلك أن تكون جليه واضحه ( فلله الحجه البالغه ) .
6 - ومن خصائصها : إنها قويه مصممه :
فهي دعوه تستمد وجودها وقوتها في الصمود - أمام أعدائها الألداء الاشداء - من الله تبارك وتعالى الذي بيده ملكوت كل شيء واليه ترجعون .
فالدعاة الذين الذين عمر الايمان قلوبهم فراحوا يدعون الى الله وفي سبيله لا ترهبهم قوه مهما كانت عاتيه ، ولا يبهرهم بهرج مهما كان فاتناً ، وقد إستمسكوا بالعروه الوثقى ، ولهم من الصبر أعظم قوه ومن الله أعظم مدد .
أن أهمية الأخلاق وضرورته في دعوة الله تبارك وتعالى ، فهي تركز على ضرورة الأخلاق في تكوين الأنسان الفاضل كالشجاعه بما تستلزم من أقدام في الأمور واستقامه على المبدأ وجرأة على المصارحه وصدق اللقاء .
والتسامي وما يستدعيه من تطهر وترفع وإيثار ، وتأكيد الصله بالله تبارك وتعالى والتعامل معه تعامل شوق ومحبه ينسيه كل عناء في الطريق  .
والصبر وما يستوجبه من مثابره وثبات وجلد .
والحكمه وما تفرضه من ورع وتحفظ ورزانه وتعقل في الامور كلها والمشاركه الوجدانيه وما تتطلبه من تفكير بالفائده لخلق الله تعالى وأسداء النفع وتقديم المسرات لهم ، وما يستطيع أن يقوم به من نصحهم ودعوتهم الى دين الله القويم .
إذاً يمكننا القول : بأن المظهر البارز في الدعوه الأسلاميه هو الأخلاق .
التشريع الاسلامي سواء أكان في الاقتصاد أم في الاجتماع ومن  بينه نظام الأسره والأحوال الشخصيه ، والسياسه والعباده وغير ذلك مما يحتاجه اليه من التخطيط الذي يكفل سعادة الانسان وكماله ، كل ذلك لا يتم إلا بالطريقه الأخلاقيه التي تبناها الأسلام في تشريعه العظيم الحكيم .
الأخلاق ملكه راسخه في النفس أو سجايا ذاتيه للفرد ينبعث عنها سلوك نظيف ، فالمجامله التي ليس أساس داخلي مداهنه الى الكذب والتصنع أقرب الى الأخلاق التي هي أساس تكامل الشخصيه الأنسانيه الفاضله .
ومن هنا تظهر أهمية الحديث عن الأخلاق والدعوه أليه خصوصاً في عصرنا الذي طغت  فيه الماده والدعوات الماديه  الفاجره الماكره ، وضاعت المقاييس الخلقيه . وأبتعد الناس عن دينهم وجهلوا صلتهم بخالقهم العظيم إلا في حدود ضيقه ، في الوقت الذي لا حياة ولا سعاده ولا خير إلا في إدراك هذه الصله والعمل بما تستوجبه .

في الحاجه الى تهذيب الأخلاق 
وبيان ثمرتها  وشدة الاعتناء  بشأنها

أعلم أيدك الله أن النبي " صل الله عليه واله " قال : أنما بعثت لأتتم مكارم الأخلاق 
ولا التباس في ذلك فأن أمر المعاد والمعاش لا ينتظم ولا يتهنى طالبه إلا بالخلق الكريم ، فلا تتوهم أن العمل الصالح الكثير ينفع من دون تهذيب الخلق وتقويمه بل يجيء الخلق السيء فيفسد العمل الصالح كما يفسد الخل العسل ، فأي نفع  فيما عاقبته الفساد  ولا  تتوهم أن العلم الكثير ينفع من دون أصلاح الخلق وتهذيبه حاشا وكلا ، فأن أهل البيت " عليهم السلام " قالوا : لاتكونوا علماء جبارين فيذهب بحقكم باطلكم ،  
ولا تتوهم أن صاحب الخلق السيء يقدر أن يتهنأ بمعاشرة والد أو ولد أو زوج أو صديق أو رفيق أو دار أو أستاذ أو تلميذ ، كلا بل كلهم يتأذون منه وينفرون عنه ، وكيف يمكنه أكتساب الكمالات المتفرقه في الناس وأهل الكمال ينفرون منه ويهربون عنه .
واعلم أن من نظر الى طريقة أهل البيت " عليهم السلام " ويتتبع في أثارهم وجد هدايتهم للخلق وجلبهم للدين ، إنما هو بأخلاقهم الكريمه ، وبذلك أسروا شيعتهم فقالوا كونوا دعاة للناس بغير ألسنتكم ، بل يعنون بأخلاقكم الكريمه وأفعالكم الجميله حتى تكونوا قدوه لمن أقتدى وأسوه لمن تأسى ، فاذا ظهر أن المعاش والمعاد أنما يتمان بمكارم الأخلاق وان أتمام مكارم الأخلاق هو فائدة البعثه التي ما صح الوجود إلا بها .
تبين أن تهذيب الأخلاق مقدم على كل واجب وأهم من كل لازم ، ومع ذلك هو مفتاح كل خير والمنبع لكل حسن والجالب لكل ثمره والمبدأ والغايه .
أنظر فيما ورد من أن الكفار يثابون على مكارم الأخلاق وفرط الذي كان دأبه مخالفة النفس فجره ذلك الى الأيمان ، وفي الذي كان سخياً وكان من الأسرى عند النبي " صل الله عليه واله " فنزل جرئيل " عليه السلام " من الله عز وجل بأن لا تقتلوه لسخائه فجره ذلك الى السلامه في العاجل والفوز في الجنه آجلاً .
فاذا عرفت هذه المقدمه التي يظهر لكل من أختارها وجرب صحتها وصدقها ،
فاعلم وفقك الله وأرشدك  أن لأهل البيت " عليهم السلام " أصولاً في الأخلاق وقواعد وضوابط تعين ملاحظتها على كسب الأخلاق بسهوله ويسر لا بتكلف وعسر كما يدور عليه كلام علماء الأخلاق .
فأن  النبي " صل الله عليه واله " آتانا في علم الشريعه بالشريعه السمحه السهله موافقاً لما أخبر به ربه عز وجل من أنه يريد بنا اليسر ولا يريد بنا العسر وانه ما جعل علينا في الدين من حرج ، كذلك في علم الطريقه فتح لنا أبواب اليسير وسد عنا ابواب العسير
فلا يثبطنك الشيطان عن أخذ نصيبك من علم الاخلاق ، بأن ذلك أمر صعب يتوقف على مجاهدة النفس ، ورياضات بالغه !
وأين أنت عن ذلك فأنّا رأينا أهل  المجاهدات الشاقه والرياضيات البالغه ما أوصلتهم إلا لمقاصد دنيويه ومقامات رديه من غير رسوخ لهم بطريقة أهل البيت " عليهم السلام " ولا تشبه لهم في اطوارهم وأصل هذا المعنى وبيانه :
ان تعلم أن الله سبحانه وتعالى بلطف حكمته وجميل صنعته بهر العقول وأمتحن أهلها بأن طلب من الخلق أموراً كليه عظيمه ،
وجعل مفاتيحها أنواراً جزئيه حقيره ، فمن أستعظم الأمور الموصله اليها وتهاون عنها فأنه ما أريد منه ، وكان ذلك من أعظم الامتحان له .
ومن توسل بتلك الأمور الجزئيه أوصلته الى تلك المطالب النفيسه الكليه ، فهو لم يأت إلا الجزئي الحقير مع أنه أوصله الى الكلي النفيس الكثير وذلك من أعظم السعادات له .
فتدبر هذه الحكمه البالغه وأمعن النظر يظهر لك كيف أقام الحجه البالغه على هذا الخلق ، وأكمل لهم النعمه السابغه فيالها من نعمه ،
كيف أوصلهم بهذه الجزئيات الى هذه المراتب الساميه، ويالها من حجه ،
كيف عرضوا أنفسهم للهلكه الدائمه ، والعقاب الأليم ، وكان يخلصهم منها الاتيان بجزئيات حقيره .
فمن تأمل هذه الحكمه وأقبسها من أثار أهل البيت " عليهم السلام " ظهر له معنى قوله إن من أستقل قليل الرزق حرم كثيره وأن مبدأ كل الشرور والمهلكات هو أستقلال القليل واستحقار الحقير ، كما أن مبدأ الخير نابع من مفهوم هذا الحديث وان من لم يستقل قليل الرزق لم يحرم كثيره ، وبعد تتبعك هذا المعنى تجد شواهده في الحل المحكم ، والاخبار لا تحصى ولا تعد ، منها قولهم أتقوا محقرات الذنوب وقولهم لا تستحقروا طاعه فربما كان رضا الله تعالى فيها ، ولا تستحقروا معصيه فربما كان سخط الله فيها ، الى غير ذلك من أخبارهم " عليهم السلام " فاتضح للمستبصر المسترشد أن طريقة الشرع الشريف المحمديه إنما هي مبنيه على أمور جزئيه سهله يسيره بأذن الله هي موصله الى أسنى المطالب وأهنى الرغائب .
ويزيد هذا المعنى وضوحاً التأمل في  الحديث القدسي حيث يقول رب العزه سبحانه ( إن من تقرب إلي شبراً  أتقرب أليه ذراعاً ) ،
فاذا كان هو سبحانه يدنوا الى من دنا منه ويدعوا الى نفسه من أدبر عنه ، فكيف بمن أقبل اليه وقرع بابه .
وكفاك قول سيد العابدين في دعاء السحر : ( وأن الراحل اليك قريب المسافه وأنك لا تحتجب عن خلقك الا أن الراحل اليك قريب المسافه وأنك لا تحتجب عن خلقك إلا أن تحجبهم الآمال دونك أو تحجبهم الأعمال السيئه .
والحمد لله رب العالمين 

Post a Comment

التعليق على الموضوع :

أحدث أقدم